لا تنظر جماعة الإخوان إلا للسلطة.. تسعى للانفراد بالدولة والسيطرة على كل مفاصلها تستخدم كل الأسلحة التى تملكها لتزيح القوى الوطنية من طريقها لتبقى وحدها فى المشهد دون أن ينافسها أحد أو ينازعها فصيل سياسى ولا تنظر الى مصلحة الشعب ولا صالح الوطن المهم عندها هو امتلاك مفاتيح السلطة لتورثها الى رجالها بعد انتهاء ولاية الرئيس مرسى وهى ترفع شعار ولتذهب الدولة وتبقى الجماعة. الإخوان ليس فى جعبتها أكثر من سلاح الدين لتناور به وتحارب من يواجهها وتدعى أنها الوحيدة القادرة على توزيع صكوك الغفران والتدين على الشعب وأنها صاحبة امتياز الدين وتحتكر الحديث باسمه ولا أحد غيرها والدليل أنه عندما قام حزب الدستور بتوزيع دعاية للحزب على المصلين فى صلاة عيد الفطر انزعجت الجماعة لمجرد أن حزبا سياسيا استخدم نفس ممارساتها فى الحكم وشنت هجوما عنيفا على الحزب وهدد القيادى الإخوانى حسن البرنس بأن ما فعله الدستور يثبت أن مقولة لا دين فى السياسة انتهت. سياسات نظام الرئيس المخلوع مبارك مهدت الطريق للجماعة وأعدت المسرح لها للوصول الى السلطة فنسبة الأمية والجهل وصلت حسب آخر إحصائية للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء الى 26.1% من مجموع الشعب المصرى وهى نسبة مرتفعة جدا ساعدت الجماعة على الوصول الى هؤلاء خاصة أن الدين يشكل أفكارهم وعقائدهم. الجماعة وجدت الدين سلعة رائجة فاختارته سلاحا للوصول الى عقول وقلوب البسطاء ولكن هذا السلاح أبطل مفعوله بعد أن وصلت الجماعة الى السلطة ولم يعد له أى تأثير على الشعب خاصة أنهم اهملوا القضايا المعيشية للمواطن سواء رغيف العيش أو البطالة وزيادة الأجور وتحسين مستوى الخدمات واهتموا بالاشتباك مع القوى السياسية و«أخونة» مؤسسات الدولة فانكشفت سياساتهم وخرج الشارع ضدهم فى مظاهرات عنيفة. والغريب أن الجماعة التى حققت فشلا فى إدارة البلاد بعد أن وصلت الى السلطة تستخدم قضايا الشريعة للتغطية على الإخفاقات السياسية التى تحققها فكلما انخفضت أسهمها فى الشارع تعيد الحديث عن تطبيق الشريعة وإقامة الحدود وكأن مصر دولة كافرة رغم أنها لا تدرك المعنى الحقيقى لتطبيق الشريعة وأنه فى الأساس إصلاح أحوال المواطن وتهيئة البيئة من حوله لعدم ارتكاب أى معاص وذنوب. ولكن سلاح الدين مازال له مفعول السحر عند شباب وأعضاء الجماعة ويحقق أهدافه بامتياز وتمكن القيادات من السيطرة على أعضائها عبر هذا السلاح وتحت شعار السمع والطاعة سلبت حقوق اعضائها فى التفكير وتقييم الأمور وهذه نقطة الخلاف بين الجماعة والقوى الوطنية. فالشارع الآن يتحرك وفق رؤيته وما يحدث من سياسات تشق الصف الوطنى ولا أحد يستطيع من رموز الحركة الوطنية أن يجبر أى أحد على المشاركة فى أى تظاهرة عكس شباب واعضاء الجماعة الذين يتحركون وفق رؤية قياداتها وهم الذين يحددون شكل التظاهرة والشعارات التى ترفع فيها وأماكن الوقفات وأعداد المتظاهرين ويحرك القيادات الأعضاء مثل العرائس وكله باسم الدين. دعت الجماعة الى مظاهرات مؤيدة للإعلان الدستورى لخلق رأى عام مؤيد للرئيس نشرت على أحد مواقعها الالكترونية دعوة الى شبابها الى الجهاد فى سبيل الله ودعت فى بيان قبل ساعات من بدء المليونية التى نظمتها أمام جامعة القاهرة إلى الجهاد فى سبيل الله ورفعت حالة التعبئة العامة داخل الجماعة. ووجه المكتب الإدارى للجماعة فى الدقهلية ما أطلق عليه «رسالة إلى صف الإخوان» دعت فيها الجماعة أفرادها إلى أن تعيش بروح المجاهدين وتتخفف من الدنيا وأن تستحضر نية الجهاد والرباط فى سبيل الله وقالت الجماعة إن هدفها من الرسالة نصرة الله وأن يرتفع لواء الدعوة وتحقيق أهدافها ووصف البيان جماعة الإخوان بأنها حماية لدعوة الله والقادرين على نصر دعوته، واعتبرت أن الأمر ليس مجرد مقرات تحرق أو قرارات تجد صدودا من المناهضين وإنما صراع بين الحق والباطل وإن ما يحدث اليوم ليس بداية الصراع وبالطبع ليس النهاية. والحقيقة أن ما تدعو اليه الجماعة ليس إلا جهادا فى سبيل السلطة التى وصلت اليها بطريقة ديمقراطية ولكنها