العناية بذوي الاحتياجات الخاصة إحدى مؤشرات حضارات الأمم، كما يؤكد الباحثون، ورغم حاجة هذه الفئة إلى الرعاية وحماية حقوقهم في التعليم والتدريب والرعاية الصحية والاجتماعية والنفسية لتمكينهم من المساهمة بشكل فعال ومؤثر في تنمية وتطوير المجتمعات التي ينتمون إليها،.فإن الكثيرين منهم يتميزون في بعض المجالات الرياضية والثقافية والعلمية، حتى أن بعض المعاقين ذهنياً استطاعوا حفظ أجزاء كاملة من القرآن بل إن منهم من أتم حفظ القرآن كاملا . القرآن وزيارة البيت على الرغم من أن عبد الوهاب محمد عمره 32 عاماً إلا أن عمره العقلي لم يتجاوز طفل يبلغ ثمانية أعوام، ورغم أنه يعاني من الإعاقة الذهنية إلا أنه حفظ القرآن الكريم كاملاً وحصل على المركز الأول في مسابقة القرآن في رمضان 2010، وكان أحد المكرمين على مستوى الجمهورية . من السهل على عبد الوهاب الإجابة عن أي سؤال يتعلق بالقرآن الكريم، ويستطيع تلاوته، والجميل في الأمر أنه مواظب على الصلوات الخمس وصيام الاثنين والخميس من كل أسبوع، والثلاثة أيام القمرية من كل شهر، فضلاً عن ذلك فهو شديد البر بوالديه، وتؤكد والدته سالمة عبد الحميد - مدير عام بالتربية والتعليم – أنه يذكرها بمواعيد دوائها ويبادر بالاطمئنان عليها، ويساعد أباه المهندس الزراعي قدر استطاعته في المزرعة الخاصة بهم . وتضيف : أن عبد الوهاب لم ينطق إلا عند بلوغه 14 عاماً، وكان موهوباً في حفظ القرأن الكريم وتمكن من حفظه كاملاً، وتم تكريمه العام الماضي لأنه من أوئل الجمهورية. وتعرب عن سعادتها بما وصل إليه ابنها بعد رحلة الكفاح معه حيث يشعر الآن بأنه ذو قيمة وأهمية في المجتمع. متابعة : لم أعزله عن المجتمع يوماً فأنا مؤمنة أنا وأبوه بأنه هدية لنا من الله، وكنا نفضل اصطحابه معنا في الخروج من المنزل على أشقائه الثلاثة الأسوياء، ولم يكن يعكر صفونا إلا نظرة المجتمع له، ولكننا لم نكن نبالي واستكملنا كفاحنا معه حتى أصبح يشعر الآن أنه إنسان طبيعي لديه موهبة في حفظ القرآن، كما زوجناه من فتاة سوية ذات تعليم متوسط بكامل رضاها وهو يحسن عشرتها .أما عبد الوهاب فلا يتمنى من الدنيا إلا زيارة بيت الله وأداء العمرة . مواهب سمعية من يرى محمد أشرف لا يستطيع الحكم عليه بأنه من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولا تظهر إعاقته الذهنية إلا عندما يتكلم نتيجة عيب خلقي في أجهزة النطق، فعمره الطبيعي 13 عاماً ولكن عمره العقلي لم يتجاوز الأربعة أعوام، ومع ذلك فهو يجيد التعامل مع الموبايل، ولديه موهبة خاصة في تمييز الأصوات وكلاكسات السيارات حتى لو تشابهت، والأجمل في الأمر أنه يواظب على الصلوات الخمس وحافظاً للكثير من قصار السور . أما محمد رفعت فهو شاب مبتسم للحياة ومقبل عليها، عمره الطبيعي 29 عاماً ولكن عمره العقلي لم يتجاوز ال8 سنوات، لعبت والدته دوراً مهماً في رعايته واكتشاف موهبته في حفظ القرآن، حيث كانت تفاجأ به يردد آيات الذكر الحكيم بعد الاستماع إليها في الراديو، وألحقته بمؤسسة أبرار مصر لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، واستطاع حفظ جزء كامل من القرآن، كما أنه لا يهاب مواجهة المجتمع ويساعد أمه في بعض الأعمال البسيطة كشراء احتياجاتها من السوق أو إعداد كوب من الشاي لها . ورغم أن محمد لا يعي التمييز الاجتماعي الواقع علي ذوي الاحتياجات الخاصة، فإن أكبر أمانيه العمل في أي مهنة ليشعر بقيمته في الحياة. طاقات مهدرة قد يرى البعض أن ذوي الاحتياجات خاصة المعاقين ذهنياً لا يمكن استثمارهم كطاقة منتجة في المجتمع، إلا أن إسماعيل طنطاوي رئيس مجلس إدارة مؤسسة أبرار مصر لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، يؤكد أن هؤلاء الأطفال أو الشباب طاقة معطلة يمكن الاستفادة منهم كأعضاء منتجين في المجتمع، عن طريق تعليمهم بعض الحرف اليدوية البسيطة . موضحاً أن الأطفال المعاقين ذهنياً في حاجة إلى لعب رياضات تناسبهم، حيث تساعدهم على تفجير طاقات الإبداع بداخلهم، والأهم من ذلك أن الرياضة بالنسبة لهم تسيطر على طاقتهم الكبيرة.. فهم يتمتعون بطاقة حركية عالية قد تؤدي بهم إلى تكسير الأشياء القريبة منهم، ويتمتعون أيضاً بطاقة جنسية عالية لا يسيطر عليها أو يوجهها إلا الرياضة وتعليمهم حرفة يفرغون فيها طاقتهم بطريقة مفيدة، وهذا ما تدعو إليه المؤسسة من خلال إنشائها مجمع الأبرار ليضم 10 منشآت رئيسية و10 فرعية، بها مدرسة للتربية الفكرية ودار إقامة للفتيات الأيتام ودار إقامة للمسنين المعاقين، وملاعب رياضية بقياسات عالمية للمعاقين .