أصدر المجلس الأعلي للقوات المسلحة في 17 يونيو الماضي الإعلان الدستوري المكمل وذلك بعد صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية المواد المنظمة للانتخابات بالقائمة الفردية والقائمة الحزبية، مع ما يترتب علي ذلك من آثار.. إلخ، وسبق أن أوضحنا أن هذا الإعلان الدستوري المكمل له قوة الدستور وإعمال السيادة كما قضت بحق محكمة القضاء الإداري منذ أيام، ولا يعدل هذا الإعلان الدستوري سوي المجلس الأعلي للقوات المسلحة، وذلك إلي أن يتم الاستفتاء الشعبي علي مشروع الدستور الجديد، وقد تضمن الإعلان الدستوري المكمل في المادة الثانية منه استبدال النص بأن «ينظم القانون حق الترشيح لمجلسي الشعب والشوري وفقاً لأي نظام انتخابي يحدده» ونصت بدلاً من نص المادة 38 من الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس عام 2011 المعروف بالدستور المؤقت، الذي كان ينص في الفقرة الثانية من هذه المادة علي أنه يجوز أن يتضمن النظام الانتخابي الذي يحدده القانون حداً أدني لمشاركة المرأة في المجلسين، وبناء علي ذلك لم يعد جائزاً دستورياً تحديد حد أدني لمشاركة المرأة في البرلمان، وليس معروفاً ما هو المبرر لهذا التعديل، وقد شاركت المرأة في ثورة 25 يناير، كما أنه بقي علي المواد 32 و35 من الدستور المؤقت النص علي وجوب أن يكون نصف الأعضاء بمجلسي الشعب والشوري خمسين في المائة من العمال والفلاحين. وقد نصت المادة الأولي من الإعلان الدستوري المكمل علي إضافة عدة مواد وفقرات إلي الدستور المؤقت. ويمكن تقسيم هذه الإضافة إلي قسمين ويتضمن القسم الأول أحكاماً تتعلق باختصاصات وسلطات للمجلس الأعلي للقوات المسلحة وتقضي المادة المضافة برقم 53 مكرر 1 بأن يستمر المجلس الأعلي للقوات المسلحة بتنظيمه وتشكيله الحالي وأن يكون له التصرف في كل ما يتعلق بشئون القوات المسلحة، خاصة ما يتعلق بالتعيين ومد الخدمة لأفراد هذه القوات، كما يقرر النص أن يكون لرئيس المجلس المذكور «حالياً» جميع السلطات المقررة بالقوانين واللوائح للقائد العام للقوات المسلحة، واشترطت المادة 53 مكرر 1 موافقة المجلس الأعلي المذكور علي إعلان الحرب بواسطة رئيس الجمهورية كما قضت المادة 53 مكرر 2 باشتراط موافقة المجلس المذكور بإجازة اشتراك القوات المسلحة في مهام حفظ الأمن وحماية المنشآت الحيوية بالبلاد وذلك في حالة حدوث اضطرابات داخل البلاد تستوجب تدخل هذه القوات المسلحة، وأناطت هذه المادة بالقانون تحديد سلطات هذه القوات ومهامها وحالات استخدام القوة والقبض والاحتجاز، والاختصاص القضائي وحالات انتفاء المسئولية، وبديهي أن اشتراك القوات المسلحة في تأمين المنشآت والشارع يقتضي توفر صفة الضبطية القضائية في المواجهة مع أعمال الشغب والتخريب.. إلخ، وقد نصت المادة 56 مكرر 1 بتولي المجلس الأعلي المذكور ممارسة السلطة التشريعية في البلاد بدلاً من مجلس الشعب الباطل بحكم المحكمة الدستورية العليا. وقد أثارت هذه النصوص اعتراض عديد من الإخوان المسلمين والسلفيين مع عدد من رجال القانون والدستوريين المعروفين بميولهم الإسلامية وذهب معظمهم إلي أن الإعلان الدستوري ليس من اختصاصات المجلس الأعلي للقوات المسلحة بعد أن تم انتخاب رئيس الجمهورية د. مرسي، وكان يتعين باعتباره رئيساً للدولة أن يعهد إليه بالسلطة التشريعية، بدلاً من مجلس الشعب الباطل وقد ذهب البعض منهم إلي أن هذا الإعلان الدستوري المكمل مجرد قرار إداري، وأقاموا عدة دعاوي أمام محكمة القضاء الإداري لإلغائه، كما ارتفع بميدان التحرير الهتاف من الإخوان وحلفائهم الإسلاميين، المعتصمين بإسقاط هذا الإعلان الدستوري وسبق القول بأن محكمة القضاء الإداري قد رفضت هذه الدعاوي وقضت بعدم ولايتها لأن الإعلان الدستوري الطبيعي من أعمال السيادة، ومن الأحكام ذات المرتبة الدستورية، ومع ذلك قد بقي الاعتراض علي أحكام الإعلان الدستوري المذكور، بأنه يقيد اختصاصات رئيس الجمهورية المنتخب، والحقيقة أن جمع الرئيس المنتخب بين رئاسة السلطة التنفيذية وممارسة السلطة التشريعية يجعله خلفاً لرئيس كان يهيمن علي السلطتين، وهو أمر غير مقبول في دولة تبني بعد ثورة شعبية نظاماً ديمقراطياً.. ومن الغريب أن هيمنة الفرعون المخلوع علي سلطات الدولة كان ومازال مداناً ومرفوضاً من أغلبية الشعب المصري.. وللحديث بقية. رئيس مجلس الدولة الأسبق