كان لقطاع السياحة نصيب الأسد من الخسائر التى طالت العديد من المجالات بسبب تفشى فيروس كورونا. ووصلت خسائر القطاع السياحى بسبب الوباء الجائح حسبما قال وزير السياحة والآثار المصرى الدكتور خالد عنانى, حوالى مليار دولار شهرياً بعد وقف رحلات الطيران, ما ألقى بظلاله على أكثر من 300 ألف شخص, وفق بيانات رسمية. يعملون فى هذا القطاع والذين تضرروا بشكل كبير على الصعيد المادى خاصةً أن أغلبهم ليس له مصدر رزق آخر يعتمد عليه فى احتياجاته المعيشية. وقد تفاقمت الأزمة ووصلت لذروتها فى شهر مارس الماضى فحسب إدارة البحوث بشركة «اتش سى» للأوراق المالية والاستثمار لم يسجل قطاع السياحة فى مصر أى إيرادات خلال الشهر المنقضى بنسبة انخفاض 60% تقريباً خلال الربع الأخير من العام المالى الحالى 2019-2020. كما رجحت تقارير بحثية اقتصادية تراجع عائدات السياحة بنسبة 16% تقريبا على أساس سنوى لتصل إلى 10.6 مليار دولار فى السنة المالية الحالية 19/20 وأقل بنسبة 21% تقريبا عن توقعاتها السابقة التى جاءت عند 13.4 مليار دولار. إجراءات احترازية وكان فى مقدمة الإجراءات الاحترازية التى أقرتها من الدولة للحد من تفشى فيروس كورونا، هو تعليق حركة الطيران فى كافة المطارات المصرية، وتعقيم الفنادق والمنشآت السياحية خلال فترة تعليق الطيران. وأصدر رئيس الوزراء مصطفى مدبولى قرارا بتخفيض عدد العاملين فى أجهزة الدولة والمصالح الحكومية بهدف تقليل الاختلاط بين المواطنين، وبدوره أعلن وزير المالية المصرى محمد معيط أن حزمة التحفيز التى تم إطلاقها ب100 مليار جنيه، سيتم تمويلها من احتياطيات الموازنة العامة للدولة، وذلك للحد من آثار تفشى فيروس كورونا، مشيراً إلى أن هذا الدعم سيتوجه بشكل رئيسى للقطاع الصحى، وكل ما يتعلق بالأمن القومى. وكان هذه الإجراءات التى كان لها مردود إيجابى عند البعض، خاصةً أنها تحمى ملايين الأسر من هذه العدوى المميتة، إلا أنه حسبما أشارت تقارير عالمية وأبرزها تقرير لمنظمة السياحة العربية، أدت إلى إلغاء الآلاف الرحلات الجوية الدولية، وتعليق بعض شركات السياحة لعمليات التأمين على السفر للعملاء الجدد، بالإضافة إلى إيقاف أو تأجيل العديد من الفعاليات والبرامج والمعارض والمؤتمرات على مستوى العالم مما هدد مصير أكثر من 50 مليون موظف يعمل فى القطاع السياحى فى العالم، حيث عرضهم للإيقاف عن عملهم جراء تفشى وباء كورونا وانتشاره عالميًا. وكشفت المنظمة فى تقرير لها، عن انخفاض نسبة الطلب على الطيران إلى 0,6% بعدما كانت متوقعة زيادة بقدرها 4,8%، كما انخفض معدل الحجوزات السياحية بشكل عام بنسبة 11% منذ ظهور الفيروس حتى الآن، موضحة أن خسائر القطاع السياحى على مستوى العالم تصل ل90 مليار دولار. وسبق أن توقعت المنظمة أن يصل حجم الاستثمارات بالقطاع السياحى العربى بحدود 323 مليار دولار بنهاية عام 2020 م بعدما فتحت حجم السياحة البينية العربية ووصلت بنهاية عام 2019 بحدود 47% وادراكًا منها بعظم التأثير السلبى