بينما كانت ميادين مصر تشهد المليونيات التى وضعت لها القوى الثورية شعار ( مصر مش عزبة ) ، تطالب فيها بالعدالة الإجتماعية والقصاص للشهداء ، وحل الجمعية التأسيسية طالما سيخرج من بين أياديها دستور لايمثل إلا فئة دون باقى المصريين ، كانت المنيا على موعد مع جمعة أطلقت عليها جمعة ( الدم ) تدعو للإنتقام من الأقباط فى قريتى ( عبد المسيح وعزبة مرزوق ) عبر منشورات عنوانها ( دم المسلم غالى ) تدعو للثأر لمقتل ( هولاكو ) الذى أطلق عليه شهيد الإسلام ، وهولاكو لمن لايعرف كان ملقب بخط الصعيد فكان وعصابته يفرضون الإتاوات الجبرية ويعتدون على أراض مملوكة للأقباط ، قتلوا إثنين منهم ، والباقى يعيش غير آمن على ماله وعرضه حاول هولاكو ورجاله خطف زوجة قبطية لإغتصابها ، فتصدى له زوجها مدافعا فلقى الخط وإثنين من الأقباط مصرعهم ، وبدلا من إعمال القانون تحول الموقف الى فتنة طائفية جديدة تهدد أمن وسلامة البلاد ، وأصبحت القريتان مهددتين من عائلة هولاكو التى حتما ستثأر مرتين، مرة لمقتل أحد أبنائها ومرة تعصبا للدين ، تعيش القريتان فى رعب وهلع بالغ ، بعدما تعرض الأقباط للعديد من الإهانات وهم المسالمين الذين لم يكونوا طرفا فى هذا الحوار المقيت ، مما اضطر بعضهم للرحيل عن منازلهم هائمين على وجوههم إلى أماكن أخرى حرصا على أرواحهم وأرواح ذويهم ، الرحيل أصبح سمة المرحلة، بعد الثورة أصبح من الأمور العادية التهجير القسرى وحرق المنازل والممتلكات الخاصة بالأقباط ، على غرار ماحدث فى رفح فى الأيام المنصرمة ، القريتان الآن محاصرتان بقوات الأمن تحسبا لوقوع كارثة مروعة تقتل فيها أرواح بريئة لاناقة لها ولا جمل ، لكن القدر الذى أعمى البصر والبصيرة جعلها تحيا بين مروجى الشائعات ، أن القبطى كافر ، ليس لزاما عليه أن يدافع عن عرضه طالما ارتأى هولاكو أن يعيث الفساد ، وإلا فالنيران جاهزة لحرق المدينة ، لايهم التفاصيل ، ليس بالضرورة أن يحاسب المخطئ ومن هدد وقتل وتسبب فى الأذى ، تركنا صوت العقل والحكمة ، لتصبح الطامة الكبرى ، أن هولاكو قتل والجريمة بها عنصر قبطى ، بل أصبح شهيد الدين والواجب ، وكأن الشهادة تمنح لأىّ كان حتى لو كان قاتلا أوبلطجيا ، وهل قتل القبطى شرف عظيم ستشرع به الأبواب لدخول الجنة ؟ إلى متى يستمر مسلسل العادات الثأرية البغيضة ، إلى متى تنتهى الفتن الطائفية من مصر المحروسة ، هل أصبحت روح المحبة والتسامح وحب الآخر مفردات لبرامج التوك شو المسائية يتشدق علينا بها النخبة ؟ الكل يحكى عن زميل المدرسة القبطى يحكى عن كعك العيد ، والعبور العظيم ، لكن الواقع الآن أصبح بعيد كل البعد عن تلك الروح السمحة والنفوس المخلصة التى أصبحت مشحونة بالبغضاء والتعصب ، روح الإنتقام من الشركاء ، أين الرئيس مرسى مما يدور بالصعيد ويتكرر بشكل بات ينذر بالخطر ؟ نحن أحوج من أى وقت مضى إلى التكاتف ، والعودة إلى الشعار الأول فى الميدان ( مسلم مسيحى يد واحدة ) كفى مصر التهديد الخارجى والعيون عليها تتربص بها ، تنتظر اللحظة لتنقض على شعبها ومقدراتها ، لسنا بحاجه إلى تهديد الداخل أيضا والعدو على بعد خطوات من حدودنا الشرقية .