يمثل المطرب الكبير هاني شاكر تيار النغمة المعتدلة، والجادة عبر مشواره مع الغناء الذي يعود إلي أكثر من ربع قرن. انحاز فيها لكل ما هو جاد. وصمد مع مجموعة أخري من الأصوات في وجه تيار قدم غناء مبتذلاً، وهابطاً أدي إلي تراجع قيمة الأغنية، لكن صمود هاني ورفاقه من المجاهدين أعاد كفة الميزان إلي الاعتدال، وأتصور ومعي الكثيرون أنه لولا وجود جيل الوسط، وظهور بعض الأصوات التي مشيت علي خطي هذا الجيل مثل آمال ماهر، ومي فاروق، وريهام عبدالحكيم وغيرهن لأصبحنا في مأزق كبير، لأن مصر لا يمكن أن تصاب بالعقم بعد جيل أم كلثوم وعبدالوهاب والسنباطي والموجي وبليغ وحليم الذين سطروا تاريخنا الغنائي، هاني كعادته ظهر خلال مهرجان الموسيقي العربية وكانت ليلته مليئة بالغناء، والمشاعر الطيبة المتبادلة بين النجم وجماهيره حول هذا الحفل مشاركته في برنامج «صوت الحياة وقضايا أخري» تحدثنا معه. * في هذا الحفل قدمت أغنية «لجل النبي» للكحلاوي وهو فنان من الصعب أن يؤدي أحد أغانيه إلي جانب أن الجمهور اعتاد علي أدائك لأغاني حليم؟ - هذا صحيح لأول مرة أغنيها بأوبرا القاهرة، والحمد لله كان استقبال الناس دليلاً علي حسن أدائها، وهو رغبة مني للتغيير. * لكنك قدمتها بإحساس وأسلوب هاني شاكر وشعرنا انها ارتدت ثوبك؟ - من نعم الله عليّ انني أغني بإحساسي بصرف النظر عن الصوت الأصلي للعمل، ورغم ان الكحلاوي- رحمه الله- مدرسة لم ولن تتكرر، ألا أنني قلت في نفسي أسهل طريق للنجاح، والوصول للناس هو أداؤك الخاص. كما أن إعادة التوزيع لكي يتناسب مع الفرقة المصاحبة أعطي انطباعًا بأنها ارتدت ثوبًا جديدًا. * لاحظنا أن البرنامج تضمن أغنية «صوت الشهيد» وهي تتناول الثورة المصرية فهل هي عمل جديد؟ - ليست جديدة لكنني بالصدفة أغنيها في الأوبرا فقط، وهي كلمات رامي يوسف وألحاني. * لكنك منذ فترة لم تلحن لنفسك؟ - التلحين بالنسبة لي إحساس بالكلمة يتحرك بداخلي، وهنا تكون لحظة الميلاد، لذلك لن تجدني كثيرا كهاني شاكر الملحن. * «ياريتك معايا» من أعمالك القديمة هل غناؤك لها بداية إعادة كلاسيكيات هاني شاكر؟ - منذ فترة قصيرة وأنا أحاول في كل حفل تقديم عمل من أعمالي القديمة، لأن الكثير من الجماهير، والنقاد دائمو السؤال، «فين أعمالك القديمة» مثل «حكاية كل عاشق»، و«كتبت لي السنين» و«كده برضه يا قمر»، و«سيبوني أحب»، و«قسمة ونصيب»، و«هو اللي اختار» وغيرها. وطالما ان الجمهور، والنقاد اتفاقا علي شيء لابد وانهما علي حق. * حفلك بأوبرا القاهرة هو الأول منذ فترة طويلة؟ - دعني أقول لك بالبلدي «هي فين الحفلات»، منذ سنوات طويلة ونحن لا ننظم حفلات، وبالمناسبة نحن كمطربين نعاني من هذا الأمر قبل الثورة، حتي لا نلقي بالأمر علي المسئولين الحاليين، والحمد لله ان الأوبرا موجودة لولاها ما كان هناك تواصل بيننا وبين الجماهير. * أين حفلات ليالي التليفزيون وأضواء المدينة؟ - هذا السؤال اسمح لي أن اسأله معك للقائمين علي ماسبيرو، وحتي لا أظلمهم أيضا الليالي والأضواء اختفوا خلال العهد الماضي، ولا نعرف ما أسباب هذا، وكأن هناك قرارًا بإعدام الحفلات قبل الثورة، لذلك أتمني من الوزير صلاح عبدالمقصود أن يعيد الحياة لهذا الشريان حتي لا تقع الناس فريسة للأغاني الهابطة والعملة الرديئة تطرد الجيدة. * هل لديك تصور تضعه أمام الوزير؟ - ما المانع أن يكون هناك حفل شهري ونبدأ بالقاهرة والاسكندرية ثم ننتقل لباقي المحافظات؟ * هل التراجع في تنظيم الحفلات تسبب في انهيار الغناء المصري؟ - طبعاً سبب رئيسي، ولو استمر الأمر هكذا لن تقوم لنا قائمة، وأتصور أن تراجع مشاركة المطرب المصري في المهرجانات العربية نتيجة لتلك السياسة، ودعني أقولها بصراحة إذا كانت دولتك تتجاهلك، فهل المطلوب من الدول الأخري أن تساندك، الاجابة طبعاً لا وألف لا. * هل فكرت في اقامة حفلات دورية بالأوبرا مثل عمر خيرت مثلاً؟ - والله أنا أتمني هذا، لأننا الجهة الوحيدة المؤهلة لذلك الآن، لأننا لو تركنا أنفسنا للدولة، أتصور أننا سوف نخسر. * هناك أصوات شابة تعاني من عدم الانتشار في رأيك كيف نساهم في دعمهم؟ - سوف أضرب مثلاً بتجربتي، من حسن حظي انني خرجت وسط نجوم كبار، وكان البلد مليئاً بالحفلات، فكنت أظهر مع وردة وشادية وفايزة، لذلك أتمني أن تعود الحفلات، يشارك فيها هذه الأصوات الشابة مع الكبار، وهنا يحدث التواصل، نحن الآن مفتقدون الحفلات، والنجوم هي التي تدعم هذه الأصوات، فالموهبة تحتاج للجمهور، وهذا لن يحدث بدون الحفلات، كما أن الوقت الحالي الساحة مليئة بالأصوات العارية، وأتصور أن أسماء مثل مي فاروق أو ريهام، لن تجاري تلك الأصوات لأن البيئة مختلفة، كما ان هذه الأسماء جاءت في وقت الشركات أعلنت افلاسها بسبب القرصنة علي إنتاجهم، دون تدخل من الدولة، وهو أمر خطير أتمني أن يجد حلاً خلال الفترة القادمة. * لو وضع الإنتاج والحفلات استمر علي هذا النحو هل من الممكن أن تصمد؟ - أكيد لأ. وهذا الوضع المتدهور أنا غير راض عنه من قبل قيام الثورة، وأتمني أن تنظر الدولة للفن علي انه سلاح يجب أن نستغله مثلما فعل عبدالناصر في تجميع العرب من خلال عبدالحليم وأم كلثوم وعبدالوهاب. * صدور قرار بضرورة غلق المواقع الإباحية هل يمنحك أملاً في ملاحقة قراصنة الأغنية؟ - أمل كبير وأتمني أن يتحقق هذا ويطبق القانون علي أي إنسان يخرج عليه، وحتي لو أن هناك مواقع تبث من الخارج أتصور لو أنهم علموا بتنفيذه بقوة سوف يتغير الأمر، لأن هذه الأمور سوف تحمي الصناعة، والإنتاج ليس مطربًا، وملحناً، وشاعرًا فهو مصدر رزق لفئات أخري كثيرة. * انتقل معك لبرنامج «صوت الحياة» ولعلك لاحظت كم الانتقادات التي وجهت له؟ - الناس حكمت علي هذا البرنامج قبل بدايته فالحلقات التي عرضت ما هي إلا نوع من التعارف لكن البداية الحقيقية قادمة قريباً ثم ان هذا البرنامج له «فورم» لا يجوز التلاعب فيه. وأنا سألت ادارة القناة لحذف المشاهد الخاصة بسقوط المتسابقين الي أسفل لكنهم أكدوا ان هذا ممنوع ويعرضهم لدفع تعويضات للشركة أو القناة صاحبة حق الملكية لهذا العمل، وبالمناسبة هذه الامور معروفة عالمياً. ثم ان المتسابق يعلم تماماً ما سيحدث له وهناك مواهب رفضت وخرجت من المسابقة. * هل نحن في مصر ننظر للامور بشكل مختلف عن أوروبا؟. - بالتأكيد هم ينظرون للامور ببساطة. * في رأيك هل هناك مؤامرة علي البرنامج؟. - أشعر بهذا لان الحكم جاء قبل البداية وهذا يؤكد أن الهجوم كان لمجرد الهجوم، والدليل عندما أعلن عن مشاركة نانسي عجرم في احدي الحلقات وجدنا اعتراضاً. * هل تتهم قنوات أخري منافسة؟. - الهجوم المتواصل يؤكد هذا وأنا شخصياً أعتبر هذا دليلاً نجاحاً. * لكن من انتقد أكد ان هناك نوعاً من الاستهزاء بالموهبة؟. - والله لا استهزاء ولا غيره وحاولت أنا وحلمي وسميرة التغيير لكن العقد شريعة المتعاقدين لا يمكن اللعب في شكل البرنامج. * كثرة هذه البرامج هل هي إفلاس غنائي؟. - والله أتصور سببها اختفاء الحفلات وهي تعويض عنها لكنه لا يحل محلها وهي موضة هذا التوقيت. * أشعر انك مهموم بما يحدث في الشارع المصري؟. - أتمني أن ينشغل كل منا بعمله حتي تعود مصر التي نحبها، الثورة قامت من أجل البناء وليس الهدم وعلينا أن نعمل جميعاً من أجل هذا ما أشاهده وأتابعه الآن يؤكد ان هذه ليست مصر بلد ال«7» آلاف سنة حضارة. هل ما يقدم الآن هو الفن المصري؟ هل هذا هو الشارع ما هذا السلوك غير المبرر ما هذه البلطجة التي نشاهدها ليل نهار؟ والتي أصبحت وكأنه سلوك عام علينا أن نفوق قبل فوات الاوان.