بعد طول انتظار لحكومة مصر المحروسة منذ تولى الرئيس محمد مرسى فى نهاية يونيو الماضى، تمخض الجبل فولد حكومة الدكتور هشام قنديل، مهندس الرى، الذى تولى وزارتها والذى لم يظهر أى بركات أو حركات تشير إلى أن هذا العبقرى يمكن أن يحل المشاكل المزمنة والمتراكمة فى بر المحروسة.. الدكتور «قنديل» لم يحدث تقدماً فى مفاوضات المياه مع دول حوض النيل ولم يحل مشكلة الرى لدى أهالينا من الفلاحين الذين عانوا كثيراً فى الحصول على مياه الرى،خاصة فى نهايات الترع، ولكن لحكمة ما لا يعلمها إلا الله والرئيس «مرسى» تم تكليفه لتشكيل حكومة تدير مصر فى الفترة الانتقالية حتى صدور الدستور الجديد للبلاد، وحتى انتخابات مجلس الشعب، وعقب ذلك سيتم تشكيل حكومة جديدة من الحزب الفائز بالأغلبية البرلمانية، من هذا المنطلق كان هناك الكثير من الاعتذارات عن عدم المشاركة فى هذه الحكومة الانتقالية خاصة من الأحزاب الليبرالية وكذلك حزب النور، وخرجت الحكومة من حزبى «الحرية والعدالة» و«الوسط» المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين وباقى الأعضاء من التكنوقراط والبيروقراطيين الذين كانوا يعملون فى أجهزة الدولة. الوعود والأمنيات كبيرة وكثيرة فى جو متوتر ومتقلب وخاصة أن الحالة الأمنية رغم كل مجهودات الوزير السابق محمد إبراهيم لازالت على ما لا يرام، فقد سادت البلطجة وقويت شوكة البلطجية الذين أصبح لهم السطوة فى الشارع.. إضافة إلى الباعة الجائلين الذين افترشوا كل ميادين وشوارع المحروسة دون خوف أو رهبة من قانون أو ممن ينفذون القانون. على أية حال أصبحت حكومة الدكتور هشام قنديل أمراً واقعاً ندعو لها بالتوفيق ونتمنى أن تحقق الخير والنماء للمصريين وتأتى لهم بالمن والسلوى الذى انتظرناه طويلاً، ولكن هل هذه الحكومة التى لا تضم سياسيين أو أصحاب خبرات قادرة على الوصول بالبلاد إلى بر الأمان وتحقيق برنامج الرئيس، على المدى القصير «المائة يوم» وبرنامجه الطويل خلال فترة توليه رئاسة الدولة وتحقيق برنامج النهضة؟ هل الدكتور «قنديل» الرجل «التكنوقراط» المتخصص فى هندسة الرى يستطيع أن يدير شئون البلاد سياسياً واقتصادياً وأمنياً وفى شتى المجالات.. أم أنه سيظل يعمل طبقاً لتوجيهات السيد الرئيس.. وكأنك يا أبوزيد ما غزيت لنعمل طبقاً للموروث السابق على ثورة 25 يناير.. نتحرك بالريموت كونترول، حيث كانت مصر هبة الرئيس ولا يحرك أحد ساكناً إلا بتعليمات الرئيس وكأن الوطن قد اختزل فى شخصه مما أدى إلى الانهيار الذى شهدته البلاد فى زمن حكم «المخلوع» والفترة التى تلت قيام الثورة. رئيس الوزراء الجديد خرجت تصريحاته بأنه سيعمل بناء على توجيهات الرئيس، رغم أن رئيس الوزراء مكلف فقط بالخطاب الذى تم تكليفه به والمهام المحددة فيه، إما أن ينتظر رزق يوم بيوم وتكليفات الرئيس ساعة بساعة فهذه ليست حكومة وهذه ليست دولة.. فأين الفكر الذى أتيت به وأين خططك ووزراؤك للخروج بالبلاد من الأزمة إلى بر الأمان؟ إذا كنتم ستعملون كسكرتارية للرئيس فكان من الأوفق أن يصبح الرئيس هو رئيس الوزراء وهذه ليست بدعة وقد تكررت فى زمن الرؤساء جمال عبدالناصر والسادات ومبارك لتحقيق أهداف بعينها حين يجمع الرئيس بين منصبه ورئيس الوزراء.. كنا ننتظر هذا من الرئيس مرسى لتحقيق برنامجه العاجل فى المائة يوم، ولكنه رأى أن يأتى بشماعة تتحمل الفشل ويمكن إقصاؤه وبيعها على أول ناصية.. فهل البلاد تتحمل مثل هذه المغامرات وإضاعة الوقت وخاصة أن الاقتصاد على حافة الهاوية ولم يعد يتحمل المزيد من الهزات وخاصة بعد فقد أكثر من 20 مليار دولار من رصيد النقد الأجنبى منذ قيام الثورة وحتى الآن.. فماذا ستفعل يا سيادة الرئيس وماذا سيفعل رئيس وزراء المحروسة مهندس الرى المحترم؟ الرئيس هو الذى يكلف.. الرئيس هو الذى يقرر.. الرئيس هو الذى يعمل؟! هل هذه هى إرهاصات لعمل الرئيس الإله؟ وأين دور الباقين وهل هى إعادة لدولة الرئيس؟ الرئيس قرر توزيع 2 مليون فدان على الشباب والفلاحين أين كانت هذه الأرض من قبل؟ وهل هذه من باب الدعاية للرئيس؟ وهل كانوا يخبئون هذه الأرض تحت البلاطة لإخراجها للتوزيع بعد فوز الرئيس؟ هل الموارد المائية فى مصر تحتمل زراعة 2 مليون فدان جديدة أم أن ذلك يحتاج تطور منظومة الرى لتوفير المياه اللازمة لزراعة تلك الأراضى.. الرئيس يتدخل لحل مشكلة دهشور التى أدت إلى الأحداث المؤسفة بين المسلمين والمسيحيين فى القرية التى أدت إلى هروب سكان القرية من المسيحيين خشية الانتقام منهم بعد وفاة مواطن مسلم.. هل الأمر يحتاج تدخل الرئيس وتكليفه لمحافظ الجيزة لحل المشكلة.. أم أننا فى دولة قانون يعطى كل ذى حق حقه.. لماذا لا يفعل القانون ويلقى المخطئ جزاءه دون توجيهات الرئيس أو غيره؟.. أليس ذلك محاولة لصنع الفرعون من جديد؟ وإلى متى تستمر هذه العقليات ومتى تتغير حتى نحكم بالقانون وليس بالتوجيهات؟ الامتحان الحقيقى لحكومة الدكتور قنديل هو إعادة الأمن وبقوة إلى الشارع حتى نضمن السياحة وحتى نضمن أن يأتى أحد ليستثمر فى بلادنا وحتى نضمن أن نعيش فى أمن وأمان فى ظل هذا الانفلات والبلطجية غير المسبوقة فى التاريخ المصرى.. نريد الأمن وبقوة وبدعم من رئيس الدولة والقوات المسلحة وكفانا ما أهدر فى عمر الوطن.. فإذا ضاع الأمن ضاع كل شىء.. هل الاعتداءات اليومية التى تحدث على المستشفيات أمر طبيعى أم يحتاج إلى استخدام القوة والشدة فى مواجهتها.. قطع الطرق والاعتداء على مرافق الدولة أليس التصدى له من صميم عمل الأمن بناء على تكليفات رئيس الدولة فى برنامج المائة يوم؟.. قبل أن تفكر الحكومة فى عمل أية مشروعات جديدة عليها الانتهاء من المشروعات التى لم تكتمل وخاصة فى مجالات الكهرباء ومياه الشرب والصرف الصحى.. لأنها ستأتى بنتائج مباشرة تريح المواطنين وتقلل من مساحات التصادم مع أجهزة الدولة على الحكومة أن تبدأ فوراً فى تشغيل أكثر من 2000 مصنع متوقف فى مدن العاشر من رمضان و6 أكتوبر والعامرية وبرج العرب وغيرها من المدن الصناعية.. فهذه المصانع تحتاج إلى موارد قليلة لتشغيلها مقارنة بأى مصنع جديد يمكن إنشاؤه.. على الحكومة والشعب أن يعملا بجد من أجل إيقاف نزيف الوطن.. وأهلاً بحكومة الدكتور «قنديل» على ما تفرج.