حالة من الجدل الواسع خلقها الفيلم التونسى "مملكة النمل" المشارك فى المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي والذى عرض مساء أمس بالمسرح الكبير بدار الأوبرا حيث انقسم الحضور حول قوة الفيلم وضعفه في بعض المناطق. ويتناول الفيلم القضية الفلسطينية من منظور يدمج بين الواقع المعايش والأسطورة العربية وعقب انتهاء عرض الفيلم أقيمت ندوة أدارها الناقد د. رفيق الصبان وحضرها كل من المخرج شوقى الماجرى وصبا مبارك ومنذر رياحنة والمنتج ومدير الإنتاج. وبدأت الندوة بكلمة د. رفيق الصبان قال فيها: إن السينما العربية ربحت الكثير بقدوم المخرج شوقى الماجرى إليها بعد نجاحه فى الدراما التليفزيونية وكم من مخرجين عالميين نجحوا فى الدراما التليفزيونية وتحولوا إلى السينما ليقدموا أعمالا شديدة التميز، منهم المخرج الأمريكى إستيفن سبيلبيرج، "فأستطيع أن أقول إن السينما حلم شوقى القديم، فرغم نجاحه فى التلفزيون وحصوله على جوائز عديدة، إلا أن حلمه لم يخفت بل صنع لنفسه أسرة فيلمية عملت معه فى كل أعماله على رأسهم مدير التصوير إلى جانب أبطال الفيلم ممن عرفناهم فى تجارب فنية متعددة". وأضاف الصبان : "شعرت بأن شوقى متأثر بأستاذه الكبير المخرج تركوفسكى الذى يدمج الولقع بالأسطورة، فهذا الفيلم يعتمد على الدلالات بلغة شعرية رائعة بجانب البعد الحركى، أما البطلة صبا مبارك فهى معروفة لدينا كممثلة استطاعت أن تدخل المنافسة مع نجمات مصر وتفوقت على كثير منهن وأكدت موهبتها من خلال فيلمين ومجموعة من الأعمال الدرامية التليفزيونية لأنها تمتلك الجمال والثقافة والموهبة ونفس الشيء ينطبق على البطل منذر رياحنه الذى أدهشنا فى مسلسل "الأمين والمأمون" وصبر كثيرا حتى تم إعادة اكتشافه فى مصر من خلال العمل كمساعد للبطل فى مسلسل وبخبث شديد التهم المسلسل كله". وتحدث المخرج شوقى الماجرى عن الفيلم قائلا : "إن الفيلم أصبح ينتمى إلى الجمهور وليس لى فقد بذلنا فيه مجهودا كبيرا بدء من الفكرة ورحلة البحث عن التمويل ثم التصوير حتى خرج للنور لأننا كأسرة الفيلم صممنا على هذا العمل الذى يتناول قضية هى الهم الشاغل للعرب جميعا، وهى فلسطين التى حملها أجيال متعاقبة على كاهلهم وقد رمزت للعرب بالحصان لأنه الحاضر فى كل أساطيرنا وبطولاتنا العربية وله فى موروثنا أكثر من 50 اسم. وأضاف شوقي : "إن من أكثر الصعوبات أن أخلق الإحساس الذى وصل المشاهد وأن أحافظ على وحدته فقد صورت الفيلم فى سوريا وتونس فجميع المشاهد فوق الأرض تمت فى سوريا لتشابه طبيعتها مع فلسطين أما ما صور داخل الارض والكهوف فتم تصويره فى تونس". وحول ما إن كان هذا العمل لأبطال حقيقيين أوضح الماجري قائلا: "إننا نسمع عشرات بل مئات من القصص حول مغاوير وأبطال عاشوا تحت الأرض يناضلون الاحتلال والقمع الاسرائيلى فنحن نعلم هذا وما يهمنى وأردت ايصاله هو أننا نعيش التاريخ فى باطن الأرض فالصراع العربى الاسرائيلى لم يعد مباشرا كما فى الماضى وهذا ما أردت توضيحه". وعن استخدامه الرمزية وغلبة الروح الاسطورية فى العمل أجاب شوقي قائلا : "جزء من ثقافتنا لا يعرف فك رموزه سوى أصحاب الثقافة الواحدة؛ فعندما نقدم جزء من أسطورة عشتار نعرف دلالاتها والتفاحة جزء من موروثنا الثقافى وطقس قديم لمفهوم الخصوبة وموجود حتى الآن لدى بعض العرب، وما زالت نساء عربيات يمارسن هذه الطقوس رغم أن الأديان أبطلتها، ولكننى أرى أن الفيلم يميل للمجازية أكثر من الرمزية لأن الرمزية مغلقة على من ينتمون للثقافة الواحدة أما المجازية فى أكثر انفتاحا وقد يستوعبها الجميع، والفيلم لم يلقى الدعم الإنتاجى العربى وفى بعض الدول العربية ترفضه عندما نطرح الفكرة لذا أخذ كل هذا الوقت خاصة وإننا لم نرد دخول إنتاج أجنبى حتى لا يفرض علينا شروطه". وتداخل البطل منذر قائلا : "لا توجد جهة إنتاج أجنبية تدعم عملا للقضية الفلسطينية إلا وخلفها هدف ما لأن الأجانب لا يهتمون بهذه القضية من الأساس وأنا لم أتخوف من الشخصية التى قدمها ولم يهمنى مساحة الدور لأن همى انصب على الشخصية ومدى تأثيرها فى الأحداث". أما البطلة صبا مبارك فأكدت أنها لم تشعر بأى صعوبة فى الشكل أو المظهر وهى تقدم المراحل العمرية المختلفة للبطلة ولكن الصعوبة فى إظهار المشاعر الدفينة لهذه الشخصية فهى عندما أصبحت أم أصبح الإحساس أصعب لخوفها على ابنها هل عندما يخرج من البيت سيعود أم لا ؟ وهو غحساس تعيشه المرأة الفلسطينية طوال أكثر من نصف قرن فهذه أصعب فرضية فى الدور . وعن أدائها الذى يميل إلى المسرح اكثر منه سينما أكدت صبا: الفيلم ليس بمساحة البكاء والعويل بل بمدى المشاعر الصادقة التى يصل للمشاهد ولا يوجد وسيلة تشبه وسيلة أخرى فى الفن وعندما تدقق فى العمل تجد أصابع الماجرى فى إخراج هذه المشاعر وما يعنينى أن هذه المشاعر وصلت للجمهور حقيقية فكنت أرى أننى أجسد فلسطين فى الحقيقة . وأكد المنتج أن الربح ليس الهدف الاسمى فى الفن فمن وجهة نظرى ان الفيلم التجارى هو من ينجح مع الجمهور و يصل لكل الفئات وهذه النوعية من الأفلام لها جمهورها .