تقييد حرية الإعلام قضية تشغل الرأى العام بشكل واضح، بعدما تجلت العديد من الوقائع التى تنذر بأزمة حقيقية بين الإعلام الذى يمثل صوت الشعب، والسلطة التنفيذية التى يمثلها الرئيس وجماعته. الكارثة أنه بدأت تتناثر أخبار الآن عن وجوب حصول الإعلامى على تصريح قبل تصوير أى حدث، واتجاه آخر لإلغاء برامج البث المباشر على الهواء لتكون كلها مسجلة - تجنباً للآراء السياسية الساخنة ضد الإخوان، وفى ظل أزمة إغلاق قنوات دريم، وحبس بعض الصحفيين لإهانتهم الذات الرئاسية، يتبادر الى الأذهان سؤال واحد، هل الإعلام هو المرشح للأزمة القادمة مع الرئاسة بعد تفاقم الصراع بين السلطة القضائية والتنفيذية، وهل هناك بالفعل مؤامرة على حرية الإعلام كما يقال، خاصة بعد مشهد الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، ورفع الجماعة شعارات تنادى «الشعب يريد تطهير الإعلام»، وأخرى منافسة من ميدان التحرير تنادى «الشعب يريد إسقاط النظام»، هل ستصل النتيجة لما وصلت إليه بين القضاة والرئيس، كل منهما يعيش فى عالمه ويصدر قراراته والغليان فى الشارع مستمر وتبقى المصلحة الشخصية هى شعار المرحلة وتدفع مصر وحدها الثمن. شافكى المنيرى: إما الدفاع أو الموت سعيا للحرية الخوف على المستقبل السمة الرئيسية لنا كإعلاميين.. هكذا ردت الإعلامية شافكى المنيرى عن رؤيتها للأزمة، وقالت انها تتوقع اتساع رقعة الأزمة بين الإعلام وما يحدثه الرئيس على الساحة، وأضافت رغم أننى من الإعلاميين الذين يتبنون مدرسة العقل ونقل الخبر دون صناعته بعيدا عن رأيى لأن مصلحة مصر لابد أن تكون موجودة لكن يبدو أنه ليس هذا هو المطلوب فى ظل الإعلام الإخوانى، هو ما خلق لدينا كإعلاميين قلقا لأن الثورة أهم اهدافها «الحرية» والتى لا تعنى اننى أملك حرية سلطة فافعل ما أريد لكن انا لديّ حرية مسئولة. وأضافت المنيري: إن الاعلامى عندما يتحدث معروف تاريخه وأهدافه واتجاهاته، لكن الآن الإعلام فقد سلطته التى كانت سلطة رابعة فاصبح السلطة المتهمة، ففى قضية قطار أسيوط رغم كل المتهمين فيها لكن نرى اللوم وقع على الإعلام فى أنه هيج الرأى العام، رغم ان الشعب لا يستقى معلوماته فقط من الإعلام ولا يحتاج الى كل هذا كى يحزن على تلك الكارثة، نحن نبنى مصر والإعلام بعد الثورة ينقل كل خبر والجمهور هو من يحكم، وأى اتجاه لإسقاط حرية الإعلام لن يصمت عليه الشعب المصريون ولا الإعلاميون الأحرار مهما كانت حجم المضايقات. وتستكمل المنيرى أن الإعلامى الآن يواجهه أزمة حقيقية فى عمله نتيجة للكوارث الكثيرة والاضطرابات التى تحدث بشكل زائد عن الحد، فالإعلامى مضطر أن يظل «أون لاين» طوال الوقت يقرأ كافه وسائل الاعلام بشكل مستمر، حتى قبل الهواء بثوان نتواصل مع كافة الوسائل التكنولوجية الحديثة، فالإعلامى اليوم لم يعد هو الذى يتكاسل عن متابع الأخبار لكنه من يحافظ على متابعة كافة الأحداث بشكل لحظى حتى لا ينصرف عنه الناس، الأحداث موجودة باستمرار ولابد أن نستوعب أننا يجب أن ننقل الخبر أيا كان، لأننى لو لم أتحدث سيتحدث غيرى وستنشره