في الوقت الذي تعاني فيه مصر من بطالة تصل إلي أكثر من 3 ملايين شخص، يعاني قطاع صناعة الملابس الجاهزة من البحث عن 120 ألف عامل علي الأقل، وتسير خطوات زيادة العمالة بصورة بدائية، لا يجانبها تدريب، أو اهتمام من جانب وزارة الصناعة والجهات الأخرى، حتي أن عدد العمالة المدربة في هذا المجال لا يتخطى 500 ألف عامل فقط. وكانت بعض الدول مثل فرنسا تنبأت لمصر قبل 10 أعوام بالصعود إلي مكانة مهمة في صناعة وتصدير الملابس الجاهزة والمنسوجات، إلا أن عدم وجود كفاءة عمالية أدي إلى تراجع تلك الصناعة، كما أن ارتفاع الفائدة البنكية إلى 15٪ ساهم في إضعاف الصناعة. ويؤكد محمد قاسم، رئيس مجلس تصدير الملابس الجاهزة، أن مشكلة العمالة تتفاقم بشكل ملحوظ، بسبب غياب الدورات التدريبية المهنية، بخلاف عدم تعاون البنوك مع المصدرين والصناع عموماً، حيث إن البنوك لم يعد لديها رغبة في التمويل مما يهدد بانحسار هذه الصناعة شيئاً فشيئاً. وقال إن نقص العمالة يؤثر علي الصناعة من الناحية المحلية والتصديرية، مما أعطى الفرصة لدولة مثل الصين أن تفرض منتجاتها علي السوق المصري، حيث لم تجد من ينافسها، ومن ناحية أخري فإننا كثيراً ما نتلقي طلبات لاستيراد المنتجات المصرية، وتواجهنا مشكلة نقص العمالة لاستيفاء طلبات المستوردين. ويشير المهندس مجدي طلبة، الرئيس السابق لمجلس تصدير الملابس الجاهزة، إلي أن العمالة في هذا المجال تعاني من عجز رهيب في مجال الصناعات النسيجية ككل يصل إلي 250 ألف عامل علي الأقل، حيث تتوافر خطوط الإنتاج ولا تتوافر العمالة. وقال «طلبة» إن هناك العديد من المصانع الكبيرة التي يتوافر فيها التدريب، ولكن الخطورة تكمن في رفض الجيل الجديد العمل ك «عامل»، فالكل يبحث عن وظيفة مكتبية، وهذا يرجع إلي غياب دور التعليم.. والتوجيه الإعلامي من جانب وزارة الصناعة والقوي العاملة، ومركز تحديث الصناعة كجهاز تدريبى. ويرفض الشباب هذا العمل رغم أن الدخل الذي يحققه قد يكون أعلي من الدخل الوظيفى، حيث يبلغ دخل عامل ماكينة الخياطة ما بين 900 و950 جنيهاً، كما تم رفع الحد الأدنى لدخل العمالة المساعدة إلي 700 جنيه، حيث كان يتراوح ما بين 300 و400 جنيه. وأشار «طلبة» إلي أن العمل كان يتطلب استخدام عمالة من الخارج، حيث إن القانون يتيح ذلك بنسبة 10٪، ويصل إجمالي العمالة الأجنبية المؤمن عليها إلي 30 ألف عامل في جميع القطاعات، بينما يضم قطاع الملابس والمنسوجات 20 ألف عامل غير مصري، غير أن العمالة الأجنبية بدأت في التراجع عقب الثورة، حيث لم تعد التصاريح تتم بسهولة، ولم يعد الدخل مناسباً ومجزياً بالنسبة إليهم. وأكد طلبة أن قانون العمل يحمل الكثير من التشوهات الواجب إصلاحها، غير أن الحكومة لا تتخذ أي قرارات، وأن ثقافة العامل في مصر أصبحت الأخذ دون عطاء، مما تسبب في هبوط إنتاجية العامل. ويؤكد يحيي زنانيري نائب رئيس شعبة الملابس بغرفة القاهرة التجارية أن التدريب في مصر اجتهادى وارتجالي ولا يتم من خلال جهات منظمة، وأن نقطة الانطلاق مفقودة. وأشار إلى هروب الشباب من هذه النوعية من الأعمال مفضلاً بذلك الوظيفة غير الثابتة ولا إلزام فيها بالمواعيد حيث تكون مربحة أكثر من وجهة نظره.. والحقيقة أن هذا المجال يتضمن ربحية ومكاسب كبيرة غير أنه لا يجد الدعم الحكومي والتوعية الكافية.