نجحت إسرائيل من خلال العملية الإرهابية الغاشمة التي وقعت في رفح والتي قام فيها مسلحون بمهاجمة مركز أمني مصري على الحدود مع إسرائيل أثناء تناول الجنود طعام الإفطار وأسفرت عن مقتل 16 جندياً وإصابة آخرين واختطاف مدرعتين فى أن تبرهن على أن سيناء مخترقة الكذبة التى ترددها منذ ثورة 25 يناير حيث نشرت تقارير كثيرة تزعم فيها أن سيناء مخترقة وأن الجيش المصرى لم يستطع السيطرة على شبه الجزيرة. وهدف إسرائيل واضح وهو إظهار سيناء أمام العالم منطقة تهدد أمن إسرائيل وتمثل خطرا حقيقيا على وجود الدولة اليهودية ولهذا يحقق لها استعادة أجزاء من سيناء للحفاظ على أمن إسرائيل وهذا ما أكدته دراسة نشرها مركز "بيجن السادات" للدراسات الاستراتيجية في جامعة بار إيلان. وقالت الدراسة التي جاءت تحت عنوان الثورات العربية 2011 والأمن القومي الإسرائيلي "إن الثورة المصرية بجانب الثورات العربية وإيران خلقت وضعا أمنيا هو الأكثر خطورة بالنسبة لإسرائيل منذ نهاية الحرب الباردة وأن الجو الأمني في إسرائيل هو الأسوأ الآن مما كانت عليه في أي وقت مضى". وأوضحت الدراسة التي أعدها البروفيسور "أفرايم عنبر" مدير المركز أن إسرائيل ستضطر في ظل ظروف معينة إلى استعادة أجزاء من شبه جزيرة سيناء في ظل حكم الرئيس المصري الجديد د. محمد مرسي في حال استمر تدهور الوضع الأمني هناك بعد سقوط الرئيس السابق حسني مبارك. ووصفت الدراسة الوضع الأمني في سيناء على إسرائيل بالمريع زاعمة أنه منذ سقوط نظام مبارك قبل عام أصبحت شبه جزيرة سيناء منطقة ينعدم فيها القانون ويسهل للمسلحين العثور على ملاذٍ لهم، داعية الحكومة الإسرائيلية إلى تشديد الإجراءات الأمنية على طول الحدود المصرية. وقالت الدراسة: إن البيئة الأمنية المتغيرة حول إسرائيل قد تدهورت زاعمة أنه على الرغم من هذا فإن إسرائيل تبقى دولة قوية وأن الفرق بين قوة إسرائيل وجيرانها هو أكبر من أي وقت مضى حيث تسمح لإسرائيل بمواجهة معظم التحديات وخوض الكثير من المعارك في وقت واحد بمفردها. وبعد العملية الغادرة اعتبر وزير الدفاع الصهيونى إيهود باراك بشكل معلن وصريح أن الهجوم على معبر كرم أبو سالم يشكل جرس إنذار لمصر كي تحكم سيطرتها الأمنية على شمال سيناء. ووصف باراك أداء القوات الإسرائيلية بأنه كان رد فعل حاداَ من جانب الجيش الاسرائيلي وقيادة الجبهة الجنوبية وكانت عملية جيدة جداً من جانب الشاباك أدت الى منع حدوث اعتداء أكبر بكثير. وفى السياق ذاته فقد علق معظم المحللين السياسيين الاسرائيليين على الحادث حيث قال المعلق "دان مرجليت" في صحيفة إسرائيل اليوم إن الجيش والشاباك نجحا في منع حادثة استراتيجية ذات قدرة انفجارية مميزة كان يمكن أن تدفع إسرائيل الى معركة معقدة على جبهات كثيرة . وأضاف أيضا أن هذه العملية قد أثبتت أن سيناء أصبحت أرضاً بلا حاكم ولا حكم. وفى تلميح صريح لإمكانية سيطرة إسرائيل على سيناء، قال المحلل الأمني في صحيفة يديعوت أحرونوت "الكس فيشمان": إنه بعد حدوث عملية كرم أبو سالم لن يكون هناك مناص فإسرائيل تقترب من نقطة ستضطر فيها إلى ان تعالج بنفسها سيناء مع كل ما يحمل ذلك من معان ويشمل ذلك العلاقات مع مصر وإلا فسيكون هنا حمام دم بصورة لم نعرفها الى الآن. وفى السياق ذاته، نقلت صحيفة هاآرتس عن مصدر إسرائيلى عسكرى تهديده بمطاردة المسلحين من تنظيم القاعدة - على حد قوله - فى قلب سيناء المصرية اذا لم يتصرف المصريون كما يجب لفرض سلطتهم على أراضيهم ومنع المسلحين من تنفيذ اعتداءات على اسرائيل. وقال بنيامين نتنياهو إن