مبنى السفارة الأمريكية فى طهران سيظل شاهد عيان على حدث تاريخى ربما ظل محوراً لأداء الأمريكان لسنوات، فمنذ اقتحام السفارة عام 1979 تحول المبنى إلي متحف ومزار يجسد الهيمنة والسطوة الأمريكية، وكان من نتيجته أزمة دبلوماسية أدت إلي انقطاع العلاقات بين إيران وأمريكا حتى الآن. فقبل ثلاثة وثلاثين عاماً اقتحمت مجموعة من الطلاب الإسلاميين في إيران السفارة الأمريكية بها دعما للثورة الإيرانية واحتجزوا 52 مواطنا أمريكيا لمدة 444 يوماً من 4 نوفمبر 1979 حتي 20 يناير 1981 وبعد فشل التفاوض على إطلاق سراح الرهائن قامت الولاياتالمتحدة بعملية عسكرية لإنقاذهم في 24 إبريل 1980 ولكنها فشلت وأدت إلى تدمير طائرتين ومقتل ثمانية جنود أمريكيين وإيراني مدني واحد. وانتهت الأزمة بالتوقيع على اتفاقية الجزائر في 19 يناير 1981. وأفرج عن الرهائن رسميا في اليوم التالي، بعد دقائق من أداء الرئيس الأمريكي الجديد رونالد ريجان اليمين. وُوصفت الأزمة بأنها حادثة محورية في تاريخ العلاقات بين إيرانوالولاياتالمتحدة ويعتقد بعض المحللين السياسيين أن الأزمة كانت سببا في هزيمة الرئيس الأمريكي جيمي كارتر في الانتخابات الرئاسية، وفي إيران عززت الأزمة من وضع آية الله الخميني وكانت بداية فرض عقوبات اقتصادية أمريكية على إيران. «الوفد» زارت مقر السفارة الأمريكية سابقاً وتجولت فى طرقاته وكشفت ما به من أسرار. يقع المبنى فى قلب العاصمة طهران فى مواجهة مبنى مجمع التقريب بين المذاهب، والمبنى كان قصراً أثرياً حوله حديقة كبيرة مساحتها تبلغ ثلاثة أفدنة تقريبا ويطوقه سور حديدى يبلغ ارتفاعه أربعة أمتار، عند مدخل البوابة الرئيسية وضع الثوار الإيرانيون لوحة ضخمة لتمثال الحرية وقد ارتدى ملابس قرصان والدماء تسيل من فمه، وفى الحديقة وامام باب مبنى السفارة وضعت بقايا حطام الطائرة الهليكوبتر التى اتت فى مهمة لإنقاذ الرهائن ولكنها فشلت وتحطمت، وعلى جانبى مدخل المبنى فى اليمين يقف تمثال الحرية وقد افرغوا بطنه ووضعوا بها حمامتين واغلقوا الفتحة بالحديد فى اشارة إلي حبس حمامتى السلام، وعلى الجانب الأيسر تمثال لضابط السفارة الأمريكى وقد وضع يديه فوق رأسه مستسلماً للثوار، اما المبنى فهو عريض وبابه الخارجى مصنوع من عدة طبقات اشبه بالفولاذ، ومكون من طابقين الأول وكان مخصصاً لإنهاء اجراءات التأشيرات ويضم عدة حجرات كانت مخصصة للموظفين أبوابها محصنة أيضاً وخاصة غرفة بها خزينة حديدية محطمة من اثر الاقتحام، واثناء صعودنا للطابق الثانى لاحظنا رسومات بالزيت على الحائط تجسد الثورة وعملية الاقتحام. اما الطابق الثانى فهو طابق الأسرار فلم يكن يصعد إليه سوى ضباط المخابرات واصحاب المهام الخاصة، وبه عدة حجرات غريبة إحداها غرفة زجاجية كانت مخصصة للاجتماعات الهامة وهى مؤمنة جيداً حتى يصعب التنصت على من بداخلها وقد وضع بداخلها ثلاثة تماثيل لأشخاص مجتمعين، وهناك حجرة أخرى محصنة بباب فولاذى لا يفتح الا ببصمة العين والوزن وبداخلها أجهزة قديمة وشاشات تشبه الكمبيوتر وعلمنا أنها كانت غرفة الاتصال المباشر مع أمريكا على طريقة «الكونفرانس»، وهناك غرفة أخرى بها آلات كاتبة وأجهزة غريبة يقال إنها كانت تستخدم للتجسس على إيران، الغريب أن هذه الحجرة مازال بها صور بعض الأمريكان الذين اعتادوا دخولها، وهناك غرفة أخرى بها تماثيل تجسد عملية محاولة هروب الأمريكان من السور وقد وضعت بها لافتة بالفارسى مكتوب عليها «تسخير لأنه جاسوسى أمريكى» وقد لاحظنا العديد من العبارات المكتوبة بالفارسية على الجدران وهى بيد الثوار الذين قاموا بالاقتحام وكلها سب وادانة للجواسيس الأمريكان. وبعدما شاهدناه داخل هذه السفارة من أجهزة حديثة واحتياطات تأمينية كانت عام 1979 ترى كيف يكون شكل السفارات الأمريكية من الداخل الآن ونحن فى 2012 اى بعد 33 عاماً؟