أيام ترحل وماضٍ يبتعد.. وتظل الذكريات قصصًا صامتة.. وأحداثًا تنطوى.. وحوادث تمضى.. إلا أنها تترك فينا أثرًا لا يزول.. ففى حياتنا ذكريات لا تُنسى مهما مر عليها الزمان.تبحث «الوفد» فى ذكريات رجال القضاء والشرطة جرائم تركت بصمات بارزة فى سجل الماضى.. وفى كل أسبوع نسرد جريمة من ذكرياتهم الزمان - 2019، المكان مركز جرجا بسوهاج الواقعة -إخفاء جريمة (جثتان بسبب الكنز) اللواء عبدالحميد أبو موسى، مدير مباحث سوهاج، يحكى لنا جريمة وقعت أحداثها فى العام الماضى، وما زالت عالقة فى ذاكرته، لأنها راح ضحيتها عاملان عندما انهالت عليهما الرمال أثناء تنقيبهما على الكنز الوهمى، لكن عناية الله عز وجل شاءت أن تكشف خيوط تلك الجريمة، ولقد توافقت هذه الواقعة مع المقولة الشهيرة بأن «الجريمة لا تفيد»، وتطابقت نهايتها مع قول الله عز وجل (إن ربك لبالمرصاد). يقول اللواء عبدالحميد أبو موسى: فى شهر مايو من العام الماضى، تلقينا بلاغا من أهالى مركز أخميم بعثورهم على جثة عامل يدعى مصطفى أحمد 33 سنة بجوار سور المستشفى المركزى وبها سحجات بالوجه والرأس، فأخطرنا النيابة العامة التى أمرتبتشريحهما لبيان سبب الوفاة وكلفتنا بالتحرى عن الواقعة وسرعة حل غموض تلك الجريمة. ورد إلينا تقرير مفتش الصحة الذى يفيد بوفاة العامل متأثراً باختناقه من الرمال والأتربة، وبدأ فريق البحث الجنائى عملاً متواصلاً لمدة أسبوعين متتاليين حول ظروف وملابسات الواقعة، وتبين أن القتيل حسن السمعة ومن أسرة طيبة وليس له خلافات مع أحد من الجيران، كما لم نتبين غياب شىء من محتويات المنزل فاستبعدنا أن تكون الجريمة بدافع السرقة، ما جعل عملية كشف الجريمة أمرا معقدا، وكادت القضية أن تقيد ضد مجهول لولا عناية الله التى شاءت ألا تضيع دماء هذا الرجل هدرا، وأن ينال المجرم عقابه على أيدى العدالة. فقد توصلت تحرياتنا إلى أن العامل كان برفقة صديق له يدعى محمد على 35 سنة مزارع من قرية المحاسنة بجرجا، وأنه اصطحبه معه إلى قريته للتنقيب عن كنز وهمى، أخبره أحد الدجالين بوجوده تحت باطن الأرض على عمق سبعة أمتار بمنزل شقيقه بالقرية. قمنا بالقبض على صاحب المنزل، وبتضييق الخناق عليه ومواجهته بشهادة الشهود وما توصلت إليه التحريات، اعترف بأن شقيقه أحضر صديقه ليقوما بالحفر والتنقيب عن الآثار، وأثناء التنقيب والحفر انهارت عليهما الرمال والأتربة، ما نتج عنه اختناقهما ولفظا أنفاسهما الأخيرة، فقام بدفن شقيقه وحمل جثة صديقه وألقاها بجوار مستشفى أخميم. وبعرضه على النيابة العامة أمرت بحبسه على ذمة التحقيق، وأحالته محبوسا إلى محكمة جنايات سوهاج لتحديد جلسة عاجلة لمحاكمته.