الشعب هو كلمة السر فى جميع الانتصارات وعلى الشباب أن يأخذ دروسًا فى كيفية التحول من الفشل إلى الانتصار الدرس الحقيقى هو تحمل الشعب للإجراءات الاقتصادية الصعبة واختفاء الفساد من أجل استرداد الأرض والعرض والشرف جسد الانتصار العظيم فى 6 اكتوبر 1973 ملحمة كبرى فى تاريخ المصريين شعبًا وجيشًا، وفى تاريخ العرب أنظمة وشعوبًا.. إنها الحرب التى لم يتوقعها أحد.. إنها المرة الأولى التى ينتصر فيها العرب على إسرائيل منذ قيام تلك المستعمرة التى دعمها الغرب منذ نشأتها، وتبارت دولة فى دعمها بالمال والسلاح، حتى تحول جميع سكانها إلى جيش لديه نهم غير إنسانى فى الاحتلال والقتل. لقد حطم المصريون فى أكتوبر أسطورة الجيش الذى لايقهر، وفتك أحفاد الفراعنة بجيش من المشردين فى الأرض، تم تجميعه من كل مكان ليكون شوكة فى حلق الأمة العربية. لقد كانت حرب أكتوبر المجيدة حرب وجود خاضها أصحاب التاريخ والحضارة والتقاليد والأعراف ضد المشردين الذين لفظهم الغرب وأراد التخلص من شرورهم، فجمعهم فى مكان وأعطاهم كل ما يريدون دون حساب وفتح أمامهم أحدث الترسانات العسكرية، ليكون لهم وجود ودولة فى تلك المنطقة وجعلوا منهم أسطور'، تمهيدًا لاستخدامهم فى تحقيق أهدافهم ومصالحهم. لقد تحملت القوات المسلحة والشعب المصرى أعباء طرد هذا الجيش من سيناء، وأيضًا أعباء إنهاء تلك الأسطورة ودحر خطرها عن الأمة العربية.. إنها ملحمة عظيمة توحدت فيها الآمال والطموحات وامتزجت فيها الوطنية بالتضحية وعبر الجيش والشعب معًا خط المستحيل رغم التفوق العسكرى والفارق المعنوى والدعم اللامحدود للعدو. المصريون حاربوا بعقولهم قبل سلاحهم، فدمروا خط بارليف المنيع الذى تباهى به العدو، وطلب السوفييت ضربه بالقنبلة الذرية، فكانت العبقرية المصرية أن دمرته بالمياه، وتغلبوا على التفوق العسكرى بالمقاتل المصرى، الذى واجه الموت وحارب المستحيل، وأصبح هو الأسطورة، بعد ان داس اسطورة الجيش الذى لايقهر ب «البيادة». واليوم وبعد مرور 47 عامًا على هذا الانتصار العظيم، فلا زالت حرب 73 هى أكبر وأشرس حرب تم تنفيذها فى ساحة الميدان، ففيها دارت أكبر معركة بالمدرعات بعد الحرب العالمية الثانية، وشهدت أطول معركة جوية استمرت لأكثر من 53 دقيقة فى قتال جوى متلاحم، إنها الحرب التى صنع فيها المقاتل الأسطورة بجسده سدًا بشريًا أمام احتياطى تعبوى مدرع. التقينا مع اللواء أ.ح محمود خلف مستشار أكاديمية ناصر العسكرية العليا وأحد أبطال حرب أكتوبر الذين خاضوا حرب استرداد الكرامة بكل شرف عزة حتى جاءوا بالنصر بوقوف الله معهم وهم صائمون، واللواء أ. ح محمود خلف هو أحد أبطال اكتوبر تخرج فى الكلية الحربية عام 1964 ثم التحق بقوات الصاعقة، وشارك فى حرب اليمن و67 وحرب الاستنزاف وانتصار اكتوبر، وبعد الحرب عين قائدًا للقوات الخاصة منذ أعوام 1974 إلى 1984، ثم قائدًا للحرس الجمهورى ما بين اعوام 1994 إلى 1999، ثم تولى منصب محافظ الأقصر فى الفترة من 1999 إلى 2001 ويعمل حاليًا مستشارًا لأكاديمية ناصر العسكرية. ويرى خلف ان انتصار أكتوبر هو فى الأساس انتصار للعقلية المصرية قبل أن يكون انتصارًا عسكريًا، حيث استطاعت القوات المسلحة التغلب على كافة العقبات التى وقفت أمام الانتصار من خلال الفكر، كما يؤكد أن ثورة 30 يونيه بمثابة العبور الثانى حيث تلاحم