ربما لم تجد الحكومة وسيلة أخري للتكفير عن ذنبها طوال السنوات الماضية تجاه محافظات الصعيد، التي ذاقت مرارة النسيان والتهميش سوي قرار ضمها لاتفاقية الكويز. فقد يكون الحلم الأمريكي للصعايدة قد يتحقق حينما تغزو منتجاتهم السوق الأمريكية بدون جمارك. المبادرة لم تأت من الحكومة فقط، وإنما كانت بناء علي طلبات الشركات والمستثمرين والمحافظين في الصعيد، ورغبتهم في المنافسة بمنتجاتهم بالسوق الأمريكية. إضافة محافظات الصعيد إلي المناطق الصناعية، جاء بعد أن شهدت المناطق الصناعية التي تستفيد من هذا البروتوكول زيادة كبيرة في صادراتها. الصناعات التي تضمها بنود الاتفاقية تتمثل في الصناعات الهندسية، الغذائية، الملابس الجاهزة والمنسوجات، وكلها صناعات متوافرة بمحافظات الصعيد، باستثناء محافظتين لا تتوافر بهما أي من هذه الصناعات، وهما أسوان والبحر الأحمر، حيث تعتمد هذه المحافظات علي سلعتي السياحة والآثار. بقدر نبرة التفاؤل السائدة بين المستثمرين الصعايدة بنفس قدر هواجس الخوف من الفشل وعدم تحقيق الحلم الأمريكي، لافتقاد العمالة المدربة، والكوادر القادرة علي تنفيذ المواصفات والقياسات الخاصة بالمنتجات. لم يخف محمود الشندولي رئيس جمعية مستثمري سوهاج ارتياحه لقرار الحكومة بضم محافظات الصعيد إلي المناطق الصناعية المؤهلة للتصدير. قال: إن هذا القرار تأخر كثيراً فمحافظات الصعيد من المناطق الصناعية الواعدة، لما تمتلكه من صناعات قادرة علي المنافسة في الأسواق العالمية. ورغم المشكلات التي يعانيها المستثمرون علي حد قوله منذ سنوات طويلة، سواء في عدم توافر المرافق والخدمات، فإن الخطة التي تتبناها الحكومة بتطوير الصعيد أعادت الأمل للمستثمرين، خاصة بعد الضم لاتفاقية الكويز، التي تتيح الفرصة لدخول المنتجات الصعيدية للأسواق الخارجية خاصة الأمريكية. المناطق الصناعية في محافظة سوهاج حسبما ذكر مؤهلة للتصدير في جميع الصناعات التي تتضمنها الاتفاقية سواء كانت الصناعات الغذائية أو الهندسية أو حتي الغزل والنسيج. مقومات التصدير وقال: لدينا 4 مصانع غزل ونسيج تابعة للقطاع العام تمتلك كل المقومات لتصدير الملابس والمنسوجات للخارج، هذا بالإضافة إلي 5 مصانع صناعات غذائية تحظي بنفس المؤهلات وفي مقدمتها المكرونة، والعصائر. لم يختلف الأمر كثيرا بالنسبة للصناعات الهندسية فهناك كثير من الصناعات وفقا لما قاله يتم تصديرها للعديد من البلدان العربية، وهي تحظي بالمواصفات والجودة. المشكلات التي تواجه المستثمرون تتمثل في مشكلة "الأيزو" التي لا تحملها العديد من المصانع، حيث يتطلب الأمر لإمكانية التصدير لهذه المصانع الحصول علي شهادات "الأيزو" (90001)، (18001)، (14001)، وهذه شهادات تمنح للشركات والمصانع التي تقوم بتطبيق المواصفات المطلوبة. لم تكن هذه المشكلة الوحيدة علي حد قول رئيس جمعية مستثمري سوهاج، وإنما هناك مشكلات أخري لا تقل أهمية هي تأهيل المصانع والعمال معاً لتحقيق الحلم الأمريكي للمستثمرين الصعايدة. "الكويز" كما