تحت عنوان "الديمقراطية تعني الفوضى خاصة في ليبيا"، قالت صحيفة "جارديان" البريطانية: إنه في ظل خضم أزمة مجلس الوزراء التي تعيق استقرار البلاد، فإن الديمقراطية في ليبيا أصبحت تأخذ منحنى جديدا غير متوقع. وأضافت الصحيفة أنه على الرغم من أنه ليس هناك فراغ في السلطة بشكل كامل، إلا أن انتخابات المؤتمر الوطني العام التي أقيمت في يوليو الماضي أتت بمفاجأة فوز "محمود جبريل" الليبرالي من التحالف القوى الوطنية بينما لاقى حزب العدالة والبناء لجماعة الإخوان المسلمين هزيمة مدوية. ولكن تلك الصورة تغيرت عندما عجزت هذه الأحزاب السياسية عن تشكيل حكومة وحدة وطنية، وأصبح من المحتم أن المستقلين المنتخبين محليا، الذين يشكلون الأغلبية في المؤتمر الوطني، سيظهرون على الساحة بشكل غير متوقع. ففي 12 سبتمبر، شهد "محمود جبريل"، مرشح التحالف الوطني لرئاسة الوزراء، هزيمة بفارق صوتين لصالح "مصطفى أبوشاقور"، رئيس الحكومة الليبية المكلف، الذي يتمتع بسمعة جيدة ذات ميول إسلامية معتدلة ولكن دون انتماءات حزبية، ومن الواضح أن أبو شاقور كان يُعد حلا وسطا، لتشكيل ائتلاف من الفصائل في ليبيا كثيرة. ولكن على الرغم من ذلك، فشل أبوشاقور في تشكيل الحكومة الائتلافية التي تجمع بين جميع الفصائل السياسية، حيث إنه قدم قائمتين لمجلس الوزراء، إلا أن كليهما قوبل بالرفض، حيث إنه كان من الواضح في خيارات أبوشاقور أنه يفضل حلفاءه، حيث تضمنت القائمتان اللتان قدمهما أعضاء غير متوقعين من الحكومة الانتقالية المنتهية ولايتها، وتفتقر إلى وجود أي من تحالف القوى الوطنية. وأضافت الصحيفة أنه نظرا لاتساع الدولة الليبية فمن المستحيل إرضاء الشعب أجمع في وقت واحد، ونتيجة لذلك، تمت إهانة الحكومة الليبية وأبو شاقور، وكشفت السلطات أنها لم يكن لديها حتى الآن القدرة العسكرية الكافية لتوفير الأمن الكافي لمكاتبهم البرلمانية الخاصة، ناهيك عن العملية المعقدة لنزع سلاح وتسريح المئات من الميليشيات. وتوحى الأخطاء التي ارتكبها أبوشاقور في قوائمه الوزارية بأنه لم يكن الرجل المناسب لهذه اللحظة والآن السلطات الليبية المركزية ضعيفة بالفعل ولم تنجح في تشكيل حكومة مناسبة لأسابيع، في الوقت الذي يحتاجون فيه إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد الميليشيات والمتطرفين الإسلاميين الذين هاجموا البعثة الأمريكية في بنغازي، مما أسفر عن مقتل السفير "كريس ستيفنز". ورأت الصحيفة أن أي رئيس وزراء جديد ليبي سيواجه نفس التحديات ولا يمكن التغلب عليها تقريبا من خلال تشكيل حكومة ترضي غالبية الليبيين حتى إذا كان يتمتع بالمهارات الفنية والإدارية الفعالة. واختتمت الصحيفة قائلة: يجب أن نتذكر أنه على الرغم من أزمة مجلس الوزراء إلا أنه لم يكن هناك فراغ في السلطة في ليبيا بشكل كامل، فالمؤتمر المنتخب ديمقراطيا لا يزال قائما وعلى الرغم من الهجوم الإرهابي على البعثة الأمريكية، إلا أن الليبيين تحدوا ذلك ونبذوا العنف ويعملون على إعادة بناء وطنهم، وأنه من المبكر جدا التنبؤ بزوال التجربة الديمقراطية الليبية.