الشعب والجيش فتحقق الانتصار مثلما حدث فى نصر أكتوبر. وأضاف اللواء أن حرب أكتوبر بها دروس من تاريخنا, والظروف الحالية تستدعى دروسا كثيرة من وحى التاريخ. فلا أحب شخصيًا أن تأخذ ذكرى الحرب شكل الأغانى والأنشطة الشكلية, فقيمة الانجاز التى تم خلال حرب 6 أكتوبر لا تأتى إلا بسرد الوقائع التى سبقت الحرب لأن المقارنة بين الحال التى كنا عليها والحال بعد الحرب هى أصدق تعبير عن حجم الانتصار. فاستعد الشعب للمعركة وربط الحزام فالكل يجمع على أن الشعب كان صاحب الإنجاز فى الحرب. وأقول لمن يضيق من الأجواء التى نعيشها الآن ويشتكى من ارتفاع الأسعار والتذمر وعدم الصبر أقول لهم الشعب المصرى وقتها كافح بكل جهد واتخذ إجراءات حازمة من تلقاء نفسه لحماية الأمن القومى فلقد كان المصريون ينامون من المغرب لمدة ست سنوات دون أن يفرض عليهم قانونًا بذلك ولكن حدث ذلك من تصرف طبيعى منهم نابع من الحالة النفسية السيئة التى عاشوها فى هذه المرحلة فالذى تتعجب منه أن تلك الآونة لم يكن هناك حرامى أو بلطجى وهذا كله موثق. وفى حرب أكتوبر كنت بقيادة الجيش الثانى الميدانى ومن العمليات التى قمنا بها غلق طريق سدر عن طريق الطائرات الهليكوبتر, والإنزال البحرى لقطع الطريق الساحلى لكى يتصل ببورفؤاد، بالإضافة إلى عمل وحدتنا على اختراق الثغرات ما بين خط بارليف بسرعة بحيث نمنع وصول الدبابات لهذا المكان. ومن العمليات المهمة على خط بارليف التى قامت بها مجموعة الصاعقة مع مجموعة المشاة والتى عملت معنا من القنطرة حتى الإسماعيلية دمروا اللواء مدرع 200 بالكامل بحيث لم تكن هناك ماسورة فى موضعها فى تلك المدرعات لدرجة أن موشى ديان عندما شاهد ذلك اللواء بعد تدميره يوم 7 اكتوبر لطم بالتعبير العامى وجاءته حالة هيستيرية وصرح وقتها بخراب الهيكل الثالث، وذهب للقاء جولدمائير ليطلب سحب القوات لأنه يخشى من وصول القوات المصرية لقلب إسرائيل. وأكد اللواء أن الشعب هو كلمه السر فى جميع الانتصارات، مناشدًا الشعب ان يقلل كلامه ويعمل كثيرًا من اجل تحقيق نجاحات اقتصادية، وهذا هو دور المواطن خلال هذه المرحلة لأن مصر تحتاج كل دقيقة يتم تضييعها، والأهم اننا واجهنا خط بارليف ولم نعرف المستحيل وكنا نعمل وبهذه الروح لابد ان يعمل الشعب، وفى الماضى كان العدو الاسرائيلى يطلق طائراته وقاذفاته لاخافه هذا الشعب وكان يبثون اشاعات لاخافتنا لكننا لم نردد ما يقولون اما الان اى كلام غير دقيق كتب على مواقع التواصل الاجتماعى يتم ترديده بشيء يهدد الأمن القومى المصرى والاستقرار، والآن هم يعلمون انه لا يوجد قوه تستطيع تهديد الشعب الان فيلجأون إلى زرع الفتن وهناك مهاويس يصدقون ويرددون، فالعمليات الارهابية ليس هدفها هو قتلنا بل هدفها هو تخويف الشعب لكننا لا نخاف ومصر ناجحة وتسير إلى التقدم والاستقرار. والمطلوب من الشعب أن لا يشغل، بما يحدث الآن فى سيناء، فهى مهمة الجيش فقط، وهو المسئول عنها لانها مهمته، أما الشعب يهتم بأخبارها فقط لكن من غير المعقول ان تستحوذ على كل اهتماماته لانها هى عملية القوات المسلحة فقط، الشعب له مهام أخرى يؤديها حتى يسهل على الجيش مهمته. وأشار اللواء إلى أن هزيمة 67 كانت درسًا للقوات تعلموا منها الكثير لتحقيق نجاحهم فى 73، وهذا الذى نناشد به الشباب أن يخرجوا بدرس من اى فشل لهم، لأن الفشل