يراها الدكتور خالد وشاحي رئيس جمعية مستثمري قنا بمثابة طوق النجاة لمستثمري المحافظة، فالقرار سيعمل علي تطوير الصناعات المختلفة، وتأهيلها للقدرة علي المنافسة، ولا أحد يغفل حسب قوله ما حققه بروتوكول الكويز للصادرات، وللمناطق الصناعية بمحافظات الدلتا، خاصة في قطاع المنسوجات، والتي وصل معدل النو منذ بداية "الكويز" وحتي 2007 إلي 20%، متجاوزا المليار جنيه. قد تكون أكثر الصناعات التي يتم الاعتماد عليها في التصدير بالمحافظة علي حسب قوله تتركز في الصناعات الغذائية، والدوائية. فالفرص التصديرية ستكون من خلال الصناعات الدوائية لوجود نحو 6 مصانع، تحظي جميعها بالكفاءة، هذا بخلاف 6 مصانع تعمل في مجال الصناعات الغذائية منها صناعة "المربات"، "العصائر"، "العسل الأسود". "ستتوقف قدرة المصانع علي النجاح في تصدير منتجاتها علي قدراتها التسويقية العالية" هكذا قال. الأمر يتطلب دراسة دقيقة ومتأنية وفقا لكلام جمال سعد بشاي نائب رئيس مستثمري جمعية أسيوط حيث قد يحتاج تأهيل العمالة، والمصانع، وقتا طويلا فعملية التدريب تحتاج إشراف من هيئة تنمية الصناعة سواء علي الكوادر العاملة أو علي المصانع، من خلال توفير المعدات اللازمة، القادرة علي إنتاج سلع مطابقة للمواصفات العالمية. قد تكون صناعات الأساس أو الموبيليا، وتطعيم الصدف، الإكليم، القطن الطبي، تطعيم الصدف وهي صناعات علي حد وصفه قادرة علي الدخول في المنافسة العالمية. وتساءل: هل سيتم تأهيل المصانع والعمال وفقا للبرامج التدريبية العالمية التي تتيح لهذه المصانع الحصول علي شهادة "الأيزو"، وبالتالي القدرة علي التصدير؟ إمكانيات فنية "ليس لدينا كوادر، فنحن نعاني عجز العمالة في سوق العمل الحقيقي".. هذا ما قاله أحمد لطفي عضو جمعية رجال الأعمال ومستثمري بني سويف. قال: إن قرار ضم محافظات الصعيد للاتفاقية ليس بالأمر البسيط، وإنما هذا القرار يحتاج كوادر تمتلك إمكانيات فنية ومهارية للعمل. فقبل البدء في إنشاء المصانع الخاصة بالصناعات التي تتضمنها الاتفاقية علينا علي حد تعبيره التدريب العلمي للعمال، فنحن سندخل المنافسة مع إسرائيل، والأردن، وهو أمر يحتاج خطط مدروسة. الصناعات الغذائية هي التي يستند عليها مستثمرو المحافظة لوجود أكثر من 3 مصانع لتجفيف البصل، ومصنع لتعبئة الأرز، بالإضافة إلي الصناعات العطرية، التي تمتلك من المقومات والطاقات الإنتاجية ما يمنحها القدرة علي المنافسة في الأسواق الخارجية. ولكن المشكلات التي تواجه المستثمرين حسب كلامه في الحلم الأمريكي وتصدير المنتجات للخارج تتمثل في عدم توافر العمالة المدربة، ورفض البنوك لعمليات التمويل، للمخاوف من تعثر المستثمرين وعدم السداد. إذناً حلم الصعيد لن يتحقق إلا بتنفيذ برنامج مدروس سواء بالنسبة للعمال أو المصانع، وقتها نستطيع المنافسة.. هكذا قال. تحقيق حلم المستثمرين في الصعيد صار مرهوناً بحل المشكلات التي يواجهونها منذ عشرات الأعوام سواء في العمالة غير المدربة، أو القدرات الضعيفة للمصانع.