نشرت مجلة "فورين بوليسى" الأمريكية مقالاً ل"ويليام لورنس" مدير مشروع شمال إفريقيا فى مجموعة الأزمات الدولية(ICG)، تحت عنوان "قوات حفظ سلام متطوعة فى ليبيا"، حيث أشار الكاتب إلى أنه كان فى مطار قرطاج بتونس قبل فجر الثانى عشر من سبتمبر الجارى، استعدادًا للسفر الى طرابلس لمقابلة صديقه "كريس ستيفنز"، السفير الأمريكي الذي كان قد دعا جميع الأعضاء التسعة في المجموعة إلى منزله لحضور حفل استقبال مساء السبت للحديث عن الانتقال والتحول من ليبيا المضطربة الى ليبيا المستقرة. وحكى الكاتب كيف ان سائق التاكسى التونسى الذى اقله الى المطار تحدث معه عن الوضع السيئ فى ليبيا، وعندما دخل المطار، أمضى مسئول الهجرة والجوازات وقتا طويلا فى التدقيق فى جواز السفر ثم سأله" جئت بالأمس؟" فأجاب" نعم "فرد مسئول الجوازات" "لم يكن يوما جيدا بالنسبة لك"، فرد الكاتب "لماذا؟" فاجاب المسئول وهو مترددا، ويتمتم، بعيون حزينة، "انه 11 سبتمبر." واعاد جواز السفر دون ان يقول شيئًا اخر، وعندما وصلت إلى مطار طرابلس الدولي علمت بعواقب الهجوم على القنصلية الامريكية، ثم علمت لاحقا أن "كريس" كان يلفظ أنفاسه الأخيرة مع الدكتور "زياد بوزياد" في المركز الطبي ببنغازي الذى حاول ببسالة انقاذه لمدة 45 دقيقة، وبعد بضع ساعات انتقل جثمانه فى رحلته الأخيرة إلى فرانكفورت وسط مشاعر فياضة من الحزن وعدم التصديق على جانبي المحيط الأطلسي. ويضيف الكاتب أنه عرف "كريس ستيفنز" منذ أن خدما معا في فيلق السلام في المغرب، كما خدم تحت قيادته عندما كان يشغل موقع القائم بالأعمال في طرابلس. وخصصا عملهما لفهم المغاربية والعالم العربي، كما عادا بإصرار إلى ليبيا مرة أخرى، وقضيا الكثير من الوقت هناك كدبلوماسيين، وحققا الكثير من النجاح وفهما البلد وشعبه. واكد الكاتب ان مقتل "ستيفنز كريس" وثلاثة امريكيين من زملائه، هو تذكير صارخ بالتحديات في ليبيا، ولكنه يشير أيضا الى اى مدى يمكن ادارة السياسة الخارجية ولماذا نفعل ما نفعل، وكيف يجب علينا أن نفعل ذلك. نعم، نحن بحاجة إلى المزيد من الأمن، ولكن ليس بالاحتماء في السفارات المحصنة وحظر التجول وليس على حساب التواصل مع الناس من جميع مناحى الحياة. دعوة للاستيقاظ وينبغي أن كون الحادث أيضا بمثابة دعوة للاستيقاظ، ولاينبغي أن يؤدى بنا إلى التخلي عن ليبيا أو اساءة فهم حقيقة ما يحدث هناك. نعم، إن ليبيا بلد به كميات كبيرة من الاسلحة يعاني من النزاعات المسلحة، حيث الجماعات المسلحة تتجول بحرية، ولكن ليبيا هي أيضا واحدة من أكثر الانتفاضات العربية المشجعة، وتتعافى بشكل أسرع مما كان متوقعا. ورأى الكاتب أن خلاص ليبيا يعتمد على معرفة حقيقة مهمة وهى "أن الجماعات المسلحة ربما تسعى لصنع السلام والحفاظ عليه وليس الدخول في الأذى والفوضى. وحكى الكاتب ما حدث من أحد السائقين بالقنصلية الامريكية فى بنغازى وكيف انه عندما علم بالهجوم عاد مسرعًا الى سيارته لالتقاط بندقيته من طراز" AK-47" رغبه منه فى انقاذ السفير الامريكى، واشار الكاتب إلى أن هناك طريقتين لتفسير حكاية وجود البندقية فى السيارة، في واحد وهو أنه عار لا يصدق وجود ليبيى بدون بندقية فى سيارته، وهذا يؤشر على ان البلاد تتجه نحو الفوضى، لكن الرأي الآخر هو أن الليبيين يحتفظون بأعداد كبيرة من الأسلحة، في محاولة لتأمين بلادهم وثورتهم ومستقبلهم. رفض الميليشيات فقد خرج عشرات الآلاف من الليبيين في مسيرة "حفظ بنغازي" ضد الميليشيات الاسلامية، وهرع المئات من المواطنين الى مقر جماعة أنصار الشريعة التي ينحى عليها باللائمة في الهجمات على القنصلية، غير خائفين على حياتهم لطرد شاغليها الاسلامية المتشددين، وتوفي أحد عشر شخصا، وجرح العشرات، واعلن رئيس الجمعية الوطنية الجديدة العام، "محمد يوسف مقريف"، غلق مقرات جميع الميليشيات غير المصرح بها إلى أسفل. ورأى الكاتب ان المشكلة الرئيسية في ليبيا هو أنها لا تزال تفتقر إلى دولة فاعلة تماما، ودولة "القذافي" تحاول جاهدة تفكيك البلاد ، والجيش والشرطة يعانيان. فلماذا لم تنزلق ليبيا الى الفوضى؟. واجاب الكاتب ان تقرير" ICG " توصل الى بعض الإجابات عن هذا السؤال، بناءً على ما يقرب من عام من البحث مع المئات من أصحاب المصلحة الدوليين والمحليين، فقد تم اكتشاف ان كثيرًا من المواطنين العاديين انجرفوا فى العمل العسكرى من اجل تحرير وتأمين البلاد، وأن ذلك جنب ليبيا الأسوأ، لأن هؤلاء المتطوعين انقذوا البلاد من حافة الهاوية، سواء أثناء الثورة او بعدها، من خلال فرض وقف إطلاق النار، وتسوية النزاعات، وحفظ السلام، بأنفسهم وبمساعدة دولية ضئيلة.. ومن هنا يجب أن يتفهم الجميع طبيعة الجماعات المسلحة واهدافها، ويجب ان يتم تشجيعها على المشاركة في تحقيق الاستقرار في البلاد، والعمل كقوات مساعدة للدولة التي ليست مستعدة للدفاع عن نفسها، ناهيك عن الأراضي الليبية العظمى الواسعة.