بعد مفاوضات ومباحثات مكثفة استمرت عدة أشهر تغلبت فيها العلاقات الأخوية على الخلافات التى نشأت بينهما، نجحت كل من السعودية والكويت فى التوصل إلى اتفاق تاريخى بشأن استئناف إنتاج النفط للمنطقة المقسومة الحدودية، وهو ما يعزز الإنتاج النفطى للبلدين بنحو 500 ألف برميل يوميا، لترسخ البلدان الشقيقان بذلك مرحلة جديدة وقوية من العلاقات الثنائية. وقد وقع الاتفاقية الملحقة باتفاقيتى تقسيم المنطقة المقسومة والمنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة بين البلدين من الجانب السعودى الأمير عبدالعزيز بن سلمان آل سعود وزير الطاقة ومن الجانب الكويتى الشيخ الدكتور أحمد ناصر المحمد الصباح وزير خارجية الكويتى، فيما وقع مذكرة التفاهم الجانب الكويتى خالد الفاضل وزير النفط. التزام وقال الوزير السعودى عقب التوقيع، إن حصة المملكة من استئناف إنتاج البترول من الحقول المشتركة لن تؤثر على مستوى إمدادات المملكة إلى الأسواق العالمية، إذ سيكون إنتاج المملكة 9.744 ملايين برميل يومياً من النفط الخام التزاماً بهدفها المحدد فى اتفاق أوبك الأخير. وتشمل المنطقة المحايدة بين الكويت والسعودية حقلى «الخفجى» و«الوفرة»، ويتراوح إنتاجهما بين 500 و600 ألف برميل نفط يوميا، مناصفة بين الدولتين. توقيت مهم ويرى المراقبون أن توقيت عودة الإنتاج مهم لأسواق النفط، خصوصا أن اتفاق أوبك استهدف تعميق خفض الإنتاج بالربع الأول من العام الحالى، بنفس الكمية المتوقع إنتاجها من المنطقة بنحو 500 ألف برميل يومياً. وأن عودة الإنتاج بالمنطقة المقسومة ستنعكس مباشرة على الإيرادات النفطية ويصب فى صالح اقتصاد البلدين. وأن الإنتاج سيتم اقتسامه مناصفة بين الطرفين، وفى غالبه سيكون من النفط الثقيل وهو نوعية ينقص فيها المعروض العالمى. ومن المتوقع أن يتم التدرج للوصول للطاقة الإنتاجية الكاملة لحقول المنطقة، ولكنه لن يكون على حساب ميزان السوق، فى ظل حرص الدولتين على توازن واستقرار الأسواق، وبالتالى سينطلق الإنتاج بصورة طبيعية فى النصف الثانى من العام الحالى 2020، أو ضمن الحصة المقررة فى اتفاق أوبك. ويرى المراقبون أيضا أن عودة إنتاج المنطقة المقسومة ليس بالضرورة يؤدى إلى زيادة المعروض النفطى مع الالتزام باتفاق «أوبك»، إنما قد يكون فرصة جيدة لإراحة حقول نفط لدى الدولتين. استراتيجية نفطية ويشير المراقبون إلى أن هذا الاتفاق سيساعد فى تحقيق الكويت لاستراتيجية النفطية بحلول 2040، والوصول بإنتاجها النفطى لنحو 4 ملايين برميل، مقارنة بنحو 2.8 مليون برميل حالياً، وسيمثل طاقة فائضة يمكن اللجوء إليها إذ ارتفع الطلب العالمى. كما سيكون الامر إيجابيا لشركة أرامكو السعودية بعد طرحها بسوق الأسهم خصوصا إذا زادت الإمدادات السعودية للسوق العالمية. ترحيب سعودى ورحب مجلس الوزراء السعودى بتوقيع البلدين للاتفاقية الملحقة باتفاقيتى تقسيم المنطقة المقسومة والمنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة. كما رحب المجلس فى جلسته الأسبوعية نقلاً عن وكالة الأنباء السعودية «واس» بالاتفاق ومذكرة التفاهم بين البلدين. وأكد أن ذلك يجسد جانباً من العلاقات الاخوية المتميزة بين البلدين الشقيقين بقيادة خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز واخيه صاحب السمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد. ترحيب كويتي واعتبر مجلس الوزراء الكويتى الاتفاقية مع السعودية «إنجازاً تاريخياً». وذكر نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية ووزير الدولة لشئون مجلس الوزراء، أنس الصالح، أن مجلس الوزراء الكويتى أعرب عن «التقدير البالغ والعظيم للحظة التاريخية بتوقيع البلدين الشقيقين» للاتفاقية التى عدها «تجسيداً للعلاقات الأخوية المميزة والخاصة التى تؤكد إيمان قيادتى وشعبى البلدين الشقيقين بوحدة الهدف والمصير عبر التاريخ الممتد لسنين من التلاحم والترابط». وأضاف الصالح أن مجلس الوزراء الكويتى ثمن «هذا الإنجاز التاريخى ومستوى التعاون والتفاهم والتناغم الكبير بين فرق العمل السياسية والقانونية والفنية من كلا الجانبين وما بذلته من جهود خاصة لتحقيق رؤية القيادتين فى البلدين الشقيقين». تساوٍ وكان إنتاج النفط فى المنطقة المحايدة، التى تعود إلى اتفاقات أبرمت فى عشرينيات القرن الماضى أرست الحدود الإقليمية، يُقسم بالتساوى بين السعودية والكويت. وقد حسمت الاتفاقية الملحقة باتفاقية تقسيم المنطقة المحايدة واتفاقية تقسيم المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة بين الكويت والسعودية، مسألة الحدود بشكلها النهائى، حيث اعتبر الحد المنصف للمنطقة المحايدة الذى اعتمد فى الاتفاق، جزءاً من خط الحدود الدولية بين البلدين، تمارس فيه السعودية سيادتها الكاملة على إقليمها الواقع جنوب الخط، وتمارس الكويت سيادتها الكاملة على إقليمها الواقع فى شماله. إغلاق وجاء إغلاق حقل الخفجى المشترك فى عام 2014 لأسباب قيل فى حينها إنها تتعلق بالامتثال للوائح البيئية، لكن خرجت تقارير حول خلاف بسبب التشغيل أيضًا. وكانت التوترات تصاعدت منذ العقد الماضى، عندما غضبت الكويت جراء قرار سعودى بإطالة امتياز شركة شيفرون الأمريكية فى الوفرة حتى عام 2039 دون استشارة الكويت. وظلت الأمور على ما هى عليه حتى جاء موعد توقيع الاتفاقية فى 24 ديسمبر الماضى لتبدأ صفحة جديدة فى التاريخ النفطى بين البلدين، وشهادة للعالم على قدرتهما فى احتواء الاختلافات.