تخرج شادى الفخرانى فى منتصف التسعينيات من القرن الماضى وكان طالبا متفوقا فى المعهد العالى للسينما حتى انه حصل على جائزة فى مهرجان سينما الطفل وهو لايزال طالبا فى السنه الثانية, وكان مشروع تخرجه الفيلم القصير (بص مع اللى جنبك) من أجمل افلام التخرج التى شاهدتها, وساعد كبار المخرجين فى السينما والتليفزيون حتى وصل الى مساعد أول, كل ذلك لم يشفع له عند صناع المسلسلات ليعطوه الفرصة, بعيدا عن والده النجم يحيي الفخرانى والذي قدم مخرجين أقل من شادي وبعضهم غير مصريين بأريحية عالية وفهم لدور النجم فى الدفع بالمواهب الجديدة. وقد انتظر يحيي إيمانا منه بقدرات ابنه وان من حقه ان يأخذ فرصته الأولى بعيدا عنه ولكن للاسف لم يحدث!! ولا أعرف حقيقة كيف نعطى فى مصر الفرص للشباب الموهوب المصري الدارس.. وان يكون ذلك بكرامتهم وفى ظروف صحيحة ومناسبة؟؟ المهم ان يحيي الفخرانى النجم حينما قرر ان يدفع بالمخرج شادى الفخرانى الى الإخراج لأول مرة فى مسلسل الخواجة عبدالقادر كان يستحق الفرصة والتى تأخرت كثيرا لخلل فى المنظومة الإنتاجية وعدم عدالة فى تقديم الأجيال الجديدة خاصة المخرجين!! والحقيقة انى أشفقت على شادى من العمل فى عمل كتبه عبدالرحيم كمال فأعماله ذات طبيعة ملحمية أحيانا شكسبيرية وأحيانا يونانية حتى وان كانت تدور فى الصعيد فى الماضى أو الحاضر, واعتقد ان نص الخواجة عبدالقادر من أجمل وأصعب ما كتبه عبد الرحيم كمال حيث يستعرض قصه رجل تحول من النظرة العدمية للحياة وعدم ايمانه بأي شىء إلى الصوفية التى حولته إلى إنسان مؤمن وذي بصيرة صحيحة وشفافة, ومن خلال قصة الخواجة وعلاقاته المتشعبة فى المجتمع تعرفنا على الصعيد فى القرن الماضى وصولا الى هذه الأيام من خلال شخصيات كثيرة ومتنوعة أجانب وسودانين وصعايدة أشرار وأخيار واطفال. سادة وفقراء.. وقد تصدي شادي بشجاعة لحالة صعبة ومغايرة بل وغريبة عن الدراما المصرية عموما فقدم صورة بديعة عبرت بصدق عن العصر وتداخل الأزمان واختار اماكن تصوير جديده وبكر على الدراما التليفزيونية وكان الديكور بسيطا ومعبرا اما الإضاءة فأعتقد انها من انجح ما قدم هذا العام فى جمالياتها ووظيفتها الدرامية, أما الموسيقى المصاحبة فهى ابداع متفرد ومتميز بشكل كبير مع سيطرة تامة على الممثلين الذين كانوا فى افضل حالاتهم, وأداء طبيعى ومبهر لأطفال استطاع ان يديرهم ببراعة. مع تقديم الصراع الداخلى والصراع الخارجى بفهم تام لطبيعة العمل فلا استعراض التجربة الأولى ولا استسهال مخلاً.. وبالرغم من وجود عدد كبير من المسلسلات فى رمضان هذا العام سيظل مسلسل الخواجة عبدالقادر حالة خاصة ومستعصية على المقارنة. أهلا بشادى الفخرانى مخرجاً حساساً ومثقف..اخذ فرصته عن جدارة واستحقاق.