ثارت الاعتراضات بشدة علي النصوص التي وردت بالإعلان الدستوري المكمل، وقد استند المعترضون إلي الزعم بعدم اختصاص المجلس الأعلي للقوات المسلحة بإصدار إعلانات دستورية، وقد شرحنا عدم صحة ذلك في مقال الأسبوع الماضي، وأكدنا أن هذا المجلس يملك إصدار أو تعديل الإعلانات الدستورية بناء علي «الشرعية الدستورية الثورية»، وقد صدرت هذه الاعتراضات من الإخوان المسلمين والسلفيين والموالين لهم، وتقضي مواد هذا الإعلان الدستوري المكمل باختصاص المجلس الأعلي للقوات المسلحة بالتشكيل القائم وقت العمل بهذا الإعلان بتقرير كل ما يتعلق بشئون القوات المسلحة وتعيين قادتها، ومد خدمتهم، ويكون لرئيس المجلس حتي إقرار الدستور الجديد جميع السلطات المقررة في القوانين واللوائح للقائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع، كما نص علي أن يعلن رئيس الجمهورية الحرب بعد موافقة هذا المجلس الأعلي، وأنه في حالة حدوث اضطرابات داخل البلاد، وتتطلب تدخل القوات المسلحة يتم ذلك بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة المجلس الأعلي للقوات المسلحة علي مشاركتها في مهام حفظ الأمن وحماية المنشآت الحيوية في الدولة، وعلي أن يبين القانون سلطات القوات المسلحة ومهامها وحالات استخدام القوة والقبض والاحتجاز والاختصاص القضائي وحالات انتفاء المسئولية «المواد المضافة برقم 53 مكرر، و53 مكرر 1، و53 مكرر 2، إلي الدستور المؤقت».. والمادة 53 مكرر مادة مؤقتة، ولا تنفذ إلا خلال الفترة من صدور الإعلان الدستوري المكمل، وحتي إقرار الدستور الجديد بالاستفتاء وذلك ضماناً لاستقرار الأوضاع، بالنسبة للقوات المسلحة ومجلسها الأعلي الذي اختص وحمي الثورة، ومراعاة لظروف الأمن القومي، خاصة لمواجهة التهديدات الإسرائيلية مع كفالة الأمن الداخلي، أما المادتان الأخريان، فإنهما لا تقرران جديداً، حيث إن موافقة المجلس الأعلي علي إعلان رئيس الجمهورية الحرب، هو البديل الحتمي لاشتراط موافقة مجلس الشعب علي ذلك بعد عودة السلطة التشريعية إلي المجلس الأعلي العسكري، نتيجة لنفاذ الحكم ببطلان مجلس الشعب، كما أن المادة «53 مكرر» تحصيل حاصل لأنه يحدث بالضرورة التفاهم بين رئيس الجمهورية والمجلس الأعلي للقوات المسلحة فعند طلب تدخلها للمحافظة علي الأمن العام وحماية المنشآت الحيوية في الدولة! وتتعلق باقي أحكام الإعلان الدستوري المكمل بالجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد، وتقضي المادة 60 من الدستور المؤقت بأن يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسي شعب وشوري في اجتماع مشترك بدعوة من المجلس الأعلي للقوات المسلحة خلال ستة أشهر من انتخابهم لانتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو، تتولي إعداد مشروع دستور جديد للبلاد خلال موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها، ويعرض المشروع خلال خمسة عشر يوماً من إعداده علي الشعب، لاستفتائه في شأنه، ويعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه، في الاستفتاء ولم يتضمن نص هذه المادة تحديد الشروط والمعايير والأوضاع والإجراءات الخاصة بانتخاب أعضاء هذه الجمعية التأسيسية ومدي جواز انتخابهم من بين أعضاء المجلسين، ولا أيضاً تحديد الإجراءات والقواعد الخاصة بصحة اجتماع هذه الجمعية التأسيسية، وإصدار قراراتها بشأن مشروعات مواد الدستور الجديد، ومن ثم فإن استكمال أحكام هذه المادة لإمكان تطبيقها يقتضي صدور إعلان دستوري بهذه القواعد والإجراءات من المجلس الأعلي للقوات المسلحة، وذلك بناء علي «الشرعية الدستورية الثورية» التي يختص بها هذا المجلس لحين إتمام صدور الدستور الجديد، والعمل به وقد صدر الحكم من محكمة القضاء الإداري ببطلان تشكيل الجمعية التأسيسية المذكورة في المرة الأولي لاختيار معظم أعضائها من مجلسي الشعب والشوري، ومن حزبي الأكثرية «أي الحرية والعدالة والنور» كأعضاء في الجمعية المذكورة بالمخالفة للمادة 60 سالفة الذكر، هذا فضلاً عن اغتصاب مؤتمر المجلسين لاختصاص المجلس الأعلي للقوات المسلحة الخاص بوضع القواعد وتحديد الإجراءات الخاصة بانتخاب أعضاء الجمعية، وبأداء مهمتها، ورغم ذلك فإن مجلس الشعب قد تعمد التحايل علي الحكم المذكور، وأي مشروع قانون بوضع القواعد والإجراءات التي يخص بها المجلس العسكري، وقام مؤتمر المجلسين بناء علي هذا المشروع الذي لم يعتمده أو يصدره المجلس العسكري لكي يكون قانوناً نافذاً، بإجراء انتخاب شكلي لمائة عضو بالجمعية، فضلاً عن خمسين عضواً من الاحتياطيين وذلك من بين 1830 مرشحاً في كشوف لا يوجد بها معلومات موضوعية كافية، تسمح بمباشرة النواب المنتخبين لحريتهم الانتخابية بصورة موضوعية وحرة، فالانتخاب ليس سوي اختيار بين اثنين أو أكثر من الأفراد المرشحين، بناء علي المعرفة الكافية لكل منهم وإلا كان الانتخاب مجرد تعيين واختيار، وهو ما حدث بالفعل وحدد القياديون في جماعة الإخوان والسلفيين «قائمة دوارة» متفق عليها بأسماء الأعضاء المفروض علي الأعضاء المنتخبين من المجلسين انتخابهم وهذه مخالفة جسيمة تبطل عملية اختيار الأسماء بهذه القائمة الدوارة لأنها تنتفي حدوث انتخاب حر وجدي وموضوعي لهم وقد تعمد الذين حرروا هذه القائمة إدراج أسماء لأعضاء مجلسي الشعب والشوري فيها وبذلك تحقق بطلان هذه الجمعية التأسيسية.. وللحديث بقية. رئيس مجلس الدولة الأسبق