أيام قليلة، تفصلنا عن شهر الروحانيات والطقوس الدينية، والعادات والأكلات الشعبية والحلويات العربية، تلك المأكولات والحلويات التى يشتهيها المجتمع العربى، ومن بين هذه الأكلات «القطايف»، تلك الحلوى التى اختلف عليها التاريخ والمؤرخون، ولكنها اجتمعت فى أفواه المسلمين. طبق «القطايف» يُعد من أهم المعالم المرتبطة بشهر رمضان ارتباطاً وثيقاً ولا يتناولها المصريين سوى فى هذا الشهر من كل عام، وأبدع المصريون فى إعدادها وتقديمها بأشهى الطرق ثم انتقلت إلى بلاد الشام عن طريق التجار، كما يقول التاريخ، خاصة أنها تعتبر المنافس الأول للكنافة على مائدة رمضان. «من قطيفة إلى القطايف».. هناك روايتان حول اسمها، الأولى هى تسميتها باسم قطيفة، بسبب تشابه ملمسها مع ملمس قماش القطيفة، والرواية الثانية إنه عندما ظهرت فى العصر المملوكى، قدمت كفطيرة محشوة ليقطفها الضيوف فلقبت فطيرة القطف، ثم تحول الاسم عن طريق دخول العامية فتحولت إلى قطايف. لا يخلو أى بيت من القطايف فى رمضان، فسواء كانت محشوة بالجوز أو الجبن، لهذا الطبق عشاق كثر، فما هو أصله؟، لا توجد رواية واحدة أجمع عليها التاريخ حول أصل حلوى القطايف، لكن تعددت الروايات منذ بداية العصر الأموى وحتى العصر العباسى وكذلك العصر الفاطمى، فهى تعتبر من الحلوى ذات التاريخ العريق والقديم، وفى روايات أخرى يشار إلى انها تعود للعصر الفاطمى، لذا لا يوجد مرجع موثق يشير إلى تاريخ ظهور القطايف أو سبب ارتباطها بشهر رمضان. «ومالى أرى وجه الكنافة مغضباً ولولا رضاها لم أرد رمضانها ترى اتهمتنى بالقطايف فاغتدت تصد اعتقادًا أن قلبى خانها ومنذ قاطعنى ما سمعت كلامها لأن لسانى لم يخاطب لسانه».. تغنى بها شعراء العرب، كالشاعر الأمور أبوالحسين الجزار، الذى كان أحد عشاق الكنافة والقطايف، حتى أصبحت جزءًا من الإرث الثقافى العربي. وبحسب كتاب «الأمثال الشعبية الشامية» لنزار الأسود، فإن القطايف تعود إلى أواخر العصر الأموى وبالتحديد عام 132ه، ويروى أيضا أنها تعود إلى العصر الفاطمى، حيث كانت تقدم مزينة فى صحن كبير ليقطف، أو يقطفها الضيوف، وقطفت عليه فى الشام معناها تمتعت بمنظره، ومن هنا سميت قطايف. وبحسب «الموسوعة الحرة ويكيبيديا» فإن أول من تناول القطايف هو الخليفة الأموى سليمان بن عبدالملك سنة (98 هجرى) فى رمضان، وهناك العديد من الروايات حول تسمية القطايف بهذا الاسم، حيث إن هذه الرواية تعود للعصر الفاطمى، حيث إن الطهاة كانوا يتنافسون فى تحضير أنواع الحلويات فى الشهر الفضيل، وكانت فطيرة القطايف من ضمن هذه الحلويات، وتم تحضيرها بشكل جميل ومزينة بالمكسرات ومقدمة بطبق كبير، وكان الضيوف يتقاطفونها بشدة للذّتها، بينما يرجع بعض المؤرخين أصل تسمية القطايف بهذا الاسم لتشابه ملمسها مع ملمس قماش القطيفة. وهناك من يقول إن القطايف ظهرت قبل الكنافة، فى العصر الأموى، وقيل إنها خُبزت أو صُنعت خصيصا للأمير الأموى، حيث كان يتبارى الطباخون، وصناع الحلوى فى اختراع أصناف جديدة تحظى برضا الأمير، وتخفف من وطأة الجوع، فاخترعوا القطايف، لتكون آخر شيء يتناوله على السحور، ولتقلل من الإحساس بالجوع فى نهار رمضان. وتشير روايات أخرى إلى أن بداية القطايف، جاءت فى بداية العهد العباسى، وهناك روايات أخرى تشير إلى أن بدايتها جاءت فى عهد الدولة الفاطمية، حيث اشتهرت صناعة الحلويات والأكلات الرمضانية فى ذلك العصر. وتصنع حبة القطايف على شكل هلال نسبة لهلال شهر مضان، ويتم تناولها بعد وجبة الإفطار وعلى السحور كذلك، وهى عبارة عن فطيرة مكونة من عجينة سائلة مخبوزة، محشوة بالمكسرات، أو القشطة، أو الجبنة ويمكن تحميرها أو قليها بعد حشوها. وفى رواية رابعة أخرى مرتبطة بالحضارة، روت كتب التاريخ أن أول من ابتكر القطايف هم الأندلسيون وانتشرت فى مدن عربية كغرناطة وأشبيلية، ثم انتقلت تلك الفطيرة الصغيرة المحشوة بالمكسرات إلى بلاد الشرق العربى فى ظل الحكم الإسلامى، وظلت تتطور على مدار السنوات لتصبح من أهم الأعراف المرتبطة لدى المصريين بشهر رمضان. بصرف النظر عن أصلها، نرى الناس فى شهر رمضان يصطفون حول بائع القطائف يشاهدونه وهو يملأ علبته الصفيحة التى يفرغ منها عجينة القطايف على الصاج الذى يعتلى النيران، فتنضج أمامهم القطائف ويتهافت عليها الأطفال، فلا ينتظرون حشوها وطهيها لكنهم يتقاطفونها وهى «سخنة» بعد خروجها من تحت يدى صانع القطايف، فيكون لها مذاق مختلف ومميز.