الهجوم الذى نفذه المسلحون على حاجز حرس الحدود المصرى قرب رفح كان مقدمة لهجوم استهدف إسرائيل بالأساس لكنه أثبت أن هناك مصلحة إسرائيلية مصرية مشتركة للحفاظ على حدودهما آمنة وأثبت من جهة أخرى أنه عندما يتعلق الأمر بأمن إسرائيل وسكانها لا تستطيع إسرائيل إلا أن تعتمد على قواها الذاتية – فى اشارة الى أن هذه العملية تنذر بوجود خطر على وجود إسرائيل ولهذا يحق لها التدخل لحماية نفسها وفى هذا تهديد واضح بدخول القوات الاسرائيلية الى قلب سيناء بحجة حماية حدودها وأراضيها والحفاظ على أمنها. وتحت عنوان «معضلة سيناء»، كتب بن كاسبيت في صحيفة معاريف، يقول إن التحدي الأمني الذي باتت إسرائيل تواجهه في الواقع الجديد صعب أكثر بكثير مما شهدنا في الماضي.. من الآن فصاعداً نحن نقاتل ضد ظلال، ضد شبكات إرهاب، ضد فروع وأجنحة الجهاد على أنواعه المختلفة. وتساءل "كاسبيت" عن المدى الذي يمكن لإسرائيل أن تتجلد فيه إزاء معضلة مواجهة الخطر الآتى من سيناء وما ينطوي عليه من خطر استفزاز مصر . ورأى الكاتب أنه في ضوء بكاء الرئيس المصري السابق حسني مبارك في قفصه ووفاة عمر سليمان فإن كل ما تبقى لنا هو الاشتياق للعالم القديم الذى أخلى مكانه لعالم أخطر بكثير. وفى محاولة منها لإبعاد الشبهات عنها نشرت صحيفة معاريف قائمة بأسماء أخطر الجماعات الإسلامية الموجودة في سيناء على حد زعمها وأشارت إلى أن إحدي هذه الجماعات وهي "جماعة التكفير والهجرة" هي من قامت بالعملية الإرهابية الأخيرة ضد قوات الجيش المصري في سيناء. ولكن شهد شاهد من أهلها فقد كشف موقع القناة التانية الإسرائيلية عن قيام "تال روسو" قائد المنطقة الجنوبية الإسرائيلية بالذهاب إلى الحدود الإسرائيلية عند النقطة الحدودية التابعة لهم والمقابلة للنقطة المصرية وأمر بإخلائها قبيل ساعات من الهجوم على النقطة المصرية. وقال الموقع إن قائد المنطقة الجنوبية أمر بإخلاء موقع الحراسة القريب من نقطة اختراق السياج الحدودي لأن المعلومات التي توافرت لديه أكدت أن الهجوم العسكري سيكون شرسًا وقويًا على النقطة المصرية. وعند الغروب علمت القوات الإسرائيلية بالهجوم على النقطة الحدودية المصرية، الأمر الذي أكد لديها صحة المعلومات التى كانت لديها، وأعلنتها منذ مساء يوم الجمعة الماضي. في المقابل، ذكر المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، اليكس فيشمان، أن تل أبيب حذّرت مصر، وطالبتها بالتحرك لاجتثاث الارهاب من سيناء، والا فإنها ستتحرك بنفسها للقيام بذلك مع ما يجره ذلك من مخاطر. وقال فيشمان، إن الاجهزة الامنية الاسرائيلية كانت على علم مسبق بالعملية التي أسفرت عن مقتل 16 جنديا مصريا، وكانت تعرف ان حدثا كبيرا يجري التخطيط له. مشيرا الى ان رئيس الوزراء وقادة الاجهزة الاستخبارية الاسرائيلية كانوا ينتظرون الحدث نظرا لتوافر معلومات استخبارية تتحدث عن قرب حصول عملية هجومية. وزعم فيشمان ان تل أبيب اطلعت مصر على المعلومات التي تقول إن خلايا إرهابية تنوي تنفيذ عمليات في سيناء الا ان الجانب المصري لم يعر اهتمامه لتلك المعلومات. واعتبر فيشمان انه ليس من باب الصدفة ان تتواجد قوات الجيش الاسرائيلي في النقطة المحصنة التي هاجمها المسلحون وتم إخلاؤها سابقا فيما كانت طائرة هليكوبتر اسرائيلية تكمن في الجو للمدرعة الثانية مؤكدا تواجد قائد المنطقة الجنوبية الجنرال "روسو" في غرفة العمليات قبل بدء الهجوم. واضاف المحلل الاسرائيلي أن تل أبيب تعيد حاليا بناء استخباراتها داخل سيناء بعد إهمال أكثر استمر لأكثر من 30 عاما.