غدا.. المصريون بالخارج يدلون بأصواتهم فى جولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025    اسعار الفراخ البيضا والبلدى اليوم الأحد 14ديسمبر 2025 فى المنيا    وزير التموين: أسواق اليوم الواحد ركيزة أساسية لتخفيف الأعباء وتوفير السلع بأسعار مخفضة    حماس بذكرى تأسيسها: نرفض كل أشكال الوصاية على غزة    الشرطة الأمريكية تلاحق مسلحا قتل شخصين وأصاب 9 آخرين في جامعة براون    6 حكام مصريين يغادرون إلى المغرب استعدادًا لأمم إفريقيا    الريال يبحث عن تقليص الفارق في سباق الصدارة.. تعرف على أبرز مباريات اليوم    الأرصاد: انخفاض كبير في درجات الحرارة وأمطار متفاوتة الشدة على عدد من المحافظات    أحمد داود يبدأ تصوير "ماما وبابا جيران" لرمضان 2026    فيروس أنفلونزا الخنازير يهدد المدارس| إجراءات هامة وعاجلة للوقاية منه    بروتوكول تعاون بين الاتصالات والنيابة العامة لتنفيذ 10 مشروعات تطوير رقمى    تعرف على سعر الدولار أمام الجنيه في بداية تعاملات اليوم 14 ديسمبر    وزير الري يتابع موقف مشروعات الخطة الاستثمارية للعام المالى الحالى 2025 / 2026    77 عامًا وحقوق الإنسان لم تعرف فلسطين والدعم المصرى مستمر    جوتيريش: استهداف قوات حفظ السلام بجنوب كردفان جريمة حرب    وزيرا خارجية مصر ومالي يبحثان تطورات الأوضاع في منطقة الساحل    قائد الجيش الأوكراني: نتصدى لأكبر هجمات روسية منذ بدء الحرب على طول خط الجبهة    زلزال بقوة 5 درجات يضرب مدينة «كراتشي» الباكستانية    البوصلة    إخطار المقبولين بكلية الشرطة للعام الدراسي الجديد هاتفيًا وبرسائل نصية    اختبار صعب لمرموش مع مانشستر سيتي قبل الانضمام لمعسكر المنتخب    كأس عاصمة مصر.. الأهلي يبدأ استعداداته لمواجهة سيراميكا    100 مليون جنيه إسترليني تهدد بقاء محمد صلاح في ليفربول    الميركاتو الشتوى على صفيح ساخن.. الدورى السعودى يغرى محمد صلاح بعرض جديد.. روما يخطط لإنقاذ عمر مرموش من دكة مانشستر سيتي.. رادار جيرونا يرصد شوبير.. و3 أندية أوروبية تهدد حلم برشلونة فى ضم جوهرة الأهلى    القاهرة تستضيف ورشة عمل حول إيقاف تشغيل المحطات النووية    الداخلية تنفى وجود تجمعات بعدد من المحافظات.. وتؤكد: فبركة إخوانية بصور قديمة    اليوم.. محاكمة الشيخ سمير مصطفى بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية    اليوم.. انطلاق اختبارات التقييم لطلاب الصفين الأول والثاني الابتدائي    استقرار اسعار الذهب اليوم الأحد 14ديسمبر 2025 فى محلات الصاغه بالمنيا    معرض عن رحلة العائلة المقدسة بمتحف الطفل بالتعاون مع المركز الثقافي المجري    لماذا تسخرون من السقا؟!    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 14ديسمبر 2025 فى المنيا    ارتفاع أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 14 ديسمبر 2025    الصحة: تقديم 19.2 مليون خدمة طبية بالمنشآت الطبية في محافظة القاهرة    هام من الصحة بشأن حقيقة وجود فيروس ماربورغ في مصر.. تفاصيل    الصحة: تقديم 19.2 مليون خدمة طبية بالمنشآت الطبية في محافظة القاهرة    دون خسائر بشرية.. اندلاع حريق في منزل بساحل سليم أسيوط    اليوم.. محاكمة المتهمين بقتل طفل شبرا الخيمة بقضية الدارك ويب    بمشاركة اشرف عبد الباقي.. ختام مهرجان المنيا الدولي للمسرح في دورته الثالثة (صور)    إعلام إسرائيلى : إيطاليا أعربت عن استعدادها للمشاركة فى قوة الاستقرار بغزة    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الاحد 14-12-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 14-12-2025 في محافظة قنا    45 دقيقة متوسط تأخيرات قطارات «طنطا - دمياط».. 