الذى يطال القطاع السياحى العربى جراء هذا الوباء فقد تهاوت أغلب الأرقام والتوقعات بدءا من أعداد السائحين فيما بين البلدان العربية والتى قد وصلت بنهاية عام 2019 ل92 مليون سائح حيث تدنت إلى أقل معدلاتها فى بعض الدول العربية وأصبحت معدومة ولا تتعدى أكثر من 10% مسببة خسائر تصل إلى 15.3 مليار دولار، بالإضافة إلى توقف العديد من الاستثمارات السياحية وعزوف المستثمرين عن تنميتها مما سيؤدى لتدنيها بنسبة 30% مسببة خسائر بها بحدود 97 مليار دولار. السياحة مصدر للدخل فى مصر يساهم قطاع السياحة بنحو 15% من إجمالى الناتج المحلى للبلاد، حيث حققت إيرادات بلغت نحو 12.6 مليار دولار فى العام المالى 2018-2019. وقد أعاد الوباء الجائح السياحة إلى حالة الركود مرة أخرى التى استمرت لسنوات أعقبت 25 يناير 2011، بعد أن شهدت تحسنا مطردا خلال العام الماضى تنفيذ مصر لبرنامج إصلاح هيكلى شامل لقطاع السياحة فى 2018 والذى أتى بثماره بشكل كبير خلال عام 2019. أعلن البنك المركزى المصرى، أن قطاع السياحة فى البلاد حقق أعلى إيرادات فى تاريخه خلال العام الماضى 2019 لتتجاوز 13.03 مليار دولار. وأشار البنك المركزى إلى أن هذا الرقم يفوق أعلى معدلات السياحة السابقة المحقق فى 2010 والبالغ 12.5 مليار دولار، ومقابل 11.6 مليار دولار فى العام 2018 بزيادة نسبتها 12.5%. وأظهرت بيانات البنك المركزى أن إجمالى إيرادات السياحة المصرية خلال العام الماضى 2019 سجلت زيادة نسبتها 67%. وتشير التقديرات إلى أن عدد السائحين الذين زاروا مصر خلال العام الماضى 2019 بلغ 13.1 مليون سائح بزيادة قدرها 1.8 مليون سائح عن عام 2018 البالغ 11.3 مليون سائح وبنحو 4.8 مليون سائح عن مجمل عدد السائحين الذين زاروا مصر خلال عام 2017 والذى بلغ 8.3 مليون سائح وبنحو 7.7 مليون سائح عن عام 2016 البالغ 5.4 مليون سائح وبنحو 3.8 مليون سائح عن عام 2015، لكنها تبقى أقل قليلا من المسجلة فى عام 2010 التى زار مصر فيها 14.7 مليون سائح. أضرار وخسائر قدر خبراء اقتصاديون وسياحيون حجم الخسائر الناجمة عن توقف حركة السياحة المصرية بأكثر من 70 بالمائة، وذلك نتيجة إغلاق كافة الأنشطة والمنشآت السياحية كالفنادق وشركات السياحة وشركات النقل والخدمات والطيران والبازارات. وقال المرشد السياحى الطيب عبدالله حسن عضو نقابة السياحة، إن «الوضع ازداد سوءا مع زيادة انتشار الفيروس وإعلان أنه وباء وتعليق الرحلات الجوية الدولية، ما أدى إلى تراجع حركة السياحة خاصةً أن أغلب الوفود السياحية توقف وكان أغلبها من الصين بحوالى أكثر من 300 ألف سائح، وإيطاليا بحوالى 500 ألف سائح سنوياً، ونفس الأمر تكرر مع السياحة الأوكرانية والهندية. وأشار إلى أنه فى حال انتهاء أزمة كورونا ستعود الحياة لقطاع السياحة لكن بشكل تدريجى، مؤكدا أن «سياحة الآثار تضررت بشكل أكبر من السياحة الشاطئية، لأن عدد الحالات فى مدن ساحل البحر الأحمر كانت أقل منها فى المناطق الأثرية». ونوه إلى أن وضعهم