هناك آداب كثيرة للتجارة ، بعضها يتصل بالأشكال كصيغ التعاقد ، وبعضها يتصل بالمعانى كالأمانة والصدق والقناعة ، وقال الشيخ عطية صقر رحمه الله ومما ورد فى ذلك حديث " التاجر الصدوق يحشر يوم القيامة مع النبيين والصدِّيقين والشهداء " رواه الترمذى وحسنه ، وحديث " من غشنا فليس منا " رواه مسلم وحديث " من بايعت فقل لا خلابة " أى لا خديعة . رواه مسلم ، وحديث " لا تتلقوا السلع حتى يهبط بها إلى الأسواق " رواه البخارى ومسلم ، وحديث " إياكم وكثرة الحلف فى البيع ، فانه ينفق ثم يمحق " رواه مسلم ، وحديث : " رحم اللَّه رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى " رواه البخارى ، وحديث " البيعان إذا صدقا ونصحا بورك لهما فى بيعهما ، وإن خانا وكذبا محقت بركة بيعهما " رواه البخارى ومسلم . تدل هذه النصوص وغيرها على الاهتمام بالناحية الخلقية فى التعامل التجارى وغيره ، وأهمها الصدق والقناعة والسماحة . وتفريعا على ذلك إذا أراد التاجر أن يبيع سلعة فهو يطلب فيها ثمنا أعلى من ثمن الشراء ، ليتحقق الكسب المقصود من التجارة وهذا الكسب ليس له قدر معين ، فللتاجر أن يحدده كما يشاء بشرط عدم الاستغلال وعدم الكذب . ويشملهما عدم الغش . والاستغلال يصور مثلا بألا يكون هناك تاجر غيره يملك هذه السلعة فهو يحتكرها ويفرض السعر الذى يريده ، لعلمه أن المشترى مضطر إليها ، أو يطمع فى كسب كبير لأن المشترى ذو مال كبير لا يهمه السعر الذى يشترى به . والكذب يصور مثلا بأن يقول له المشترى ، سأعطيك ربحا معينا فوق ثمن الشراء ، وطلب منه أن يذكر له الثمن الأصلى ، فالتاجر يذكر ثمنا أعلى ، وقد يلجا إلى الحلف لتأكيد ذلك . أما إذا خلا البيع من الاستغلال والكذب بكل الصور والأشكال فلا تحديد للربح الذى يريده ما دام الطرفان راضيين بذلك . ويُسَن أن يكون ربحا معقولا ، رحمة بالمشترى وقناعة بالقليل ، ودعاية له بين الناس ليكثر المتعاملون معه ، وفى ذلك خير له وللنشاط الاقتصادى بوجه عام . هذا ، وما ذكر فى بعض الكتب الفقهية من أن الربح لا يزيد على العشر أو الثلث فلا دليل عليه من القرآن أو السنة . ولعل القائل بذلك أخذ قوله من واقع الحال فى بلده وفى زمنه ، حيث كانت المصلحة فى تحديد الربح ، على نسق ما يقال فى جواز التسعير للمصلحة .