14 ديسمبر    مصرع حداد سقطت عليه رأس سيارة نقل بالدقهلية    الشرطة الأمريكية تفتش جامعة براون بعد مقتل 2 وإصابة 8 في إطلاق نار    لميس الحديدي: اتفرجت على "الست" مرتين.. الناس بتصفق بعد كل مشهد    ستار بوست| عبلة كامل تتحدث بعد غياب.. وقرار غير حياة عمرو يوسف    رئيس الإنجيلية يبدأ جولته الرعوية بمحافظة المنيا    فيلم فلسطين 36 يفتتح الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية بحضور مخرجته وكامل الباشا    نائب وزير الصحة: حياة كريمة كانت السبب الأكبر في إعلان مصر خالية من التراكوما المسبب للعمى    الكتب المخفضة تستقطب زوار معرض جدة للكتاب 2025    باريس سان جيرمان يفوز على ميتز في الدوري الفرنسي    المستشار عبد الرحمن الشهاوي يخوض سباق انتخابات نادي قضاة مصر    آرسنال ينتزع فوزًا مثيرًا من وولفرهامبتون ويواصل الابتعاد في الصدارة    طفل يلقي مصرعه خنقًاً.. ويُكشف عنه أثناء لعب أصدقائه بقرية اللوزي بالداقهلية    يسري جبر يوضح حقيقة العلاج بالقرآن وتحديد عددٍ للقراءة    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين التجربة المصرية والألمانية "1 3 "
نشر في الوفد يوم 14 - 09 - 2012

صديقي الدكتور ثابت عيد عاشق لمصر وترابها ، ورغم بعده عنها منذ عقود إلا أنها تعيش في وجدانه ويحلم أن يعود إليها وهي عزيزة وبعد الثورة كان متابعا جيدا للحدث، ويقرأ ما يكتب با نتباه ووعي شديدين ... وكان يؤمن بأن مصر لا يجب أن يحكمها العسكريون ، لأن العقلية العسكرية عقلية حرب ، حيث جيوش العالم تجيد التدمير، ، وإن أجادت البناء فهي قد خرجت عن طبعها ، وتحولت إلى هدف آخر غير الحرب وحماية الحدود ..
وصديقي ثابت كان يتحدث معي بالساعات، ويكتب لي الكثير من الملاحظات فآثرت ونحن في رحلة بناء مصر الجديدة أن أنقل للقارئ شيئا مما دار بيننا وخاصة في التجربة الألمانية والمصرية ..
تصعب المقارنة بين الحكم العسكري على مصر منذ يولية 1952، والتحول الكبير في ألمانيا عقب الحرب العالمية الثانية هؤلاء قادوا تحملا من الملكية إلى الجمهورية ولم تصل مصر إلى مصاف العالم الثاني الذي نهض من كبوته مقتفيا طريق الأمم التي تنشد التقدم
وألمانيا بعدما هزمت شر هزيمة لملمت جراحها ، وتعافت واستمدت من تاريخها فكرة الشعب المتميز "العرق الآري" لتنهض بقوة رغم فقدان خيرة شبابها في الحرب فبرزت المرأة خارج حدود الأسرة لتشارك الرجال في نهضة البلاد.
كان هذا الموضوع محور نقاش طويل مع البروفيسور ثابت عيد الباحث والكاتب المصري، والذي يعيش في عاصمة المال زيوريخ بسويسرا.
ونلحظ في رؤية البروفيسر ثابت عيد مقارنة بالغة الأهمية لنلحظ أن الجمهورية الأولي التي برزت للوجود عقب ثورة 1952، وإن كان يتحفظ على "الثورة" لأنها لم تقدم الكثير إلى الشعب وإن حققت استقلالا منظورا عن بريطانيا وجلاء عن أرض الوطن ولكن أحدثت اندفاعاً إلى الاتحاد السوفييتي والكتلة الشرقية الاستراكية حين فكر العسكريون في مشروع قومي كبير السد العالي ورفض الغرب تمويله ليدخل السوفييت المعترك لتتسرف الأيديولوجية مع الدعم
تعلقت أعين الشعب بالسد العالي ولا ننكر دوره في توسعة نسبية للرقعة الزراعية وإن حدث تحول سلبي كبير، وكانت أن شرعت الآلة الإعلامية لتلعب دورا كبيرا في تضخيم الإنجاز وإن كان مع المقارنة بالإنجاز الألماني عقب الحرب يعد الإنجاز المصري ضئيلا ، ولم يكن المردود مستداما ، فإن وفّر الماء المخزون ببحيرة السد، إلا أنه أوجد أزمة لم تحل إلا نسبيا لسكان النوبة الذين رحلوا ، وتشتت الكثيرون منهم في العالم ، ولم تسع الحكومات المتعاقبة إلى حل مشكلتهم إلا بالمسكنات .
