إبراهيم ناجي.. الطبيب والشاعر الكبير وصاحب رائعة "الأطلال" التى كتبها لحبيبته وتمنى أن تغنيها كوكب الشرق أم كلثوم في حياته، إلا أنها غنتها لأول مرة عام 1965 بعد وفاة شاعرها بثلاثة عشر عاما. في ذكري ميلاد كوكب الشرق.. أم كلثوم بدأت مشوارها الفني بملابس الرجال كانت بداية إبراهيم ناجي الشعرية عام 1926م، من خلال ترجمة بعض أشعار ألفريد دي موسييه وتوماس مور شعرًا ونشرها في جريدة "السياسة" الأسبوعية، وانضم بعد ذلك إلى جماعة أبوللو الشعرية عام 1932م وأصبح وكيلا لها. اشتهر ناجي بشعره الوجداني والرومانسي، وترجم بعض أشعار "بودلير" بعنوان "أزهار الشر"، كما ترجم عن الإنجليزية رواية "الجريمة والعقاب" للأديب ديستوفسكي، وعن الإيطالية رواية "الموت في إجازة". كما نشر دراسة عن شكسبير، وأصدر "مجلة حكيم البيت"، وألّف بعض الكتب الأدبية مثل "مدينة الأحلام" و"عالم الأسرة" ومن أشهر قصائده قصيدة "الأطلال" التي تغنت بها كوكب الشرق "أم كلثوم" ولحنها الموسيقار العملاق رياض السنباطي. تعرض شاعر الأطلال لهجوم عنيف بعد صدور ديوانه الأول من الأديبين عباس محمود العقاد وطه حسين؛ لارتباطه بجماعة أبوللو بعدما وصف عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين شعره بأنه "شعر صالونات لا يحتمل أن يخرج إلى الخلاء فيأخذه البرد من جوانبه". وعندما قرأ ناجي ذلك النقد وكان وقتها في لندن شعر بخيبة كبيرة، وبينما كان يجتاز أحد الشوارع هناك، صدمته سيارة ونقل على إثرها إلى المستشفى. وداعا أيها الشعر.. بهذه القصيدة عاد شاعر الرومانسية إلى مصر يائسا من الشعر والأصدقاء، وأخذ يكتب قصائد الهجاء في هذا وذاك، بل أخذ يترجم ويكتب القصص، فكتب قصة "مدينة الأحلام"، تحدث فيها عن حبه الأول، ونشرها مع قصص أخرى مؤلفة ومترجمة في كتاب يحمل العنوان نفسه، قال في مقدمته: "وداعاً أيها الشعر، وداعاً أيها الفن، وداعاً أيها الفكر"، وقد عاشت هذه المحنة في أعماقه فترة طويلة حتى توفي في 24 مارس من عام 1953م. ولد إبراهيم ناجي في حي شبرا بالقاهرة في 31 من ديسمبر عام 1898م، وكانت طفولته ونشأته تعكس حبه واهتمامه بالقراءة وتعلم اللغات، حيث أتقن الإنجليزية والفرنسية والألمانية. تخرج الشاعر الكبير من مدرسة الطب عام 1922م، وعين بعد تخرجه طبيباً في وزارة المواصلات، ثم في وزارة الصحة، و بعدها عيّن مراقباً للقسم الطبي في وزارة الأوقاف، وآثر التقاعد في سن مبكرة بعد تدهور حالته الصحية وتفرغ لعيادته الخاصة. اشتهر ناجي بأنه كان يعالج المرضي الفقراء بلا أجر، ويشارك في تشييع الجنازات، ويتأثر عاطفيا من أدني أمر، وقد عاش في بلدته المنصورة في الفترة الأولى من حياته وفيها رأى جمال الطبيعة وجمال نهر النيل فغلب على شعره الاتجاه العاطفي.