من المدهش أن يتناقش البعض حول ما حدث يوم الجمعة الماضية فى ميدان التحرير، وأن القوى السياسية المتحدة أصبحت فى حالة تناحر.. لأنه حديث لا يمت بشىء من الحقيقة لما حدث... معلوم أن الجمعة 12/10 يوم متفق عليه بين العديد من القوى المدنية سوف تخرج فى مليونية الحساب، وذلك من قبلها بأسبوعين على الأقل... وكذلك معلوم أن مليونية الحساب سوف تناقش ماذا فعل الرئيس المصرى خلال المائة يوم الأولى من حكمه طبقاً لوعده وتعهده الذى قطعه على نفسه... وأيضاً مطروح موضوع الدستور واللجنة التأسيسية غير المتفق عليها والمنفرد تيار الأكثرية بالبرلمان بالاستحواذ عليها... كل ما سبق معلوم ولكن الجديد كان صدور أحكام قضية موقعة الجمل، واستاء الكثيرون من الأحكام وسبق ذلك صدور أحكام بالبراءة لضباط أقسام ومديريات أمن حدث سقوط قتلى وضحايا أمامها وأصبح مفهوماً أن هناك نقصاً وخللاً فى الأدلة المقدمة للمحكمة وأصبحت الحاجة واضحة لما يسمى بالعدالة الانتقالية التى طبقت فى جنوب أفريقيا والبرازيل والأرجنتين وأصبحت المطالبة بالقصاص مطلباً مضافاً لجمعة الحساب...ولكن كبار قادة الإخوان كان لهم رأى آخر فهم قد وجدوها فرصة لإفساد المطالب الخاصة بمحاسبة الرئيس وإعلان مطلب تطهير القضاء للتشويش على معارضى الرئيس وإثارة قضية يمكن الحديث عنها لشهور طوال وتحقيق حلم يداعب الجماعة فى الانتقام والاستيلاء على السلطة القضائية وهدم دولة القانون والعودة لدولة الاعراف والعشائر والارتداد للخلف عشرة قرون ماضية. بدأت معالم الخطة واضحة من مساء الخميس بتواجد العديد من أعضاء الجماعة فى ميدان التحرير واحتكاكها بالقوى الوطنية الأخرى ورفع صوتها بمطالبها للتشويش على المطالب الأخرى وحدثت احتكاكات بين الأفراد تصاعدت وتيرتها من الساعة الثامنة مساء حتى العاشرة، ثم هدأت الأمور وأصبح واضحاً أو ثمة ما هو مدبر لصباح باكر الجمعة..!! ذهبت القوى الوطنية المختلفة صباح الجمعة وقد وضعت منصاتها المختلفة وعلقت لافتاتها فى أنحاء الميدان وبدأ توافد الجمهور وجاءت صلاة الجمعة وصلى الحاضرون ليفاجأ الجميع بعدد كبير ممن كانوا مشاركين فى الصلاة واخرين ينضمون إليهم من مختلف أنحاء الشوارع المؤدية للميدان يعتلون المنصات ويحطمونها ويقومون بتمزيق اللافتات فى إنزال سريع أشبه بعمليات الكيان الصهيونى فى عنتيبى أو فى ميونخ أو فى غزة حينما يسعى لتحقيق انتقام سريع... وبالطبع تحول الميدان إلى ساحة قتال وضرب بالعصى والحجارة وانطلقت أصوات الخرطوش بين حين وآخر واحتل أعضاء الإخوان جزءاً من الميدان واحتلت القوى الوطنية جزءاً آخر.. ثم ما لبث أن هاجم أعضاء الإخوان مجموعات من القوى الوطنية على طرف شارع محمد محمود وبدأت صور جديدة لموقعة الجمل تتكرر ثم ما لبثوا أن بدأوا يهاجمون طوفان الجماهير القادمة من طلعت حرب وتحول الميدان والشوارع الرئيسية المؤدية إليه لساحة قتال مثل يوم موقعة الجمل بالضبط.. قام شباب الوفد ولجنة القاهرة بتعليق ست لافتات عن المطالبة بدستور للجميع وأن مصر للمصريين وفى مواجهة عدم