وسائل الإعلام الأخرى أو حتى وسائل التواصل الاجتماعى أو حتى الإعلام الإسرائيلى الذى يتحدث عما يحدث فى مصر لحظة بلحظة، لابد أن نعترف أن هناك إعلاميين يزيدون فى كلامهم وآخرين لديهم أجندات خاصة، ولكن الإعلام الحر لا يمكن أن أتهمه بأشياء معممة، نحن أمام رئيس منتخب نادى بالتقويم ونشر الحرية وقال لن أغلق قناة أو صحيفة فى وجودى أتمنى أن يرد على فيما يحدث الآن فى المجال الإعلامى. فإذا كان الرئيس وطنيا يخاف على مصر فالإعلاميون أيضا وطنيون ويحافظون على بلدهم ويعبرون عما يحدث بكل أمانة، والإعلامى الآن الذى يتخاذل ويمسك العصا من المنتصف أطالبه بأن يبتعد عن العمل الآن، فالموقف هو السيد الآن، وأضافت أن الأزمة الحقيقية سوف تتفاقم بين الإعلام والرئاسة لا محالة والقلق زائد لدى السلطة بشكل كبير ووضح ذلك فى آخر خطابات الرئيس، وأتوقع أن يكون الهدف من تلك الأزمة هو إنتاج فصيل إعلامى واحد هو المتحدث وآخر غير موجود، وللأسف الشديد بدأ ذلك يظهر على الساحة، هناك تغطيات بدأت تظهر شبه التغطيات الموجودة فى عصر النظام السابق، لكن أعتقد أن الرئاسة لن تفلح فى ذلك لأن المواطن المصرى تغير تماما ويجب على الحكومة أن تتعامل مع مواطن جديد، فالمصرى قبل الثورة مختلف تماما عما بعد ثورة 25 يناير، الجميع الآن أصبح لديه حقوق للمواطنة وأصبح يعى ضرورة حصوله على إعلام حر وسليم وصادق لا يمكن أن يتم تكميم أفواه الصحفيين أو إغلاق صحيفة، لأنها سبت الرئيس والأسوأ من ذلك لا يمكن أن نجد صحيفة قومية كما كانت تمجد الحاكم وتجعله «إلها»، وتخلص شافكى إلى أن الحر سيظل حرا حتى لو كان على حساب حياته لأن الإنسان الذى تربى على أساس الحرية لن يسكت مهما حدث. ياسر عبد العزيز: المرشد وصفنا بسحرة فرعون والأزمه ستتفاقم علق المستشار الإعلامى ياسر عبدالعزيز أستاذ الاعلام وقال: بالفعل بدأت تتخذ خطواتها الحقيقية بين السلطة التنفيذية والإعلام بشكل واضح، وسببها يكمن فى فقدان الثقة وحالة التربص المتبادلة بين الطرفين بشكل واضح، وتتجلى مظاهر الأزمة فى أن السلطة الإخوانية، قررت أن تسيطر على وسائل الاعلام المملوكة للدولة، من خلال أدوات تنفيذية وتشريعية موروثة من عهد مبارك، فالصحف القومية الآن تحت سيطرة مجلس الشورى وهو أكثرية إسلامية، واتحاد الاذاعة والتليفزيون ومصالح الدولة فى الهيئات الإعلامية تحت سيطرة وزير إعلام ينتمى لجماعة الإخوان المسلمين، فهذا الأمر يخلق حالة من عدم الثقة واستشعار المخاوف والاستهداف من قبل الجماعة الإعلامية، بالإضافة للقضايا التى رفعتها الرئاسة وجماعة الإخوان ضد إعلاميين وعمليات السب والقذف والشتائم المتبادلة، إضافة الى قرارات من نوعية وقف بث قنوات دريم من الاستوديو الأصلى لها أو تحويل عدد من الإعلاميين فى التليفزيون الرسمى الى التحقيق، بحجة اهانة الرئيس أو التهديدات التى يتلقاها الاعلاميون بشكل سافر أو مبطن من قبل أقطاب فى السلطة مثل الرئيس نفسه أو وزير الإعلام أو قيادات فى حزب الحرية والعدالة، إضافة الى التوقيت الاستراتيجى الذى يلخص رؤية