لماذا ستنسحب القوى السياسية المدنية من التأسيسية؟، ما هى المواد التي يصر عليها التيار السياسي الإسلامي ويرفضها المدنيون؟، هل اتخذوا قرار الانسحاب بسبب بعض المواد أم فقرات في مواد؟، لا أخفى عليكم أنني لا أعرف ما هي المواد ولا ما هى الفقرات، واتصلت ببعض ممن أثق فيهم وكلموني عن عناوين عامة، الدولة الدينية، تقييد الحريات توظيف مواد الدستور للتخديم على بقاء الإسلاميين فى السلطة، وغيرها من العناوين التى قد تقلق، كما أننى حاولت أن أفهم سبب انسحاب ممثلي الكنائس، قيل لى: بسبب الدولة الدينية، والغريب ان احد الأعضاء البارزين فى التأسيسية سبق وأكد لى أن اللجنة لم ترد للكنيسة طلبا ووافقت على جميع اقتراحاتهم. عندما تم تشكيل التأسيسية وبدأنا نسمع اقتراحات التيار الإسلامي خاصة السلفيين منهم، كنت متربصاً بشكل كبير لما يدور داخل اللجنة، وبعد مرور فترة من الشد والجذب اقتنعت أن هذه اللجنة بتركيبتها الحالية لن تصل للشاطئ بدستور يمكن أن تقبله جميع الأطياف السياسية، وكنت أنصح دائما بانسحاب الأحزاب والقوى السياسية المدنية منها، وعلى رأسها حزب الوفد لكى لا يتحمل وزر صدور دستور مشوه يبعدنا عن الدولة المدنية الديمقراطية، وكان الدكتور السيد البدوى شحاته رئيس الحزب مع منح القوى السياسية فرصة للحوار والمناقشة والرفض والاقتراح، لأن الانسحاب فى رأيه سيجعل التيار الإسلامي ينفرد بكتابة الدستور، وساعتها ستكون النتيجة سيئة جدا على مستقبل البلاد، وكلما تقابلت أو تحدثت مع الدكتور سيد كنت أكرر مطلبى بالانسحاب وهو يؤكد رؤيته بالبقاء، حتى صدرت المسودة الأولى من الدستور، وقد اطلعت عليها واستدعيت من الذاكرة ومن الأرشيف ما سبق واقترحته التيارات الإسلامية، واكتشفت ان الكثير مما اقترحته لم يدرج فى مواد الدستور، صحيح المسودة التى طرحتها اللجنة كانت مليئة بمواد وفقرات لا يقبلها عقل، لكن المحصلة النهائية أن فكرة الدكتور السيد البدوى فى البقاء والحوار والضغط كانت صائبة وانتهت إلى نتيجة طيبة، ومن هنا بدأت أقتنع بفكرة الحوار وعدم الانسحاب. أول أمس فوجئت بأن الهيئة العليا لحزب الوفد تميل أغلبيتها لفكرة الانسحاب، وعلمت انها قررت تفويض الدكتور السيد البدوى لإعلان القرار بعد إجراء مشاوراته مع القوى السياسية المدنية، وعلمت كذلك أن أغلب القوى السياسية، إضافة إلى ممثلي الكنائس المصرية قد قرروا الانسحاب من التأسيسية بسبب اعتراضهم على تصرفات التيار الإسلامي ومحاولته إصدار دستور يمثل الدولة الدينية، وتردد أن سبب هذه الأزمة بعض المواد التى اقترحها التيار السلفى، منها مادة تفتح الباب لجماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ومنها مادة تسحب البساط من شيخ الأزهر، وآخر تعطى لرئيس الجمهورية صلاحيات فرعونية. بالطبع أفكار مثل هذه تنحى بالدستور نحو الدولة الدينية، ومواده تمكن التيار الإسلامى من السيطرة على البلاد والتحكم فى تصرفات المواطنين بعيدا عن القانون، وهو ما قد يثير القلاقل والاضطرابات بين المواطنين وهو ما نرفضه بشدة، ويجعلنا نصطف خلف القوى السياسية وعلى رأسها حزب الوفد وندعم قرار الانسحاب، لكن ثمة سؤالاً: هل هذه الأفكار لا يمكن إلغاؤها بالحوار؟، هل القوى السياسية حاولت وفشلت؟ نحن نأمل من القوى السياسية قبل ان تعلن قرار تجميد عضويتها او انسحابها من التأسيسية، أن توضح لنا ما هى المواد التى اختلفتم عليها؟، وما هى الفقرات والأفكار التى رفضتوها؟، وما هي الأفكار البديلة التي قدمتموها؟، كما نتمنى عليكم ان تصدروا بيانا تسجلون فيه حيثيات قرار الانسحاب أو التجميد ولا تكتفوا بمؤتمر صحفى، لأن هذا البيان سيكون وثيقة يسجلها التاريخ مع وضد عندما يعكف بعض الباحثين على الكتابة عن اللجنة التى حاولت كتابة دستور الثورة.