ومشكلتهم ليست بيوتا تبنى للسكنى، ولكن تنمية مستدامة تؤسس للحياة الكريمة بمنظومة حياة متكاملة ماداوموا لم يتحركوا وشارك السد العالي بإنتاج نسبة من الكهرباء بطريقة نظيفة إلا أن سلبيات كثيرة بدت من السد، ولم تستثمر البحيرة التي تعد أكبر بحيرة صناعية في العالم باستثمار مقدراتها بجعلها على خريطة المصايد المعتبرة في مصر، ولا شاطئها الذي يمكن أن يكون مهوى السياح ومشتى رائع لو أُحسن استثماره، ولا الطمي المتراكم في دعم التربة الصحرواوية في توشكا، والصحراوات المصرية
لقد دعمت الثورة بتزييف ثقافي كبير على الشعب المصري، وحاول أباطرتها بناء مجد على غير أساس، مجد قومي وتصويري مجلس قيادة الثورة على أنه المنقذ للعالم من الاستعمار، والإقطاع، وسيطرة رأس المال على الحكم، وأنه يطلب حياة ديمقراطية سليمة، غلى آخر مطالب الثورة ، ولكن مرت السنوات وتحول الضباط الأحرار أو من كانوا أحرارا إلى صناع للديكتاتورية الجديدة التي يدعمها شعب يتحرك ويتوقف بأن يضغط القائد على "أزرار" كما أراد عبد الناصر، وبرزت أمراض كثيرة ليس هذا مجال ذكرها.
وكما يقول ثابت عيد :" يعجز المرء عن تقديم وصف وافٍ لجرائم مابعد الثورة بمصر منذ ستّين عامًا".
ويعطي مثلا عن دخل الفرد المصري اليوم، ونقارنه بدخل المواطن الألماني. فألمانيا الّتي بدأت نهضتها الحديثة بعد انتهاء الحرب العالميّة الثّانية سنة 1945م، تمكّنت، بعكس الحكم العسكري بمصر، من تأسيس دولة متقدّمة حديثة.
في مصر الّذين قاموا بانقلابهم سنة 1952م قادوا مصرنا إلى تراجع شامل . في حين الألمان قادوا بلادهم إلى الرّفاهية الشّاملة. فيعدّ اقتصاد ألمانيا اليوم هو ثالث أقوى اقتصاد في العالم، والأقوى أوروبيّا. في حين أنّ اقتصاد مصر شبه منهار بعد ستّين عامًا .
ويرجع عيد الانهيار حسب وصفه إلى النّهب والسّرقة والتّخلّف والقمع.
مضيفا ثابت عيد قائلا :"لدينا في مصر اليوم أفراد لا يزيد دخلهم الشهري عن مائة جنيه مصري، أي أقلّ من 15 يورو. في الوقت الّذي يبلغ فيه دخل عامل نظافة في ألمانيا ألف يورو شهريًّا، أي حوالي ثمانية آلاف جنيه مصريّ.
وهذا حد أدني من الدخول التي تعادل الاحتياج الإنساني، فالسكرتيرة مثلا دخلها أكثر من ألفي يورو، أو المدير، أكثر من أربعة آلاف يورو، شهريًّا.
النظام العسكري الديكتاتوري أوصلنا إلى "الهلاك الشّامل" حسب تعبيره .
ويذكر أن شعبنا لولا جيل الشّباب الصّاعد شعب تتفشى فيه الأمراض ويذكر أن أكثر من عشرة ملايين مصري أنصاف موتى بسبب أمراض الكبد، أو الكُلى،و السّرطان، والسّمنة، أو السكّر، ناهيك عن الأنيميا.
ويورد الدكتور عيد حقيقة مُرّة تفيد أنّ لدينا نحو عشرة ملايين معاق في مصر، ونصف الشّعب يعيش تحت خط الفقر، بأقل من نصف دولار يوميًّا.
ويشير إلى دمار كبير في مجالات التعليم نصف الشعب أميّ. و يعاني التعليم من التخبط ، ولا تتناسب مخرجاته للأسف مع متطلبات سوق العمل الحديث، فالتعليم التقليدي لا يناسب قطاع الأعمال، ويحتاج الشباب لإعادة تأهيل ولا يلقّاها إلا المحظوظون .
ويعرج ثابت عيد على مجالات أخرى قائلا بنبرة تشاؤمية :"اقتصادنا شبه منهار. قضاؤنا يحتاج إلى علاج مرير وإحلال. جيشنا به الكثير من المشكلات، حتى أحزابنا ، باستثناء الحرية والعدالة ضعيفة، مثل حزب العمل الإسلاميّ. سائر الأحزاب الأخرى مثل الوفد والأحرار، والوسط لديها مشكلات مستعصية فلا وجود لها في الشّارع.
كلّ هذه جرائم ضدّ الشّعب العظيم، وضدّ الإنسانيّة جمعاء، لأنّ الحكم الديكتاتوري العسكري على مدى ستين عاما لم يحرم هذا الشّعب العظيم من حقوقه المشروعة فحسب، بل أيضًا دمّر ما كان من الممكن أن يقدّمه هذا الشّعب العظيم إلى الإنسانيّة من إبداع، واختراع، وتطوير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.