جماعة الإخوان تجاه الإعلام والإعلاميين بأنهم خائنون، فهذا الأمر خلق أزمة وتجلت فى انسحاب 2 من الصحفيين من الهيئة الاستشارية للرئيس وهم فاروق جويدة وسكينة فؤاد وانسحاب نقابة الصحفيين من الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، وبالفعل بدأت تتواجد رغبة لجماعة الإخوان المسلمين فى توسيع رقعة نفوذها فى المجال الإعلامى بموازاة ذلك، فهى تحاول ان تستخدم أدوات قانونية وسلطوية وإجرائية إدارية من أجل التقييد على المجال الإعلامى الذى يستهدفهم ويجب أن نذكر فى هذا الصدد أن بعض الممارسات الإعلامية السيئة المنحازة تعطى لجماعة الاخوان بعض الذرائع فى هذا الصدد. ويواصل: الأزمة بين الاعلاميين والرئاسة تتفاقم وقد تصل الى ذروتها خلال أيام، وأضاف أتصور ان الأزمة ستصل الى تصعيد من جانب الطرفين احدهما لديه سلطة سيستخدمها للجم الاعلاميين، وطرف آخر لديه سلطة رمزية ذات دلالة اعتبارية قد يستخدمها فى الضغط على النظام مثل إجراءات الإضراب أو تسويد الشاشات أو إصدار الصحف، وبالتالى الضغط على النظام وإحراجه، وأنا أدعو الطرفين الى ضبط النفس وتعزيز الثقة والكف عن الاستهداف. جمال عنايت: انتهى عصر الكلمة الواحدة والرأى الواحد المؤشرات كلها سلبية فى إمكانية التوافق بين الرئاسة والإعلام، هكذا علق الإعلامى جمال عنايت، وأكد أن الأزمة تتحدد لدى السلطة بدرجة استيعاب الإعلام للحرية والدور الذى عليه أن يؤديه، فالإعلام يبحث عن حق المتلقى أو المشاهد فى المعرفة لأن المعرفة حق أصيل فى إبداء الرأى وسماع الرأى والرأى الآخر، أما إذا كنا نريد أن نتحول إلى الرأى الواحد أو الكلمة الواحدة فنحن نتراجع إلى الخلف عشرات السنوات، وأضاف عنايت حتى الآن أجد مؤشرات سلبية لم تتأكد، فعندما أغلقت قناة دريم قيل إنها مسألة قانونية ليس لها علاقة بحرية الإعلام، وصرح وزير الإعلام بأنه لم يتدخل، لكن يظل الشك فى النوايا، على الأطراف جميعا أن تتصرف بعقلانية فالإعلاميون لن يتخلوا عن حرياتهم أو المكاسب التى حصلوا عليها طوال السنوات الماضية، ولا نقابة الصحفيون ولا الإعلاميون سيوافقون ولا أى مصرى حر سيوافق على كبت حريته، وأتمنى ألا يصل الصدام بين الطرفين مثلما حدث بين السلطة التنفيذية والقضائية، لأن الوضع سيكون سيئا للغاية ولا أتمنى أن يحرم المشاهد المصرى حق المعرفة لأنها حق أصيل والحدث الواحد له أكثر من وجهة نظر، وأؤكد أن السلطة لن تتمكن من الاستحواذ على الإعلام بعد 25 يناير، لأن الإنتاج العام كله أصبح يدعو للحرية ولا يمكن أن نعيد عقارب الساعة للوراء حتى لو كانت هناك محاولات لأن التطور التكنولوجى يجعل الجميع يعبر عن رأيه ويصل بكل سهولة إلى ملايين الناس. مريم أمين: إعلام الفصيل الواحد لا يستمر اعتبرت الإعلامية مريم أمين أن الأزمة المنتظرة ستشمل كافة القطاعات الموجودة بالدولة، بدأت بالسلطة القضائية وستكتمل بشكل واضح مع مجال تلو الآخر، خاصة بعد غلق القنوات وغلق الصحف، وأضافت أمين أنا لا أنكر تخوفاتى فى الخطورة على مستقبل الإعلام، فكلما خرج شخص ليتحدث يتم