ازداد سوءًا بعد أن أصيبت السياحة فى مقتل، وجلوس العديد من العاملين فى المجال فى البيوت، فلا عمل بعد توقف الرحلات. وقال «توقفت كل روافد صناعة السياحة، بما فيها شركات النقل والخدمات الفندقية وفى مناطق الآثار، وحتى البازارات لم يعد يدخلها أحد للشراء، خوفا من التجمعات، وربما يمر اليوم واليومان دون دخول أحد من السياح البازار المجاور لمنزلى». من جانبه، قال عمرو صدقى نائب رئيس غرفة السياحة، إن تأثير كورونا على السياحة كان كبيراً للغاية، فبعد أن كانت نسبة الحجوزات تتراوح من 50% و65% فى الفنادق، الآن واقع الحجوزات صفر فى المائة، ما أثر بشكل كبير على العاملين فى المجال والذين ليس لهم مصدر دخل آخر يعتمدون عليه فى الحياة. وأثنى «صدقى» على إجراءات الحكومة لدعم قطاع السياحة والعاملين فيه، مطالباً بزيادة تسهيلات شركات السياحة والفنادق فيما يتعلق بتحصيل فواتير الكهرباء والمياه وغرامات الديون والمتأخرات والضرائب وليس إلغائها، حتى يتسنى للشركات دفع أجور العاملين بدلا من تسريحهم وإغلاق المنشآت». إنقاذ دعمت الدولة القطاع السياحى بعدة قرارات للوقوف بجانب العاملين وللاستمرار المشروعات القائمة فى هذا القطاع، حيث قام الرئيس عبدالفتاح السيسى بإسقاط الضريبة العقارية على المنشآت الفندقية والسياحية لمدة 6 أشهر، وكذلك إرجاء سداد كافة المستحقات على المنشآت السياحية والفندقية لمدة 3 أشهر دون غرامات أو فوائد تأخير، بناءً على ما تم التوافق عليه فى هذا الخصوص بين وزارتى السياحة والآثار والمالية. كما وجه الرئيس البنك المركزى بدراسة تقديم تمويل من البنوك للمنشآت السياحية والفندقية، بحيث يخصص لتمويل العملية التشغيلية بهدف الاحتفاظ بالعمالة، على أن يكون بفائدة مخفضة. وتم اتخاذ كافة التدابير لرفع كفاءة البنية التحتية للمنشآت السياحية، بحيث تكون جاهزة على أكمل وجه لاستقبال الزائرين من المصريين والسائحين فور انحسار أزمة كورونا. وبالنسبة لقطاع الطيران المدنى، تم توفير قرض مساند للقطاع بفترة سماح تمتد لعامين، بالإضافة إلى دراسة قيام وزارة المالية بتحمل بعض الأعباء المالية على قطاع الطيران المدنى لمساندته فى التعامل مع تداعيات الظروف الراهنة. على جانب آخر، تم سداد 30% من مستحقات المصدرين لدى صندوق دعم الصادرات بما لا يقل عن 5 ملايين جنيه لكل مصدر، وذلك قبل نهاية العام المالى الجارى، وتخصيص منحة للعمالة غير المنتظمة المتضررة من تداعيات أزمة كورونا مقدارها 500 جنيه شهرياً لمدة 3 أشهر، فضلاً عن قيام صندوق الطوارئ بوزارة القوى العاملة بالبدء فوراً فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان صرف مرتبات العمالة المنتظمة المتضررة. وصدر قرار بتقسيط الرسوم نظير تقديم الخدمات الإدارية للشركات والمنشآت بالقطاعات المتضررة لمدة 3 أشهر بدون فوائد، فضلاً عن تأجيل سداد اشتراكات التنمية الاجتماعية على تلك الشركات والمنشآت لمدة 3 أشهر بدون احتساب أى مبالغ إضافية أو غرامات تأخير.