من عظَمة الإسلام أنّه لم يترك صغيرةً ولا كبيرةً إلا جعل لها حُكماً، وقد أُشير في بعض النّصوص إلى الحُكم الشرعيّ للحِقد، وحالاته، ومتى يجوز ومتى لا يجوز؛ حيث يختلف الحُكم الشرعيّ للحِقد حسب حال الحاقد والمحقود عليه، وبيان ذلك فيما يأتي: إذا كان الباعث على الحِقد وسببه الرئيسيّ هو الحسد لشخصٍ معيّنٍ دون وجه حقّ، ودون أن يُسيء المحقود عليه للحاقد، فإنّ ذلك مذمومٌ مبغوضٌ في الشّريعة الإسلاميّة، حيث يكون دافعاً لإثارة التّباغض والتّحاسُد بين المسلمين، ممّا يؤدي إلى انتشار العداوة والإضرار بالناس والمجتمع، ونتيجةً لذلك ستنتشر الجرائم والقطيعة بين الأقارب، وقد ورد النّهي عن مثل هذا النوع من الحِقد والتّنبيه إلى أضراره في كتاب الله -سبحانه وتعالى- في وصف حال المُنافقين الذين يُظهِرون الإيمان، ثمّ يُبطِنون العِداء للمسليمن، قال تعالى: (هَا أَنتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ۚ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ). إذا كان الدّافع للحِقد ظُلماً تعرَّض له الحاقد من المحقود عليه؛ بحيث لم يتمكّن من دفعه بيده أو لسانه، ولم يستطع استيفاء حقه منه ممّا جعل الحِقد يتشكّل في قلبه على ذلك الظالم، أو أنّ الحِقد كان على كافرٍ يؤذي المسلمين بأفعاله، أو كلامه، أو نحو ذلك، ولم يتمكّن أحدٌ من المسلمين من ردّ أذاه عن الإسلام وأهله، فإنّ هذا النّوع من الحِقد غير مذمومٍ شرعاً، وينبغي على الحاقد أن يُبادِر إلى العفو عن ظالمه إن كان مُسلماً، بعد أن يُزيل الحِقد الذي في قلبه عليه ما دام يستطيع أخذ حقّه منه، ويُعَدّ ذلك من الإحسان، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَٰئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ*إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ*وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ).