فى حواره مع «الوفد» أعرب نائب رئيس الحزب عن تفاؤله بمستقبل مصر لا لشىء سوى أن الشعب المصرى كسر حاجز الخوف والسذاجة إلى الأبد بعد ثورة يناير.. وقال إن المشهد فى مصر فى الوقت الراهن هو صراع فى حدود السياسى بين الحكم العسكرى والحكم المدنى حتى الآن وأن التيار الدينى خلال 4 أو 5 أشهر من الممارسة البرلمانية ارتكب من الأخطاء ما يرتقى لمرتبة الخطايا، وأن فزاعة الإخوان خلقها الحكم العسكرى ليلهينا بها وما لم ينسحب العسكرى فسيظل الدينى قائماً بكل خطورته وآثامه!! لأن التيار الدينى هو أفضل فزاعة للشعب ويتوسم فى الرئيس مرسى كل الخير ويرى أنه من المهارة لدرجة التخلص من نفوذ من يحاولون السيطرة عليه!! وطالبه باتخاذ الخط التركى فى علاقتنا مع أمريكا وأن تكون العلاقة تحالفاً يراعى مصلحة الطرفين.. آمال ومخاوف ومطالب وآراء وضعها نائب رئيس الوفد فى حواره مع «الوفد» فى السطور التالية.. ما رؤيتكم للمشهد السياسى الآن فى مصر؟ - المشهد الآن صراع مازال فى حدود السياسى بين الحكم العسكرى والحكم المدني، وهو ما يؤلمنى حقاً أن القوة الليبرالية المفروض أن تكون فى جانب الحكم المدنى معظمها يأخذ الجانب العسكرى فى هذا الصراع كراهية فى التيار الدينى وتصرفاته، وأنا لا أنكر أن التيار الدينى خلال 4 أو 5 أشهر من الممارسة البرلمانية ارتكب من الأخطاء الفادحة ما يرتقى إلى مرتبة الخطايا، ولكنى أقول ببساطة أن من يتصور أن استمرار الحكم العسكرى يخلصنا من التيار الدينى فهو واهم!! واهم.. لماذا هذا القول من سيادتكم؟ - نعم واهم لأن التيار الدينى أو فزاعة الإخوان خلقها الحكم العسكرى ليلهينا بها وما لم ينسحب الحكم العسكرى فسيظل التيار الدينى قائماً بكل خطورته وآثامه فهو أفضل فزاعة للشعب، وأسوق مثلاً واحداً على التناقض الرهيب فى تفكير الليبراليين عندما ينادون بأنه فى غيبة مجلس الشعب، فالسلطة التشريعية يجب أن تبقى قانوناً فى يد المجلس العسكرى وليس رئيس الجمهورية الذى انتخب من الشعب بصرف النظر عن رأينا فى اتجاهه السياسى أو الأيديولوجى فهو نتاج انتخابات حرة حقيقية ولا يعقل أن نقول إن قيامه المؤقت بالسلطتين التشريعية والتنفيذية غير قانونى وقيام المجلس العسكرى بالسلطة التشريعية قانوني.. وأضيف نقطة مهمة جداً تاريخية أنه رغم كل الأخطاء وخطايا التيار الدينى فى الممارسة فمواجهته شعبياً أسهل من مواجهة ديكاتورية عسكرية، ودليلى على ذلك أنه فى خلال بضعة أشهر من الممارسة البرلمانية السيئة جداً من التيار الدينى فقد هذا التيار نصف عدد الأصوات التى حصل عليها تقريباً إذ حصل على 11 مليون صوت فى انتخابات مجلس الشعب انخفضت إلى 6 ملايين فى الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة ومعنى ذلك أن الشعب الواعى الذى كسر حاجز الخوف وحاجز الغفلة جدير بأن يواجه هذا التيار سياسياً، ولا ننسى أن الدكتاتورية العسكرية هى التى خلقت الفزاعة الدينية وغذتها، وعلى سبيل المثال عندما بدأ الإخوان المسلمون بعد انتخابات 2005 يمارسون السياسة البرلمانية ب 20٪ من النواب الذين سموا حينئذ مستقلين وجد نظام الرئيس الساقط خطراً داهماً يهدده فلجأ إلى ما هو أسوأ من الإخوان المسلمين بتغذية وإخراج التيار السلفى من أهل الكهف الذين كانت فلسفتهم الدينية أنه لا خروج على الحاكم وأنه ظلم!! وعندما يسأل أحدهم سلفياً ماذا تفعل إذا ظلم الحاكم؟ قالوا: علينا أن ندعو عليه لا أن نغتصب سلطة المولى فى الانتقام منه!! وفجأة وبتمويل وهابى هائل الحجم وتشجيع أمنى وسياسى هائل الحجم من نظام الرئيس الساقط أصبح التيار السلفى خطراً حقيقياً يهدد مستقبل الديمقراطية فى مصر، بل ويهدد الإخوان المسلمين أنفسهم ويحصد دون أى ممارسة سابقة على ربع نواب مجلس الشعب فى أول انتخابات، فخطورة التيار الدينى لا يواجهها إلا تيارات ليبرالية تزيد الشعب وعياً ولا تنضم إلى تمجيد الحكم العسكرى فتفقد بذلك مصداقيتها السياسية. ولكن ما موقف الإخوان تجاه هذا الخطر السلفي؟ - آسف أن أكون فى غاية الصراحة والأمانة فأقول إن القبضة الفاشستية بزعامة الإخوان المسلمين على أتباعها قد تهات إلى حد كبير جداً بعد 25 يناير ودليلى الملموس على ذلك أن فضيلة المرشد يوم 25 يناير 2011 عندما لم يتصور أحد أن ما حدث هو ثورة خشى أن يقوم حبيب العادلى بسحق التمرد المزعوم وينسب اندلاعه للإخوان المسلمين فصارع يوم 25 يناير بإطلاق تصريح بأن ما يحدث هو خروج على القانون والشرعية يدينه الإخوان وأن أى إخوانى يشترك فيه يفصل من الجماعة!! وإذا بعشرات الألوف من شباب الجماعة يضرب عرض الحائط بهذا التحذير وينضم للثورة ويكون ركناً أساسياً شريكاً فيها، وعندما حدث ذلك إذا بفضيلة المرشد يبارك الثورة ويحاول ركوب الموجة!! وأتمنى من أبنائى وإخوانى فى حزب الوفد شباباً وشيوخاً نساء ورجالاً أن يمعنوا التفكير فيما أكتبه فأنا لا أبغى إلا وجه الله والحقيقة وسمعة حزب الوفد على الساحة السياسية. هل تتوقع إذن صداماً قادماً بين التيار السلفى والإخوان؟ - يكاد يكون يقيناً وأتمنى أن يكون صداماً سياسياً وليس عضلياً، وما يدفعنى إلى ذلك أن الخطوات التى اتخذها الدكتور محمد مرسى للآن منذ توليه الرئاسة فى بضعة أيام فقط تنم عن وعى سياسى حقيقى وحكمة فى التحرك لتجنب الصدام، فالرجل واقع بين مطرقة الحكم العسكرى وسندان مكتب الإرشاد ويحاول أن يكون رئيساً لكل المصريين كما قال، ولكن قاعدته الشعبية هى الجماعة فكيف يتخلص من أن تعرض نفسها عليه؟! وكيف يواجه التزاماته التى تعهد بها إلى الثورة؟ وأعتقد أن الحمى الرهيبة فى اغتيال الشخصية التى يتعرض لها الرجل من جميع التيارات الليبرالية وغيرها ومع الأسف الإعلام لهذا يدل على أن كل القوى المعادية قد تجمعت لإفشال حكم الرجل والقضاء على أهداف الثورة عن طريق محاربة تيار دينى سياسى مكروه يمثلهم الدكتور محمد مرسى بالنسبة لكل خصومه السياسية!! هل تتوسم خيراً فى الرجل؟ - نعم أتوسم فيه خيراً وأعتقد أن الأيام قد أثبتت أنه سيكون من المهارة بدرجة التخلص من نفوذ قيادة الجماعة كما تخلص الرئيس الراحل السادات من نفوذ مجموعة الحكم التى تركها عبدالناصر. هل تتوقع صراعاً بين الرئيس وجماعته؟ - سيكون هناك محاولات مستميتة من الجانبين تحاول الجماعة فرض سطوتها على سياسته ويحاول هو التخلص من سيطرتها حتى يقضى على حكمة شورى قومية شاملة فمقطوع طبعاً على الناحية الإنسانية أن الرجل يريد أن يترك بصمة جيدة لفترة حكم طالت أو قصرت!! وكيف ترى تحدثهم الدائم بلسان الرئيس والتدخل فى جميع مناحى الدولة؟! - لا يعنينى إلا ما يقوله الرئيس أو الناطقون بلسانه وليس أفراداً فى الجماعة أياً كانت مكانتهم فهو مسئول عما يقوله وهو الناطق بلسانه فقط! هل تتوقع من الجماعة الانقلاب عليه واغتياله إذا لم يحقق لهم مطالبهم؟ - كما أتوقع من باقى أعدائه أن يحاولوا ما هم بصدده الآن من اغتيال معنوى والخيط الرفيع بين المعنوى والمادى موجود فى أروقة أمن الدولة!! ولكن لماذا يفسر إذن كل قرار يتخذه الرئيس بأنه لصالح الجماعة؟ - هذا طبيعى من خصومه فهم يحاولون تشويه أى خطوة يتخذها لدرجة أن الفتاة الصحفية المصرية التى أحضرها معه من أثيوبيا على طائرته أخذوا يتهكمون على ذلك بأنه يستغلها للدعاية لنفسه وماذا فى أن يقوم زعيم أو رئيس سياسى بخطوة طيبة تنعكس على سمعته إيجابياً لا أدرى؟! كيف ترى علاقتنا بأمريكا وزيارة هيلارى كلينتون؟ - أتمنى أن يكون الخط الذى يأخذه الدكتور محمد مرسى هو الخط التركى فى علاقته مع أمريكا بمعنى تحالف يراعى مصلحة الطرفين وليس تبعية ذليلة كما كان الوضع أيام الرئيس الساقط وسيكون المحك فى نظرى هو قرار الدكتور مرسى بالسياسة المصرية نحو إيران، فإذا اتخذ سياسة سليمة حيث إنه ليس هناك أى معنى لأن نكون فى ركاب أمريكا فى معاداة إيران ونكون مخلب قط فى حربها العدوانية ضد إيران، فالمشروع الإيرانى فى نظرى بصرف النظر عن حكم الملالى فى الداخل هو مشروع وطنى لإقامة دولة إقليمية عظمى على نمط ما حاوله مؤسس مصر الحديثة محمد على وتصدى له الاستعمار الغربى مجتمعاً حتى سحق مشروعه، وأتمنى أن تنجح إيران فى مشروعها وتنجح مصر فى مشروع مماثل حتى تكون هناك 3 دول عظمى إقليمية هى تركيا وإيران ومصر وفى هذا التحجيم الحقيقى للخطر الاستيطانى الصهيونى!! أما لو انساق الدكتور مرسى إلى السياسة الأمريكية فى معاداة إيران فسيكون هذا فى نظرى أول سقوط للسياسة الخارجية المصرية واضح المعالم، ومرة أخرى أقول إننى لست من أشياع إيران ولكنى أرسم الصورة كما أراها لا كما تريدها أمريكا، أما خزعبلة العداء بين الشيعة والسنة فردى عليها أن الأميرة المصرية السنية فوزية شقيقة الملك السابق فاروق تزوجت سنة 1937 من الأمير الشيعى الفارسى شهبور ولى عهد إيران عندئذ وعقد العقد شيخ الأزهر الراحل الإمام محمد مصطفى المراغى ولم يقل أحد يومها حرفاً واحداً عن وجود شيعة وسنة عن هذا الزواج فتفجير هذه المشاعر المذهبية هو نوع آخر من تفجير المشاعر الطائفية بين المسلمين والأقباط والمشاعر العرقية بين العرب والأكراد وكل هذا صناعة أمريكية إسرائيلية لم يعد العقل العربى ينخدع بها خصوصاً بعد ثورات الربيع العربي. وماذا عن علاقتنا مع الاتحاد الأوروبي؟ - علاقة طيبة ويمكن تطويرها عندما تقوم مشروعات محددة نحتاج لمعوناتهم فيها مثل تمويل مشروع طاقة نووية مصرى على سبيل المثال يحتاج لتقنية عالية وأموال طائلة وكلاهما متوفر فى أوروبا وليس هناك داع بأن يكون كل مشروعاتنا مع أمريكا. علاقتنا بدول الشرق الأوسط؟ - هى علاقة المعصم بالسوار وهى دول الربيع وكل زهرة من دول الشرق الأوسط تنضم إلى بستان الربيع العربى سأسجد لله شكراً عند الترحيب بها وأظن المعنى واضح فى العلاقة مع باقى دول الشرق الأوسط. أما الجارة العزيزة إسرائيل فأقول إن مشروع الاستيطان الصهيونى يحمل فى طياته جرثومة فتاكة، فخلال نصف قرن على الأكثر سيكون عدد العرب تحت الاحتلال الإسرائيلى سواء داخل حدود إسرائيل الحالية أو أرض فلسطينالمحتلة 4 أمثال عدد اليهود وسيكون أمام إسرائيل خياران هما إما نظام عنصرى على غرار ما كان قائماً فى جنوب أفريقيا واستمرار قمع الأغلبية وهو ما لم يمكن أن يستمر، وإما وصول الأغلبية للسلطة وفى هذه الحالة سيكون اليهود أقلية مميزة على غرار الأقلية البيضاء فى جنوب أفريقيا وأسوق هنا حقيقة واحدة هو أنه عندما قامت انتفاضة سنة 2000 وكانت معسكرة وليست انتفاضة حجارة هاجر من إسرائيل إلى الخارج لأول مرة فى تاريخها 900 ألف إسرائيلى من أكثر الإسرائيليين ثراء وعلماً!! علاقتنا بدول أفريقيا؟ - هذه هى الأولوية الأولى فى نظرى أن يكون فناؤنا الخلفى جنوب الصحراء الكبرى بستان صداقة، فهذه الدول كلها تحب أن يكون هناك تعاون كامل بين العرب وبينها وليس صعباً أن تسترد مواقعنا فيها التى أضاعها الرئيس الساقط وأذكر هنا أن الدبلوماسى المصرى العظيم الدكتور بطرس بطرس غالى عندما كان وزير الدولة للشئون الخارجية ومسئولاً عن الملف الأفريقى قبل حرب 1973 مباشرة نجح فى قطع العلاقات الدبلوماسية بين كل دول أفريقيا السوداء وبين إسرائيل، فقد تضامنوا جميعاً مع الحق العربى فى فلسطين. علاقتنا بدول حوض النيل وأزمة المياه؟ - هذا ملف شائك ويحتاج لتخصيص ولكن أعتقد أن حله ليس صعباً لأن ما يستخدم من مياه النيل من كل دول الحوض لا يتجاوز 8٪ من حجم هذه المياه ويضيع الباقى هدراً، إما بالتبخر عن الطريق 6 آلاف كيلو متر التى يقطعها النهر العظيم حتى البحر الأبيض أو تهدر فى البحر المتوسط نفسه، وأعتقد أن التنسيق بين هذه الدول يعطيها كل حاجاتها من المياه وأكثر ولا ننسى مشروع قناة «جوجل» لوحده الذى كان يوفر لجنوب السودان ضعف ما كانت تستعمله من المياه التى حطمته الحرب الأهلية فى السودان. علاقتنا بالشرق الأقصى؟ - حيوية ويمكن أن نطورها ولا يمكن تجاهل أن عملاقى العالم الجديدين الصين والهند سيكونان فى أقل من عقدين مركز الثقل العالمى وأن السيطرة الدولية والسيادة الدولية ستنتقل من الغرب إلى الشرق وهو ما يرعب أمريكا التى تعلم أنها لا تستطيع إيقاف هذا المد خصوصاً مع الحالة الاقتصادية المزرية التى تجتاح العرب عموماً وأمريكا خصوصاً. كيف ترى مستقبل مصر؟ - متفائل جداً جداً بدون خداع لنفسى وبدون أحلام يقظة. ولكن ما مؤشرات تفاؤلك هذا؟ - الشعب المصرى كسر حاجز الخوف وحاجز السذاجة إلى الأبد بعد ثورة 25 يناير المباركة ولم يعد ممكناً خداعه بمعرفة عدو أو صديق، وقد أسعدتنى الصدفة بمرافقة وفد من 18 سياسياً من مختلف التيارات دعانا إليه البرلمان الأوروبى العام الماضى وكان ضمن الوفد 3 فقط من مجموعتى العمرية والباقى شباب وشابات بين 25 و30 سنة من مختلف التيارات السياسية ولا تتصورى أننى كنت خلال المناقشة معهم أشعر بشيء من القذمية أمام العمق الفكرى الذى يتمتع به هؤلاء الشباب من الجنسين، وعندما سألت أحدهم مازحاً أين تعلمت كل ذلك أنا كنت أتوقع مثلك فى ديسكو ليلى فقال مازحاً: أنا فعلاً أذهب للديسكو أحياناً ولكن قراءتى السياسية مستمرة ودائمة كل وقت!! أمنياتك لحزب الوفد؟ - أتمنى أن يعود لقيادة التيار الليبرالى فى مصر، فالساحة مهيأة له لو اتخذ الخط السياسى الواضح السليم وبصلابة الزعامة التى تميز بها أسلافنا العظام سعد زغلول ومصطفى النحاس وفؤاد سراج الدين.