نبدأ مشوارنا العالمي عن عالمية الإسلام مع ما جاء مع العلامة «توماس أرنولد» في مؤلفه عن «الدعوة إلي الإسلام» بمؤلفنا: الفكر القانوني الإسلامي - المعهد العالي للدراسات الإسلامية - ص227 وما بعدها. يقول توماس أرنولد: «إن ما يعبر به النبي في هذه الآيات السابق شرحها من مطالبة البشرية كلها بارتضاء الإسلام دينا ليزداد وضوحا في قول محمد متنبئا «إن بلالا أول ثمار الحبشة، وإن صهيبا أول ثمار الروم، وكان سلمان أول من أسلم، ويضيف أرنولد: «وهكذا صرح الرسول بكل وضوح وجلاء بأن الإسلام ليس مقصورا علي الجنس العربي قبل أن يدور في خلد العرب أي شيء يتعلق بحياة الفتح والغزو بزمن طويل وأن تلك البعوث التي كان يرسلها النبي الي الحكام وإلي كل الشعوب للدعوة الي الإسلام لتشير الي عموم الرسالة». وضيف أولا قول النبي لأصحابه بعد أن فرغ ذات مرة من الصلاة: «انطلقوا ولا تصنعوا كما صنعت رسل عيسي بن مريم فإنهم أتوا القريب وتركوا البعيد». وقد أعلنها عالمية الرسول في قوله: «بعثت الي الناس كافة، إلي الأحمر والأسود»، وكانت البداية العالمية من تبليغ رسالة الإسلام الي الشعوب كافة عن طريق حكامها الذين كانوا يسيطرون علي مقاليد الحكم في ذلك الحين ومن ملوك وأباطرة وأمراء : «يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته». ويؤكد هذا المعني توماس أرنولد بقوله: «لم تكن رسالة الإسلام مقصورة علي بلاد العرب، بل إن للعالم أجمع نصيبا منها، ولما لم يكن هناك غير إله واحد، كذلك لا يكون هناك غير دين واحد يُدعي إليه الناس كافة، ولكي تكون هذه الدعوة عامة وتحدث أثرها المنشود في جميع الناس وفي جميع الشعوب، نراها تتخذ صورة عملية في الكتب التي بعث بها النبي في السنة السادسة من الهجرة «688 ميلادية» إلي عظماء ملوك ذلك الزمان، إذ في هذه في السنة أرسل الرسول كتابا الي هرقل قيصر الروم وإلي كسري ملك فارس والمقوقس حاكم مصر والحارس الغساني ملك الحيرة والحارث الحميري ملك اليمن وإلي النجاشي ملك الحبشة». ونشير الي بعض من هذه الرسائل: 1 - كتاب النبي صلي الله عليه وسلم الي هرقل قيصر الروم: «بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد بن عبدالله ورسوله الي هرقل قيصر الروم، السلام علي من اتبع الهدي، أما بعد أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين وإن تتولي فإن إثم الأكارين عليك (يا أهل الكتاب تعالوا إلي كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا، ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون). 2 - كتاب النبي صلي الله عليه وسلم إلي كسري فارس: «من محمد رسول الله الي كسري عظيم فارس، سلام علي من اتبع الهدي، وآمن بالله ورسوله وأدعوك بدعاية الله عز وجل فإني رسول الله الي الناس كافة ولأنذر من كان حيا ويحق القول علي الكافرين، وأسلم تسلم، فإن توليت فإن إثم المجوس عليك»، ونفس الرسائل أرسلت الي حكام دول ذلك الزمان، الدعوة إلي الإسلام حيث السلام، وإلي المقوقس حاكم مصر، ومن المعروف أن تلك الرابطة خلقت للمسلمين أصهارا وأنسابا من مصر، فإن إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام من زوجته المصرية هاجر وتزوج النبي صلي الله عليه وسلم من مارية القبطية المصرية وأنجبت له ابنه إبراهيم».