وصف المولى سبحانه نفسه بصفتين مشتقتان من الرحمة، وقد حملتْ كلّ من الصفتين صيغة المبالغة وهما: الرحمن على وزن فعلان، والرحيم على وزن فعيل، فالله -سبحانه وتعالى- هو الرحيم بعباده وحده دون سواه، ورحمة الله لا تُماثل رحمة المخلوقين، ولا شك أن رحمة الله -تعالى- لا يضاهيها شيءٌ، فهي تفوق كل شيء، يقول تعالى: (وَرَحمَتي وَسِعَت كُلَّ شَيءٍ). وقد شبّه النبي رحمة الله -تعالى- للصحابة بمشهدٍ حقيقيٍّ حصل أمامهم، إذ أضاعت أمٌّ ابنها الرضيع في الحرب، وبعد انتهاء الحرب أخذت تبحث عنه في القتلى والجرحى، فلما وجدته أخذته وضمّته، فسأل النبي أصحابه: (أَتَرَوْنَ هذِه المَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا في النَّارِ؟ قُلْنَا: لَا، وَاللَّهِ وَهي تَقْدِرُ علَى أَنْ لا تَطْرَحَهُ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: لَلَّهُ أَرْحَمُ بعِبَادِهِ مِن هذِه بوَلَدِهَا).