«إن من تهرب من الضرائب سيدفعها والشركات التى غيرت أنشطتها ستدفع الفارق» هكذا علق الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية فى احتفالات أكتوبر الماضي وان الدولة لها مستحقات لدى 5 شركات تناهز 100 مليار جنيه. راحت الحكومة تفتش في ملفاتها ودفاترها القديمة عن الشركات التي نفذت عمليات بيع لأسهمها بالبورصة واستفادت من الاعفاء الضريبي المقرر للشركات اثناء تنفيذ هذه الصفقات، وكانت الاشارة الي الحالات التي قدم الرئيس وصفاً تفصيلياً لها دون ذكر أسمائها ومنها صفقة بيع نشاط صناعة الاسمنت فى شركة أوراسكوم للانشاء فى 2008 و إنها تمت بطريقة خالفت القانون، وأدت للتهرب من الضرائب حينما أسست «أوراسكوم بيلدنج» وادرجتها فى البورصة لفترة قصيرة ونقلت إليها نشاط الأسمنت ضمن صفقة بيعها لشركة «لافارج» بقيمة 71 مليار جنيه. طوال الاسابيع الماضية ظلت هذه الشركات ومنها أوراسكوم للإنشاء في حالة من الشد والجذب مع مصلحة الضرائب الي ان كان قرار مجلس الوزراء الذي صدر مؤخراً ستفرض على أول تعامل داخل البورصة فقط ، كما سيتم فرض 10% على الأرباح التى يحققها أى شخص على كل طرح للأوراق المالية لأول مرة فى السوق الثانوى. الي هذا الحد والامر يبدو عاديا إلا أن غير العادي طبقا لما نشرته «الوفد «هو تخطيط مصلحة الضرائب لتطبيق هذا الإجراء الضريبى بأثر رجعى على أرباح الشركات المحققة طوال السبع سنوات الماضية من عمر تطبيق القانون الحالى فى عام 2005، وهو ما يضرب الاستثمار في مقتل ويساهم في تطفيش المستثمرين ويؤدي إلي سياسة انكماشية تتعارض مع النمو الاقتصادي الذي تفتش عنه الحكومة وتسعي الي تحقيقه. كما ان سعي الضرائب لاستغلال حكم المادة 53 من القانون والخاص بإعادة تقييم الأصول والخصوم للشركات حتى تقوم بإخضاع ناتج إعادة التقييم للضريبة، سيضع العديد من الشركات والبنوك التي شهدت عملية اندماج واستحواذات إلي فرض ضرائب عليها وتصل عددها اكثر من 40 مؤسسة مابين بنوك وشركات استثمارية متداولة بالسوق خاصة ان المادة 53 تتعلق بالاعفاء الضريبي حال التغيير في الشكل القانوني للمؤسسات والذي يتضمن الاندماج والاستحواذ والمبادلة. سألت الدكتور هاني سري الدين استاذ القانون التجاري بجامعة القاهرة ورئيس هيئة سوق المال الاسبق عن تأثير عملية تطبيق الاجراء الضريبي علي الشركات وعلي الاقتصاد بأثر رجعي أجابني قائلا «ان التطبيق بأثر رجعي قد يمس استقرار المراكز القانونية للمؤسسات والشركات ويخالف فكرة الاثر الفوري للتشريعات ويخل ايضا باستقرار اوضاع الشركات وينعكس ذلك علي الاقتصاد بصورة كلية». وتابع ان السوق شهد طوال السنوات الخمس الماضية العديد من الاستحواذات والاندماجات تجاوزت العشرات والتي اشارت اليها المادة 53 من قانون الضرائب». «نحن لسنا ضد وجود اي اصلاحات اقتصادية وانما لابد ان تكون هذه الاصلاحات والتعديلات وفقا لدراسات متأنية وتقاس وفقا للجوانب الاقتصادية والاجتماعية بما يجعل الصورة واضحة بشقيها الايجابي والسلبي»، يقول الدكتور «سري الدين» اذ انه قد تؤدي بعض التشريعات الي الحصيلة الضريبة ولكن ذلك قد يؤثر سلبا علي نمو الاستثمار والتوسع في النشاط الاقتصادي وعلي حقوق العمال بما يؤدي الي الانكماش الاقتصادي وليس النمو». وهذه الإعفاءات حسبما ذكر «سري الدين» خلال السنوات الماضية بهدف تنشيط السوق وجذب الاستثمار وبالتالي فان وجود اصلاحات وتعديلات تكون مقبولة مستقبلا لكن ستؤثر علي استقرار مراكز القانونية للشركات والمؤسسات خاصة ان العديد منها شهدت مراكزها تعديلات بوجود مستثمرين ومساهمين جدد ليس لهم اي ذنب في سداد الفاتورة». القرار سيعمل علي توفير موارد لسد العجز الذي تعاني منه الدولة بحسب هاني توفيق المتخصص في مجال الاستثمار وانه العديد من الشركات تهربت من سداد الضرائب من خلال البورصة، لذلك لجأت الحكومة الي تمويل العجز في الموازنة بفتح ملفات التهرب الضريبي وهذا إجراء مطلوب وتأخر كتيرا وآن الأوان لاسترداد أموال الدولة. هذا الاتجاه يخالف الأعراف الاقتصادية و الدستورية من حيث فكرة التطبيق بأثر رجعي كما قال محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار اذ انه امر غير جائز قانونا ومستقر علي ذلك منذ عشرات السنين خاصة ان الشركات المتداولة بالبورصة تشهد تغيرات شبه يومية في هيكل مساهميها، مما يعني ان هذا الاتجاه سيضر مساهمين جدداً ليس لهم علاقة بالأمر لذا لابد من إعادة النظر فيما يتعلق بالتطبيقة باثر رجعي فالأوضاع الاقتصادية وأوضاع سوق المال المصري لا تتحمل مثل هذه الأفكار التي تؤدي إلي اثارة البلبلة خاصة ان السوق شهد طوال السنوات الماضية اكثر من 100 صفقة ما بين استحواذ واندماج.