تكميم الأفواه ليسيطر فصيل واحد فقط على الشاشة، أتمنى أن تمر تلك المرحلة السيئة فى مصر بسلام، لأننا لو ظللنا على هذا الوضع سنتجه إلى الأسوأ والأسود، الأمور تتطور بشكل كبير والتنبؤات التى تعودنا أن نعقلها فشلنا فيها، نحن نتمنى أن تخرج مصر من ذلك، لأن تكميم الأفواه لن يستمر كثيرا وفى كل يوم نسمع عن شخص منع من الظهور على الهواء وآخرين أعلنوا أنهم يتم تهديدهم، وقالت أمين إذا كنا نتهم عصر مبارك بأنه كبت للحريات فبماذا نصف هذا العصر فمبارك لم يغلق قنوات ولم يحبس أحدا لأنه خرج وانتقده على الشاشة، ولم نر سجنا للصحفيين المعارضين منذ عام 2006 لكن نحن الآن فى وضع غير مطمئن، ومصر سقطت فى عنق الزجاجة، نحن لا نريد أن ننفصل لكن هناك فصيلا يحاول الانفصال من أجل نفسه، وهو من سيخسر لأنه بعد 25 يناير لن يسكت المصريون على حرياتهم أيا كان القرار وأنا مثل غيرى أتمنى ألا تظهر قرارات تهديدية من الرئيس محمد مرسى إلى الإعلام لأنه ليس لمصلحة شخص أن تقام أزمة بين القيادتين سواء كان الرئيس مع أو ضد وسائل الإعلام لابد أن يستمع لما نقوله إذا كان فعلا يريد السماع للشعب ويريد أن يعرف نبض الشارع ويؤمن بالديمقراطية، مطالب الثورة فى الديمقراطية واضح أنها كانت لسماع رأى وفصيل واحد فقط فى مصر. جابر القرموطى: الإعلام أصبح شماعة كل مؤسسة وحدث وقال الإعلامى جابر القرموطى أصبحت أخشى أكثر على حرية الإعلام بعد تهديد رئيس نادى القضاة المستشار أحمد الزند لوسائل الإعلام، لاستضافه عناصر من حركة قضاة من أجل مصر، فالمشكلة الآن أن الإعلام سيواجه أزمة تعليق الشماعة عليه فى كل الأحداث، وكل شخص لديه مشكلة يسقطها على الإعلام ويقول إن الإعلام هو من كبر الأزمة باعتبار أنه يشرحها، فالإعلام من وجهة نظرى سيواجه مشاكل عن الفترة القادمة، وستعلق كافة المشكلات عليه، ويضيف: الغريب أن المتظاهرين فى الاتحادية رفعوا يوم الجمعة شعار الشعب يريد تطهير الإعلام وهذا يعنى أن مصر انقسمت إلى ثلاثة فصائل الأولى مع مرسى، والثانية ضده، والثالثة حزب الكنبة الذى سيظل مستمرا دائما وأبدا، الإعلام مضطر أن يستضيف كافة الفصائل لأنه لا أحد يتحدث باسم مصر، وبعد الإعلان الدستورى وصلنا إلى مرحلة التقسيم الحقيقية. وتابع القرموطى أتوقع إيجاد إعلام إخوانى مفصل، لأننا لو نظرنا لرؤساء تحرير الصحف القومية، فى مقالاتهم وعناوينهم تجد الصحف القومية مازالت فى معية رئيس النظام أو الغالبية التى تحكم، فهم ينتقدون كل من ينتقد مرسى وهذا حدث فى الأخبار والأهرام طرحوا أعدادهم بعناوين عادية جدا فى الوقت الذى لا ننكر فيه أن الأحداث ملتهبة والوضع الرئاسى خطير، على عكس صحف المعارضة التى نقلت الحالة كما يجب أن تكون ووصفوا الرئيس بالفرعون وغيره، حتى فى الصحافة أصبحنا ثلاث شيع إحداها مع الرئيس والنظام وآخر ضدهم والجانب الثالث يسير حسب مالك الجريدة الممول لها، لذلك مصر أصبحت مقسمة بشكل مخيف وسيحدث بلبلة, وإذا كل نظام تولى الرئاسة أصبحت له إذاعته وتليفزيونه وصحفه دون وجود معارضة فلنقول على الحرية السلام.