تحت عنوان "بعد لعبة السلطة والقوة.. مرسى والاسلاميون فى مواجهة الآخرين" نشرت مجلة " تايم" الامريكية تقريرا عن الأوضاع المتفجرة فى مصر. وقالت المجلة إنه بعد ظهر يوم الجمعة بثت قناة "الجزيرة" الإخبارية العربية على لوحة معبرة على شاشتها، قد تغلف بشكل جيد شكل دولة مصر الحديثة. فعلى جانب واحد من الشاشة المقسمة، كان يتحدث الرئيس "محمد مرسي" أمام الآلاف من أنصاره المبتهجين خارج القصر الرئاسي، وقال ، وهو يقف أمام خلفية من الطيور المحلقة:" لا تقلقوا دعونا ننتقل معا الى مرحلة جديدة ". وفي الوقت نفسه، أظهر النصف الآخر من الشاشة قنابل الغاز المسيل للدموع التى تطلقها قوات الأمن على عدد من المتظاهرين فى الشوارع الجانبية من ميدان التحرير ، بينما كان الآلاف من المتظاهرين في الميدان يتظاهرون ضد "مرسى" ويرددون العديد من الشعارات نفسها التي هتفوا بها ضد "حسني مبارك" منذ نحو عامين في وقت سابق. مادتان أثارتا الأزمة ورأت المجلة أنه أكثر ما يثير الانزعاج فى الإعلان الدستورى الذى أصدره "مرسى" ، هو أن جميع القرارات الرئاسية التي أصدرها منذ توليه منصبه في يونيو، وحتى يكون انتخاب برلمان جديد ودستور تمت الموافقة عليه، "نهائية وملزمة وغير قابلة للاستئناف من قبل أي وسيلة أو أي كيان، بالاضافة الى المادة التى تنص على : "يجوز للرئيس أن يتخذ الإجراءات والتدابير اللازمة لحماية البلاد وأهداف الثورة" ، فتلك المواد هى التى أثارت الجدل الكبير فى الشارع ، كونها غريبة ومفاجئة ، وتحصن الرئيس وقراراته بشكل غير مسبوق. مرسى قدم فرصة للخصوم وقالت المجلة ان الاجراء الذى اتخذه "مرسى" قدم فرصة للآخرين ، خصوصا اللاعبين الرئيسيين فى الساحة السياسية فى مصر ، مثل "محمد البرادعي" و"عمرو موسى" و"حمدين صباحى" لتشكيل جبهة ضد "مرسى" ، حيث بدأوا حملة ضده ووصفوه بالفرعون الجديد ، كما أن بعض مستخدمى موقع التواصل الاجتماعى " تويتر " أشاروا الى "مرسى" بأنه "مورسللينى" على وزن " موسولينى"( الزعيم الايطالى المعروف). النائب العام وإعادة المحاكمات واوضحت المجلة أن واحدة من المفارقات الغريبة أن كل الثوار المصريين ، أيا كانت ميولهم واتجاهاتهم ، كانوا يطالبون بإقالة النائب العام "عبدالمجيد محمود"، ويسعدهم رحيله ، حيث أنه ينتمى لعهد "مبارك" ، وبنظر إليه على نطاق واسع ، على أنه فشل فى توفير المحاكمة العادلة بعد الثورة لأسرة مبارك" ونظامه والمسئولين الأمنيين المقربين منه الذين شاركوا فى قمع ثورة 2011 ، كما أنهم جميعا طالبوا مرارا وتكرارا بإعادة المحاكمات لهؤلاء المسئولين الذين تم تبرئتهم او صدرت بحقهم أحكام مخففة، ومع ذلك رفضت تلك القوى المناهضة ل "مرسى" قراراته التى شملت إقاله النائب العام وإعادة المحاكمات!. وأشارت المجلة الى أنه حتى قبل صدور المرسوم، كان ميدان التحرير ممتلئا بالمتظاهرين ويشهد موجة من العنف لعدة أيام، فى اطار الاحتجاجات المصاحبة لإحياء الذكرى الأولى لما يسمى بأحداث "محمد محمود" فى نوفمبر 2011 ، وسرعان ما تحولت الاحتجاجات الى جولة جديدة من الاشتباكات فى نفس المكان، والتى بلغت ذروتها يوم الجمعة، حيث تدفق الآلاف على ميدان التحرير في مظاهرات ضد "مرسي"، واشتبكوا مع الشرطة عندما حاولوا القيام بمسيرة الى مقر البرلمان وزارة الداخلية القريبة، بينما كان الآلاف ايضا من انصار "مرسى" يحتشدون بقوة امام القصر الرئاسى تأييدا له . وأضافت المجلة أن المشهد لم ينتهى عند هذا الحد ، بل أن كلا الجانبين دعا إلى مظاهرات حاشدة يوم الثلاثاء المقبل. تبريرات الرئيس وأشارت المجلة الى أن "مرسى" يحمل بالفعل السلطة التنفيذية والتشريعية على حد سواء بعد أن تم حل البرلمان الذي يهيمن عليه الإسلاميون بأمر من المحكمة خلال الصيف، ولكنه ايضا بالمرسوم الجديد حصن نفسه من السلطة القضائية. ورغم ما أعلنه "مرسى" في أعقاب المرسوم، من أنه لا يسعى لسلطة غير محدودة وأن المرسوم هو خطوة مؤقتة ولكنها ضرورية من أجل حماية الثورة وضمان تحقيق الأهداف والمثل العليا للثورة ، إلا أن القوى الاخرى تقول أن مصر ليست فى حاجة لرجل جدير بالثقة ، ولكنها تحتاج لنظام من شأنه أن يجعل الرئيس ، بغض النظر عمن هو، مسئولا أمام الشعب وبعد ذلك فقط يمكن الوثوق به". الثورة فى خطر وقالت المجلة أن "مرسى" وفريقه يرون أن الثورة وربما الأمة قد تكون في خطر من أولئك الموالين للنظام القديم .. وبالتالى لابد مما لابد منه من اتخاذ قرارات ثورية لحماية البلاد. والمعنى الضمني في هذا البيان أن السلطة القضائية في مصر الباقية من عهد "مبارك" تشكل عقبة يجب التغلب عليها من أجل نجاح الثورة. وفى نفس الوقت، يرى الآخرون أن ما تم هو إعلان للحرب على القضاة بعد شهور من التوترات بينهم وبين جماعة الاخوان المسلمين والتي يعود تاريخها إلى حل البرلمان. توقيت المناورة وتأتي مناورة "مرسى" في وقت أسهمه الرئاسية كانت مرتفعة ، وبشكل خاص الاسبوع الماضي ، حيث نجح فى وساطة وقف إطلاق النار بين اسرائيل وحماس التي تسيطر على قطاع غزة ، ولاقى ذلك إشادة دولية وسط حديث عن علاقة جديدة ومزدهرة مع الرئيس الأمريكي "باراك أوباما". موقف أمريكا لكن يوم الجمعة، أصدرت وزارة الخارجية الامريكية بيانا أعربت فيه عن قلقها مما يحدث فى مصر وتركيز السلطة المطلقة فى أيدى الرئيس ، وقال البيان:" أن واحدة من طموحات الثورة هو ضمان أن القوة لن تكون مركزة بشكل مفرط في يد أي شخص واحد أو مؤسسة" ، واضاف البيان أنه لا يمكن للفراغ الدستوري الحالي في مصر أن يحل إلا من خلال إعتماد الدستور الذي يتضمن الضوابط والتوازنات، ويحترم الحريات الأساسية، وحقوق الأفراد، وسيادة القانون بما يتفق مع التزامات مصر الدولية". ميدان التحرير واضافت المجلة أنه منذ توليه منصبه، ذكر "مرسى" مرارا وتكرارا أن قوته وشرعيته تأتى من الشارع ومن ميدان التحرير على وجه التحديد، الآن تحول جزء كبير من هذا الشارع بعنف ضده ، وبعد أن كان ميدان التحرير لعدة أشهر هذا العام بشكل حصري تقريبا أشبه بإقليم من الأقاليم الإسلامية المؤيدة لمرسى ، أصبح بؤرة لحركة طازجة ضد حكمه ، ولا يمكن تجاهل ميدان التحرير كجانب رمزى ، ولا يمكن ان يتصور أنصار "مرسى" ان الشوارع المحيطة بالقصر الرئاسى تحل محل ميدان التحرير. وختمت المجلة بأن الايام المقبلة وما سيحدث فى الشارع من حشد سيحدد ، ما اذا كان "مرسى" سيواصل طريقه ، أم إنه سيتراجع عن بعض قراراته.