انقلبت عليها بعد ذلك وتريد أن تحكم بالديكتاتورية ولا يشاركها أحد فى الحكم وتكفر كل من يخرج من عباءتها أو يعارضها فلا يوجد لديها غير سلاح الدين الذى قامت الجماعة من أجله فتوغلت فى السياسة ونسيت الدين. جهاد الجماعة فى سبيل السلطة لن ينتهى فهى تضع مكاسبها السياسية أمام عينيها ولا تريد أن تتنازل عن أى سلطات أو تحكم بتوافق وطنى فهى تظن أنها الآن حامى الدولة والدين وكل المعارضين لها أعداء للدين وتكفرهم وتشن هجوما عليهم وليس مسموحا لأحد سواها بحماية الدين ونصرة الشريعة. الدكتور مصطفى كامل السيد استاذ العلوم السياسية قال انه منذ استفتاء مارس فى العام الماضى على التعديلات الدستورية دشنت جماعة الإخوان المسلمين وحليفتها القوى السلفية سياسة الدين رغم أنها كانت تستخدمها من قبل ولكنها وجدته سلعة رائجة فاستقرت عليه كسياسة خاصة انه فى عالم السياسة والاقتصاد ليس لديهم حجج أو خبرات أو أسلوب إدارة يصلحون بها أحوال المواطنين. وأشار الى أن الجماعة تعتبر نفسها متحدثه باسم الدين وتكفر من تشاء وكل من يختلف معها يدعون أنه من أعداء الاسلام فى حين ان المشاكل التى تعانى منها مصر لا تتعلق بالدين وكل القوى السياسية ليس لديها اى موانع فى تطبيق الشريعة ولكن الخلاف ليس فى الدين ولكن فى كيفية حل مشاكل المجتمع عندما وجدت الجماعة أنها عاجزة استخدمت الدين لمواجهة خصومها وإرهاب معارضيها. واشار الى أن الجماعة تريد أن تقطع الطريق على معارضيها وتحاول ان تعوض شعبيتها التى فقدتها فى الشارع باستخدام الدين فهى صاحبة شعار «الإسلام هو الحل» وليس لديها مانع فى أن تنشر الشعارات الدينية لتختبئ وراءها. وقال: إن فهم الشارع لتلك القضية الآن ليس بالقدر الكافى ولكنهم فى المستقبل سيدركون حجم الخطأ الذى وقعت فيه الجماعة لتدارى عجزها عن حل مشاكلهم ومن الصعب أن تستمر تلك السياسة من جانب الجماعة ولكنها الآن فى مأزق وتريد الخروج منه دون خسائر. وأشار الدكتور إبراهيم زهران رئيس حزب التحرير الصوفى الى أن الإخوان يحكمون مصر بالفاشية الدينية والتى يكون فيها الدين وسيلة للسيطرة على العقول وهذا أقوى من الديكتاتورية فى الحكم خاصة أنها لا تريد أن يختلف معها أحد وتكفر من يخالفها الرأى بل إنها تصل الى مرحلة أنها تدعى أن مرسى هو اختيار الله ولو كان الوضع كذلك فكل الحكام السابقين والحاليين فى مصر هم اختيار الله ولكن المعنى ان رئيس الدولة لابد أن يكون لديه حلول للمشكلات التى يعانى منها المجتمع. وقال: إن الخطاب الموجه من الجماعة الى شبابها وأعضائها فج وخال من اللياقة والفكرة والقدرة على التعلم فما معنى انها تفسر لأعضائها أن ما يفعلونه من مخالفة القانون هو جهاد فى سبيل الله وانها تدعو شبابها الى الاستشهاد فهذه دعوة الى الحرب الاهلية. وأشار الى ان خطاب الجماعة لم يعد سلعة رائجة فى الشارع ولا يلقى قبولا الآن ولن يحقق أى نجاحات لها فى المستقبل لأن الشارع قضيته البطالة والأسعار وتحسين الخدمات وتلك قضايا لا يوجد لدى الجماعة أى فكر فيها أو خبرات لتقديمها ولا أى امكانيات او خبرات فهم لا يعرفون سوى التجارة فى البورصة وبيع وشراء الاراضى والعقارات. وقال: إن شباب الجماعة يحكمهم مبدأ السمع والطاعة باسم الدين ولكن هذا الأسلوب من الممكن أن يفشل فى المستقبل خاصة أنه اثناء حماية شباب الجماعة لمجلس الشعب حدثت اعتراضات من بعضهم على فكرة الاعتداء على شباب الثورة وسيأتى يوم يفكر فيه شباب الجماعة فى واقع الأمور التى نعيشها. وأشار وجيه شكرى القيادى بحزب التجمع الي أن الإخوان نجحوا بجدارة فى أن يوحدوا كل القوى الوطنية ضدهم وهم أصبحوا فى جانب وكل القوى السياسية فى جانب آخر وهى تدرك أن رصيدها نفد فى الشارع لذلك لجأوا الى خطاب الدين مرة أخرى لعله ينقذها من الانهيار فهى لا تملك غيره فهى تسعى الى الاستحواذ على السلطة باسم الدين. وأكد أن مبدأ السمع والطاعة الذى يحكم شباب الجماعة هو أقصى ما يمكن ان تقدمه الجماعة لشبابها فهى لا تملك أفكارا ولا قدرات ولا إمكانيات لتغيير الواقع السيئ الذى تعيشه البلاد.