توجه أحمد الزوج الثلاثيني إلى محكمة الأسرة بالبساتين، ليقيم دعوى ضد زوجته، لإثبات نشوزها، وخروجها عن طاعته، وسقوط حقوقها الشرعية. الزحام يسيطر على جنبات قاعة الجلسات بالمحكمة، أصوات الجالسين على المقاعد الخشبية المتراصة بعناية تتعالى، الحاجب يحاول إعادة الهدوء إلى القاعة المكتظة لكن دون جدوى، وسط هذا المشهد الفوضوى، يقف "أحمد. أ"، يراقب عن بعد بعين يطل منها نظرات متعبة وقلقة تحركات الحاجب وينصت لنبراته الحادة، منتظرًا الإذن له بالمثول أمام القاضى فى دعوى النشوز التى أقامها ضد زوجته، مرتديًا ثياب متواضعة، ويبدو عليه الإنهاك. يقول الزوج : "كنت أبحث عن فتاة تشاركني في تأسيس بيت وحياة مستقرة، فرشَّح لي أحد معارفي قريبة له، وقال لي عنها إنها لا تريد شيئًا من تلك الحياة سوى سترها، وستصون عشرتى وتحفظ كرامتى وتحافظ على بيتى ومالي". يحاول الزوج إظهار تماسكه وهو يواصل حديثه: "لم تتمكن زوجتى من إخفاء شخصيتها الفظة، ولعب دور الفتاة المتزنة بعد الزواج، وبدأت أصطدم بلسانها السليط، ورغبتها في السيطرة عليً، والتحكم فى كل شيء وإلغاء وجودى، وطلباتها التي لا تنتهي". وأضاف الزوج قائلًا: "وإذا أبديت اعتراضي على أفعالها، أو فكرت حتى أن أعاتبها على سوء معاملتها لي وإهمالها لي وتجاوزها في حقي أمام العالمين، وأحاول أن أذكرها بأنى رجل البيت وليس هي، تثور وتغضب، وتكيل لي سلسلة من الاتهامات التي لا حصر لها، ثم تترك منزل الزوجية وتعود إلى بيت أهلها". ينهى الزوج حديثه سريعًا: "وفي آخر مرة نشب بينى وبينها خلاف بسيط، فوجئت بها تلملم جميع متعلقاتها وتترك البيت، فأنذرتها بالدخول في طاعتي، إلا أنها لم تعترض على إنذار الطاعة، ولم تُبدِ أي تصرف حيال ذلك، فلجأت للقضاء، وأقمت دعوى لإثبات نشوزها".