سؤال المسابقة: أين ولد الشيخ محمد أبو زهرة؟ هو محمد أحمد مصطفى أحمد المعروف بأبى زهرة، ولد فى المحلة الكبرى فى 29 مارس 1898 وتوفى عام 1974م وهو عالم ومفكر وباحث وكاتب مصرى من كبار علماء الشريعة الإسلامية والقانون فى القرن العشرين. دفعت به أسرته إلى أحد الكتاتيب التى كانت منتشرةً فى أنحاء مصر تُعلِّم الأطفال وتُحفِّظهم القرآن، وقد حفظه الطفل النابه، وأجاد تعلُّم مبادئ القراءة والكتابة، ثم انتقل إلى الجامع الأحمدى بمدينة طنطا، وكان إحدى منارات العلم فى مصر، تمتلئ ساحاته بحلقات العلم التى يتصدَّرها فحول العلماء، وكان يُطلق عليه الأزهر الثاني؛ لمكانته الرفيعة. وقد سيطرت عليه روح احترام الحرية والتفكير، وكره السيطرة والاستبداد، وقد عبَّر أبو زهرة عن هذا الشعور المبكِّر فى حياته بقوله: ولما أخذت أشدو فى طلب العلم وأنا فى سنِّ المراهقة كنت أفكِّر: لماذا يوجد الملوك؟ وبأيِّ حق يستعبدُ الملوك الناس؟ فكان كبر العلماء عندى بمقدار عدم خُضوعهم لسيطرة الخديو الذى كان أمير مصر فى ذلك الوقت. وانتقل الشيخ أبو زهرة بعد ثلاث سنوات من الدراسة بالجامع الأحمدى إلى مدرسة القضاء الشرعى سنة 1335ه - 1916م بعد اجتيازه اختبارًا دقيقًا كان هو أوَّل المتقدِّمين فيه على الرغم من صغر سنه عنهم وقصر المدَّة التى قضاها فى الدراسة والتعليم، وكانت المدرسة التى أنشأها محمد عاطف بركات تعدُّ خرِّيجها لتولِّى مناصب القضاء الشرعى فى المحاكم المصرية، ومكث أبو زهرة فى المدرسة ثمانى سنوات يُواصل حياته الدراسية فى حتى تخرَّج فيها سنة 1924م، حاصلاً على عالمية القضاء الشرعى، ثم اتَّجه إلى دار العلوم ليَنال معادلتها سنة 1346ه 1927م، فاجتمع له تخصُّصان قويَّان لا بُدَّ منهما لمن يريدُ التمكُّن من علوم الإسلام. وبعد تخرُّجه عمل فى ميدان التعليم ودرس العربية فى المدارس الثانويَّة، ثم اختير سنة 1933م للتدريس فى كلية أصول الدين، وكلف بتدريس مادَّة الخطابة والجدل، فألقى محاضرات ممتازة فى أصول الخطابة، وتحدَّث عن الخطباء فى الجاهلية والإسلام، ثم كتب مؤلفًا عُدَّ الأول من نوعه فى اللغة العربية، حيث لم تفرد الخطابة قبله بكتابٍ مستقل. ولمَّا ذاع فضل المدرس الشاب وبراعته فى مادَّته اختارته كلية الحقوق المصرية لتدريس مادة الخطابة بها، وبعد مدَّةٍ وجيزة عهدت إليه الكلية بتدريس مادَّة الشريعة الإسلامية، فزامل فى قسم الشريعة عددًا من أساطين العلماء، مثل: أحمد إبراهيم، وأحمد أبوالفتح، وعلى قراعة، وفرج السنهورى، وكان وجود مثل هؤلاء معه يزيد المدرس الشاب دأبًا وجدَّة فى الدرس والبحث؛ حتى يرتقى إلى صفوفهم ومكانتهم الرفيعة. وتدرَّج أبو زهرة فى كلية الحقوق التى شهدت أخصب حياته الفكرية حتى ترأَّس قسم الشريعة، وشغل منصب الوكالة فيها، وأُحيل إلى التقاعد سنة 1958م، وبعد صدور قانون تطوير الأزهر اختير الشيخ أبو زهرة عضوًا فى مجمع البحوث الإسلامية سنة 1962م وهو المجمع الذى أُنشِئ بديلاً عن هيئة كبار العلماء، وإلى جانب هذا كان الشيخ من مؤسِّسى معهد الدراسات الإسلامية بالقاهرة، وكان يُلقى فيه محاضراته فى الشريعة الإسلامية دون أجرٍ، وكان هذا المعهد قد أُنشِئ لمن فاتَتْه الدراسة فى الكليَّات التى تُعنَى بالدراسات العربية والشرعية، فالتحق به عددٌ كبير من خرِّيجى الجامعات الراغبين فى مثل هذه الدراسات. كتب الشيخ أبوزهرة مؤلفات كثيرة؛ حيث تناول الملكية، ونظرية العقد، والوقف وأحكامه، والوصية وقوانينها، والتركات والتزاماتها، والأحوال الشخصية فى مؤلفات مستقلة. وتناول ثمانية من أئمة الإسلام وأعلامه الكبار بالترجمة المفصَّلة التى تُظهِرُ جهودهم فى الفقه الإسلامى فى وضوحٍ وجلاء، وهم: أبو حنيفة، ومالك، والشافعى، وأحمد بن حنبل، وزيد بن على، وجعفر الصادق، وابن حزم، وابن تيمية. وقد أفرد لكلِّ واحد منهم كتابًا مستقلاًّ فى محاولة رائدة ترسم حياتهم العلمية، وتُبرز أفكارهم واجتهاداتهم الفقهية، وتعرض لآثارهم العلمية التى أثَّرت فى مسيرة الفقه الإسلامى. وإلى جانب الفقه وقضاياه كان لأبى زهرة جهودٌ طيبة فى التفسير والسيرة؛ فكان يفسر القرآن فى أعداد مجلة «لواء الإسلام»، وأصدر كتابًا جامعًا بعنوان «المعجزة الكبرى» تناول فيه قضايا نزول القرآن وجمعه وتدوينه وقراءته ورسم حروفه وترجمته إلى اللغات الأخرى. وختَم حياته بكتابه «خاتم النبيين» تناول فيه سيرةَ نبى الإسلام معتمدًا فيه على أوثق المصادر التاريخية، وكتب السُّنَّة المعتمدة، وقد طُبِعت هذه السيرة فى ثلاثة مجلدات. اشتهر الشيخ «أبوزهرة» بالفكر الحر فى عرض قضايا الإسلام. سافر إلى كثير من بلاد العالم الإسلامى محاضرا ومشاركا فى المؤتمرات. وقد ألف أكثر من 30 كتابا. وبجانب أشهر المؤلفات والموسوعات الإسلامية التى تزيد على الأربعين فقد كانت له الكثير من البحوث فى العديد من المجلات العلمية والاجتماعية: مجلة القانون والاقتصاد، ومجلة المسلمون، ومجلة حضارة الإسلام، ومجلة القانون الدولى، وكتاب أسبوع الفقه الإسلامى، وكتاب أسبوع القانون والعلوم السياسية، ومجلة الأزهر، ومجلة العربى، والعديد من المجلات بمختلف الدول العربية. وكذلك عدد لا يحصى من الأحاديث الصحفية كان يرد بها على المهاجمين للإسلام وللدفاع عن قوانين الأحوال الشخصية.