احتفلت الاوبرا منذ أيام بمرور 24 عاماً علي الميلاد الجديد لها وهو الاحتفال الذي تضمن كل ألوان الفنون التي تقدمها دار الاوبرا أوركسترا وغناء أوبرالي وموسيقي عربية وباليه كان ينقصه شيء مهم جداً وهي الاسماء التي صنعت تاريخ الاوبرا في مصر ومازالوا علي قيد الحياة ليس بالكثير عليهم وهم عدد قليل؛ أن تتم دعوتهم للاحتفال بهم وتقديم الشكر لهم علي ما قدموه من أجل إثراء هذا النوع من الفن في مقدمة هذه الاسماء الدكتور جابر البلتاجي الباريتون العالمي وهو حاصل علي العديد من الجوائز العالمية أبرزها ميدالية فيردي من ايطاليا والكل يعلم أهمية هذه الدولة في الغناء الاوبرالي وحصل علي تكريم خاص من مسرح البولشوي الروسي والكل يعلم عراقة هذا المسرح العالمي وأهميته عالمياً بالاضافة الي وسام فارس من ايطاليا أيضاً غياب البلتاجي عن التكريم يفتح ملف اضطهاد هذا الفنان منذ سنوات طويلة ومنعه من الغناء علي مسارح الاوبرا بقرارات شفوية رغم ان الغناء الاوبرالي كان ولابد أن يستفيد من مثل هذه القامات خاصة ان هذا الفن بدأ في الاندثار والتلاشي فلم تعد هناك أجيال من الشباب حريصة علي الانضمام الي هذا الفصيل الغنائي لاسباب كثيرة منها أن المثل الاعلي لم يعد موجوداً في هذا اللون، وبالتالي لماذا يدخل شاب أو شابة في عمر الزهور الي هذه المنطقة وهم يرون ان كل من حققوا فيها أمجاداً مبعدون ويجلسون في منازلهم الثورة؟ هل مازلنا نحكم بنفس الطريقة أتصور ان الثورة قامت علي أكتاف الشباب الذين طالبوا بالفرصة لكنهم لم يطلبوابالقضاء علي جذورنا وعلي الذين أثروا الحياة الفنية المصرية أو في أي مجالات أخري. الاستفادة من شخصيات مثل جابر البلتاجي في الغناء الاوبرالي لا يجب أن نختزله في الغناء فقط لكن تجاربه في أوروبا تعطيه الافضلية لكي يستفاد من خبرته الطويلة في هذا المجال. والشباب الآن في حاجة لمن يرشدهم الي الطرق السليمة. وأتصور ان الرجل لن يمانع في ذلك خاصة ان الغناء الاوبرالي في خطر والدليل ان معهد الكونسرفتوار عندما أعلن عن رغبته في استقبال دفعة جديدة من مطربي الاوبرا الذين تقدموا للاختيار ثلاثة أصوات فقط تقدموا وأعمارهم 38 و35 و18 سنة. هل يتخيل أحد أن اثنين من المتقدمين وصلوا الي مرحلة سنية لا أتصور تساعدهما علي الدخول الي هذا العالم في هذا العمر. هذا كله لأسباب متعلقة بأن هذا الفن في أزمة ربما يكون الاعلام السبب فيها لانه لا يركز كثيراً علي نموذج مغني الاوبرا واهتموا بمطربي الغناء العربي. البلتاجي يجلس في منزله له منذ أن عاد من ايطاليا وجاءته فرص للسفر كخبير ومغن في دول لها تاريخ في هذا المجال لكنه مريض مثلنا بحب مصر لا يمكن أن نفارقها تحت أي ظرف من الظروف. وهو مازال لديه الامل لكي يأتي وزيراً للثقافة ليشعر برد الاعتبار أو رئيساً لدار الاوبرا يعلم أن تعرض للتجاهل لسنوات. البلتاجي هو نموذج لما يحدث في كثير من الهيئات الثقافية في مصر وما يحدث معه حدث مع فنانين كبار آخرين أقولها بكل صراحة ماتوا من الاكتئاب بسبب التهميش والتجاهل لان النظام السابق كان يري أن الفن إحدي وسائل التسلية مثله مثل البلاي ستيشن وباقي ألعاب الاطفال. بهذه الحسرة مات كمال الطويل ومحمد الموجي ورياض السنباطي وفؤاد حلمي هذا الملحن العظيم الذي دفن حياً حتي مات وعماد حمدي واسماعيل ياسين وزينات صدقي وعبدالفتاح صدقي وغيرهم الكثير نحن دولة تجيد فن اغتيال أبنائها حتي أصبح الموت بالنسبة للمبدعين المهمشين هو الامل الوحيد للخلاص مما يتعرضون له. أتصور ان دعوة البلتاجي لحضور احتفالية ميلاد الاوبرا لم تكن ستكلف الاوبرا سوي مقعد لو تم بيع تذكرته لن تتعدي الخمسين جنيهاً. فهل هذا الرقم أكبر من قيمة الذين بنوا هذا الفن علي أكتافهم. الدكتورة إيناس عبدالدايم رئيس الاوبرا أتصور ان لديها القدرة علي تصحيح الامر بدعوة أخري لتكريم كل من هم علي قيد الحياة.