الخشية فى السر و العلانية من المنجيات التى قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم و خشية الله، يقول الله سبحانه في كتابه المبين: إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ [الملك:12]. ففي هذه الآية العظيمة يبين سبحانه أن من خشيه عز وجل فقد وعده سبحانه المغفرة والأجر الكبير، ومن الأجر دخول الجنة والنجاة من النار، وما ذاك إلا لأن خشية الله سبحانه يترتب عليها أداء فرائضه وترك محارمه والوقوف عند حدوده، لأن الخاشي لله هكذا الخاشي لله يبتعد عن معاصيه ويسارع إلى مراضيه، وإلا فهو كاذب في دعواه، الخشية لله أو خشيته ضعيفة جدا، أما الخشية الحقيقية فإنها تثمر أداء الفرائض وترك المحارم والمسارعة إلى الخير والوقوف عند الحدود التي حدها سبحانه، ولهذا علق جل وعلا بالخشية المغفرة والجنة، فلولا أن الخشية لله تقتضي أداء الفرائض وترك المحارم لما علق بها حصول المغفرة من صاحبها والأجر الكبير. وبهذا يعلم أن خشية الله عز وجل وخوفه سبحانه يترتب عليهما كل خير، كما يترتب عليهما البعد من محارم الله، ويترتب عليهما أيضا الوقوف عند حدود الله لا ... خوفا من الله وخشية من عذابه سبحانه، ولهذا يقول جل وعلا في الآية الأخرى {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن:46] فيقول سبحانه: أن من خاف مقام الله فقد وعده الله بجنتين، وما ذاك إلا لما ذكرنا من أن خوف الله يقتضي أداء فرائضه والحذر من محارمه والوقوف عند حدوده، ويقول جل وعلا في آية أخرى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات:40-41] فالخائف مقام الله ينهى النفس عن هواها ويعصيها في هواها المخالف لشرع الله، ويلزمها بطاعة الله ويجاهدها في ذلك حتى تستقيم على الخير وحتى تنقاد للطاعة التي أوجبها الله عليها، وحتى تبتعد عن معاصي الله عز وجل، والنفس على ما روضها الإنسان عليه، فإن جاهدها لله وحاسبها وأوقفها عند حدها استقامت وسارت على الطريق، وإن أهملها وتساهل معها جرته إلى المهالك لأنها مدخل الشيطان، فهو يزين لها كل سوء ويثبطها عن كل خير كما قال عز وجل في الآية الأخرى: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي} [يوسف:53] فعليك يا عبدالله أن تجاهد هذه النفس، وأن تعنى بها غاية، وأن تعودها طاعة الله ورسوله، وأن تعودها الحذر عن محارم الله.