انتقاص حقوق المرأة... تم تمزيقها جميعاً... تعرض بعض الزملاء لضربات قاصمة من تبادل الحجارة والعصى، فشباب الوفد كشباب القوى الوطنية لم يتم تدريبه فى معسكرات خاصة ولم يتمرفع استعداده البدنى لمواجهة حروب الميليشيات... ولذا فغير مفهوم أن يكون هناك حديث عما حدث من اشتباك القوى كلها مع بعضها... فمن له مصلحة فى فض السامر وتكسير المنصات بل وتهشيمها وتمزيق الدعايات المختلفة سوى أعضاء الإخوان فى مواجهة معارضى الرئيس.... وهذه الأتوبيسات المعلومة للجميع والتى حشدت الأنصار وانتظرت أسفل كوبرى «6 أكتوبر». وهؤلاء المدربون على الهجوم للحظات المختلفة أليست ميليشيات الجماعة والتى سبق لها أداء العروض العسكرية فى جامعة الأزهر... انه عرض «فاشى» بامتياز أعاد لنا ذكريات مصطفى مؤمن ولجنته التى شكلتها جماعة الإخوان بقيادة حسن البنا فى عام 46 لمواجهة لجنة الطلبة والعمال بقيادة مصطفى موسى وقيامهم بالاحتكاك بالطلبة فى جامعة القاهرة، واستخدام العنف للتشويش على مطالب لجنة الطلبة والعمال وذلك كله لتأييد عدو الشعب إسماعيل صدقى... لقد ذكرونا حقاً بتاريخ الجماعة فى استخدام العنف الفاشى لإرهاب الخصوم!!! ليس جديداً أن تقوم جماعة الإخوان بالتشويش على مليونية لمصالح أهداف أخرى لديها ففى جمعة 18/11 انطلقت المليونية للمطالبة بحقوق الشهداء فشوش الإخوان عليها لإسقاط وثيقة السلمى وهدفهم بالطبع كان الانفراد بالتأسيسية لينفردوا بها...وهذا كان قد تكرر فى جمعة 29/7 حينما حولوها بالمخالفة لاتفاقات الى جمعة قندهار... ويقول قائل لماذا الخروج على الرئيس الآن...فنذكر الجميع بأن الرئيس هو الذى وضع برنامج المائة يوم وطلب المحاسبة عليه...!!! وهكذا تجر جماعة الإخوان الوطن كله الى حرب المصريين ضد المصريين ببساطة ويعلن قادتهم ان الاخوان قالوا سوف ننزل بعد العصر وقادة آخرون لديهم يقولون لقد قلنا لهم انسحبوا... نصدق من ونكذب من أقوال متضاربة حالها حال فريق الرئاسة الذى تضاربت أقواله ووقع فى حيص بيص مع أزمة النائب العام والرغبات العميقة فى الانتقام منه لدى بعض المحيطين بالرئاسة... الجديد أن الإخوان يريدون ان يغرقوا الوطن فى معركة جديدة لحسابهم وهى تطهير القضاء فبعد الخداع بمعركة الفلول ومحاربتهم رغم انهم هم الذين سرعوا الفلول لقوائمهم ووضعوا الفلول فى وزاراتهم وابقوا على كبار الفلول فى مناصبهم... ويتذكرون كلمة الفلول حينما تعن لهم الرغبة فى التنكيل بأحدهم أبدى لهم نواجذه... الوطن إلى أين تحمله رياح الفاشية والشمولية.... القوى الوطنية كلها مدعوة لإنقاذ سفينة الوطن.... الممارسات الفاشية وعنفها يفضح أصحابها ويزيل الاستار عن الوجوه الحقيقية للرغبة فى الانفراد والتسلط والحيازة... مصر ليست عزبة ولا وسية... مصر أول دولة مركزية وصاحبة أقدم حضارة صاحبة أول ثورة شعبية فى مواجهة بريطانيا العظمى... فشعب مصر المتحضر صاحب ثورة «25 يناير» وقواه السياسية يعرفون كيف يذهبون بالوطن إلى بر الأمان والنور والنهضة الحقيقية لا الوهمية... مصر الثورة عارفة طريقها...