رأت صحيفة "جارديان" البريطانية أنه من الصعب حل الأزمة السورية على غرار الانتقال السلمي للسلطة في اليمن نظرا لتباين المصالح الأجنبية في سوريا ووحشية نظام الأسد ضد شعبه. وقالت الصحيفة: "باعتبار التدخل العسكري الأجنبى أو الضربات الجوية على غرار ليبيا من الخيارات غير الممكنة بالنسبة لسوريا، فإن ذلك أدى إلى توجه فكر بعض السياسيين الغربيين إلى انتقال السلطة في دمشق على غرار النموذج اليمني". واستندت الصحيفة فى تحليلها إلى الجوانب الثلاثة الرئيسية للنموذج اليمني وهى منح الحصانة للرئيس اليمني، ونقل سلطته إلى نائبه، وتشكيل حكومة توافق وطني، مع نصف وزراء من الحزب الحاكم. وأضافت الصحيفة أنه يبدو أن مثل هذا النموذج يكون صعب تنفيذه اليوم في سوريا وذلك لأسباب كثيرة: أولا: من ناحية العلاقات الدولية فاليمن تختلف اختلافا جوهريا عن سوريا، فتصميم خارطة طريق للانتقال السياسي في اليمن بشكل رئيسي من قبل المملكة العربية السعودية، القوة العملاقة في شبه الجزيرة العربية، والتي لديها شبكة واسعة من المحسوبية القائمة على صلات وثيقة مع الجهات الحكومية وغير الحكومية العديدة داخل اليمن، مما يؤكد قدرتها لرمي ثقلها وراء التوسط في انتقال سلمي للسلطة في صنعاء، فالملف السياسي اليمني، في الأساس، هو ملف الأمن السعودي. وثانيا: فإن الأزمة في سوريا لديها سياق دولي أوسع بكثير، حيث إنها تقع وسط مجموعة من التحالفات الاستراتيجية مع إيران وروسيا والصين، فضلا عن تزايد الصلة المناهضة للهيمنة الأمريكية في حقبة ما بعد الحرب الباردة. وعلى عكس اليمن سياسيا وثقافيا كانت متجانسة من دول الخليج الغنية بالنفط، أما سوريا غير متجانسة مع البرامج السياسية المتضاربة والمصالح بداخلها، ولذلك لا يمكن لخريطة طريق انتقال سوريا أن تكون بنفس الوضع في اليمن، وأن تصمم إقليميا. ثالثا: فإن وحشية نظام الرئيس السوري "بشار الأسد" تجاوزت درجة ومدة الاستجابة تجاه الانتفاضات الشعبية وردود الفعل العدوانية عن كل الأنظمة لجميع القادة المخلوعين من تونس ومصر واليمن وليبيا، ونتيجة لذلك، فإن تجربة الفزع الجماعي من المجتمع السوري اليوم هو أوسع من ذلك بكثير وأعمق بكثير مما كان عليه في جميع الأماكن الأخرى التي زارها الربيع العربي. ومع مقتل عشرات الآلاف وتدمير عشرات المدن ومئات الآلاف الذين لجأوا إلى مخيمات على طول الحدود مع الأردن وتركيا، فإنه أصبح من الصعب أن نتخيل السيناريو الازدواجي في اليمن للانتقال السلمي للسلطة. رابعا: كان الرئيس اليمني "علي عبد الله صالح" كيانا سياسيا هشا يحكمه بنية العائلية بين العشائر القبلية، التي اخترقت الجيش مجهولي الهوية المؤسسية والحفاظ على هيكل عبر شبكة من المحسوبية، فضلا عن ضعف التجهيزات في السلطة المركزية في اليمن، نظرا للتاريخ الطويل من عدم الاستقرار المستمر للشعب اليمني وحل النزاعات التقليدية والوساطة، وتقبل الصدمات السياسية والتعامل مع الشكوك. أما نظام الأسد فمركزي وقبضته كانت حديدية على سوريا، ومن ناحية أخرى، فإنها تتركز على الطائفية، المتمثلة في "العلويين"، القائمة على السيطرة على الأمن والجيش ومؤسسات الدولة، وشراسة المخابرات، ولذلك فإنه من الصعب التعامل مع تداعيات إسقاط نظام طائفي قائم على التعامل مع أعقاب إزالة النظام القبلي التابع له بأكلمه. واختتمت الصحيفة تحليلها، قائلة: إذا لم يوافق الأسد على التنحي مقابل الحصانة من الملاحقة القضائية، كما فعل صالح في اليمن، وعدم تقديم مرتكبي الفظائع في سوريا إلى العدالة، في ظل الرغبة في الانتقام من الطائفة العلوية التي أصبحت الطريق الوحيد بالنسبة للعديد من السوريين، فإن تطبيق النموذج اليمني في سوريا من شأنه أن يؤجج معركة طائفية في سوريا.