ليس نهاية العالم، التصميم على النصر ليس بالأمانى والأمنيات، فى طريق تسلكه من عرق وكفاح حتى تعبر هذا الفشل وتحوله إلى نجاح، ويجب الإجابة عن السؤال لماذا انا فشلت، وعندما نستطيع الإجابة على السؤال نكون بذلك بدأنا فى أول طريق النجاح. والتاريخ يعلمنا الا نكرر أخطاءنا وإذا تحدثنا عن حرب أكتوبر دعنى أقول أنى من الجيل الذى تخرج في الكلية الحربية عام 1964 ووقتها كان عمرى 20 عامًا وشاركت فى حرب اليمن وعدت منها فى مايو 67، ثم رجعت إلى سيناء وتحركت مع وحدتى لكن حدث ما حدث من هزيمة للجيش المصرى لأن اغلبية الجيش وقتها كان احتياط والجزء الآخر لم يعد من اليمن، وبعد هذه النكسة قامت القوات المسلحة بإعادة تقييم نفسها، وأجابت عن السؤال المهم إلا وهو ماهى نقاط قوة العدو ونقاط ضعفه، وكذلك ما هى نقاط قوتنا ونقاط ضعفنا، وأنا اعتقد أن الإجابة على هذه الأسئلة من خلال البحث والعمل على معالجتها ساهم بشكل كبير فى أن تكون الحرب على هذا النحو الذى تمت عليه، فالقوات المسلحة كانت أمام عدة تحديات تمثل نقاط قوة العدو وهى خط بارليف واحتلال الأرض وقدرة الطيران الإسرائيلى على الوصول إلى عمق الأراضى المصرية، والقوات المسلحة مهزومة وعليها إعادة بناء نفسها حتى تتمكن من القدرة على المواجهة. وكانت هذه الايام هى الدرس الحقيقى، فالشعب تحمل الإجراءات الاقتصادية الصعبة واختفى الفساد وتحمل الجميع من أجل استرداد الأرض والعرض والشرف والأهم كان الشعب المصرى لا يخاف ولا يهاب أحدًا، تخيل أن الطيران الاسرائيلى كان يطير أعلى ميدان التحرير والشعب المصرى لا يهتم ولا يخشاه لأنه لو خاف الشعب قضى الأمر. وأكد اللواء أن الذى يقترب من حدود مصر تكسر قدمه، أن أرى كيفية قوة جيشنا لأنى أدرس فى أكاديمية ناصر العسكرية وأعى ذلك تمامًا، نحن لم نحضر الْيَوْمَ كى نقص ما تم من ذكرى للنصر او النكسة، ولكى نؤكد على درسين هامين النجاح والفشل، وأكد أهمية دور الإعلام المصرى وأن يكون فى بوصلة الاتجاه وألا يغيب عن الدور المهم والحيوى، الذى يخطو للأمام وينهض بالبلاد، فمصر التى كسبت فى الحرب قادرة على ان تكسب فى كل المجالات اقتصادية واجتماعية وخلافه، وكل ما أرجوه من الاعلام ان يقوم بدور المعلم فى كيفية أن تكسب مصر. فالإعلام هو المنارة التى تكشف لنا الطريق الصحيح بعيدًا عن اللهو، مشيرًا إلى أن كل تخوفه يكون من الشائعات التى تنشرها بعض وسائل الاعلام وتؤثر بالسلب على البلاد. وناشد الاعلام أن يقوم بدور فعال فى توجيه شباب مصر، إلى الأفضل، وحذر من الشائعات التى تدمر الإرادة والعزيمة وتصيب بالاحباط واليأس، ونوه إلى ان الحرب الحالية الأكثر خطورة هى حروب الجيل الرابع التى تعتمد على نشر الشائعات والأكاذيب وتصيب بالفتن. فمن المخاطر الحقيقية ان نجد فى وسائل التواصل الاجتماعى العدو يعيش بيننا، ويبث الأكاذيب والخدع التى يخضع إليها الكثيرون وينساق وراءها. المعركة الحقيقية الان هى معركة الاعلام التى يخوض فيها التصدى للشائعات. فالإعلام المصرى هو الذى قاد مصر فى حرب الاستنزاف، وسعى فى رعب العدو وكان سببًا رئيسيًا فى تحقيق النصر، ونفس الشيء الآن أنه يجب على الإعلام أن يؤدى دورًا مهمًا فى كل ما يخدم مصر حتى تنتصر البلاد فى كافة المجالات الصناعية والزراعية والتجارية، أعنى الانتصار فى الحرب من أجل التنمية.