قبل أسابيع تناولت غياب آلية عزل ومعاقبة ومحاكمة رئيس مجلس الشعب من نصوص الدستور، وقلت: فى الدستور المعطل يمكنك أن تعزل رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء، وتستطيع أن تعزل أعضاء مجلسي الشعب والشورى، لكن من المستحيل أن تعزل رئيسي مجلسي الشعب والشورى، وفى الدستور المعطل أيضا يمكنك أن تحيل رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء وأعضاء مجلس الشعب والشورى إلى التحقيق فى حالة ارتكابهم ما يخالف القانون، ويمكنك أيضا من خلال مواد الدستور تقديمهم إلى المحاكمة وتوقيع العقوبة عليهم، لكن من الخيال أن تفعل هذا مع رئيسي مجلسي الشعب والشورى. المادة «85» من الدستور تعطى الحق لثلث أعضاء مجلس الشعب بتوجيه اتهامات لرئيس الجمهورية، وتجعل الاتهامات واجبة التحقيق بموافقة الثلثين، والمادة «96» تعطى لثلثي المجلس بإسقاط العضوية عن العضو فى حالات فقد الثقة أو فقد شروط العضوية، والمادة «126» تعطى لأغلبية الأعضاء بسحب الثقة من نائب رئيس الوزراء أو احد الوزراء أو نوابهم، والمادة «127» تعطى أغلبية المجلس إجبار رئيس الجمهورية على طرح الثقة فى الوزارة على الاستفتاء الشعبي أو حل مجلس الشعب، والمادة «159» تعطى لرئيس الجمهورية ولمجلس الشعب إحالة الوزير إلى المحاكمة. المادة «31» من لائحة مجلس الشعب خصت لجنة القيم بتوقيع الجزاءات المنصوص عليها باللائحة «المادة 377» على الأعضاء، وأعطت لرئيس المجلس مسئولية إخطار العضو بالجزاء، والمادة «33» سمحت لعضو أن يتظلم من العقوبة بمذكرة يقدمها لرئيس المجلس، وفى المادتين «359 و360» يأذن رئيس المجلس بالتحقيق مع العضو فى الجرائم أو رفع الحصانة عنه لتقديمه للمحاكمة. وهذا يعنى أن الدستور واللائحة الداخلية يمنحان رئيس المجلس سلطات تفوق سلطات رئيس الجمهورية، فإذا قارنا الحصانة الخاصة برئيس المجلس نكتشف استحالة خرقها بحال من الأحوال، فيمكنك توجيه اتهامات لرئيس الجمهورية بالدستور ولا تستطيع اتهام رئيسي مجلسي الشعب أو الشورى، الدستور يسمح لنا بمحاكمة رئيس الجمهورية ولا يمكننا من محاكمة رئيسي مجلسي الشعب والشورى، وأضعف الإيمان عندما يخطئ رئيس المجلس فى حق أحد الأعضاء تحت القبة من المستحيل إحالته إلى لجنة القيم، فاللائحة لا تنص سوى على تقديم الأعضاء فقط وبأمر من رئيس المجلس. هذا بالنسبة للعقوبات وماذا عن قرار العزل؟، ماذا لو أكتشف الأعضاء أن رئيس البرلمان عصبي المزاج وحاد في الردود ومتسرع في الحكم ويهين الأعضاء، ما هي الآلية لعزله من منصبه؟، اعتقد أن هذه القضايا محورية ويجب ان ننظرها ونحن بصدد كتابة الدستور، وكذلك ونحن نعيد كتابة لائحة المجلس، يجب أن نعمل على توفير المواد أو النصوص التي تعطى للعضو حق مخاصمة رئيس المجلس، وتوفر آلية محددة لإحالته للتحقيق ومعاقبته مثل سائر الأعضاء، كما يجب أن ينص الدستور على كيفية تغيير رئيس المجلس في حالة التأكد من عدم قدرته على الإدارة بشكل محايد، وعلينا أن نفرق بين عزله من منصبه وبين إسقاط العضوية عنه، وأن تسرى هذه التغييرات على رئيس مجلس الشورى. وهو ما يجعلنا نثير فرضية قد نواجهها خلال البرلمان القادم، وهى ماذا لو تجاوز رئيس البرلمان مع أحد الأعضاء؟، وماذا لو أصر العضو على التحقيق فى الواقعة؟، وماذا لو تمسك بحقه قانونا؟، حينئذ من الذي سيحيل رئيس البرلمان للتحقيق؟، وهل سيحال إلى لجنة القيم مثله كسائر الأعضاء؟، وهل مواد الدستور أو اللائحة الداخلية تتضمن هذه الإحالة؟، وماذا لو رأت معاقبته بتجميد عضويته لفترة؟، وماذا لو تكررت العقوبة؟، وماذا لو تأكد الأعضاء أن رئيس البرلمان الذى قاموا بانتخابه ليس جديرا بالإدارة أو أنه يجنح إلى الأعضاء التابعين لحزبه على حساب باقى الأعضاء؟، ما هى الآلية لسحب الثقة منه؟، وما هى النسبة التى تقرر التصويت على طرح الثقة فيه؟، وما هى النسبة التى يمكن معها عزله؟ هذه القضية نحيلها للجنة التأسيسية التى تضع مواد الدستور الجديد، لكى يضعوا لنا آلية يمكن معها معاقبة وعزل رئيسي مجلسى الشعب والشورى، لأنه ليس من العدل ولا من الديمقراطية أن يتضمن الدستور آلية لعزل ومحاكمة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء وأعضاء البرلمان، ولا توجد آلية ممثلة فى الدستور أو فى لائحة البرلمان لعزل أو تأديب أو محاكمة رئيس البرلمان.