الأسبوع الماضي كتبت عن محاولة جماعة الإخوان المسلمين والجماعة السلفية داخل اللجنة التأسيسية تغيير نص المادة الثانية من الدستور المعطل، وأشرت إلى أنهم يحاولون إضافة بعض الكلمات او الفقرات لهذه المادة بما يخل بصياغتها، ويغير من مفهوم الدولة المصرية من دولة مدنية إلى دولة يحكمها الخطاب الدينى الإخوانى والسلفي، وطالبت من هنا أعضاء القوى السياسية غير الإسلامية فى اللجنة، وعلى رأسها حزب الوفد الجديد، بأن ينتبهوا إلى هذه المحاولات، وأن ينسحبوا من اللجنة فى حالة اصرار الاخوان والسلفيين على تغيير هوية مصر، فى اليوم التالى عقد د.أحمد الطيب شيخ الأزهر مؤتمرا صحفيا وأكد فيه تمسك الأزهر بنص المادة الثانية من الدستور المعطل، فى اليوم التالى لهذا المؤتمر سمعت أنهم أقروا المادة الثانية كما هى دون اضافة إليها، والحقيقة شعرت براحة كبيرة وقلت: الحمد لله ستظل فقرة مبادئ الشريعة كما هى، لكن فى صبيحة يوم الخميس الماضي اكتشفت من مقال الصديق عماد الدين حسين فى جريدة الشروق، أن اللجنة أضافت إلى المادة جملة فى غاية الغرابة، وهى: والأزهر الشريف هو المرجعية النهائية لتفسيرها، وصارت الفقرة فى الدستور كالتالي: «مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع والأزهر الشريف هو المرجعية النهائية لتفسيرها»، وقد استنكر الصديق العزيز فى مقاله هذه الاضافات، اتصلت بعماد وسألته عن حقيقة هذه الإضافات وروى لى كيف سارت الأمور داخل اللجنة، أغلقت مع عماد واتصلت بالصديق فؤاد بدراوى سكرتير عام الحزب، وأكد لى نفس المعلومة، فقد توافقت القوى السياسية على العودة إلى الأزهر لتفسير جملة مبادئ الشريعة. لا أخفى عليكم أصبت بخيبة وصدمة شديدة، ما توقعته قد حدث، جماعة الإخوان والجماعة السلفية نجحوا فى أن يستدرجوا الأعضاء من القوى السياسية إلى (كما يقال فى المثل) حجرهم، اقترحوا الفقرة الجديدة، وفرحت وهللت بها القوى السياسية، واعتبرتها نصرا مظفرا، وللأسف النصر الحقيقي هو لجماعة الإخوان، لأن الأزهر المعتدل اليوم، ليس هو الأزهر غدا، د.أحمد الطيب الذي نثق فى ثقافته وسماحته واعتداله الموجود على رأس مؤسسة الأزهر خلال هذه الفترة، بعد عدة شهور لن يكون على رأس المؤسسة، وربما يكون الشيخ عبدالمنعم الشحات الذى كفر الفنانين والأدباء، أو الشيخ ياسر برهامى الذى كفر الليبرالية والعلمانية والديمقراطية والاشتراكية والناصرية، أو المدعو وجدى غنيم أو أي شخصية تتبنى خطابا دينيا متطرفا، ما هو الحل ساعتها؟، وما هو المنتظر من شخصية مثل هذه؟، وما هو شكل البلد والمتوقع لقوانينها؟، جماعة الإخوان نجحت في أن تستغل قصر نظر القوى السياسية، فتركت لهم النصر المظفر الذي يرونه تحت أقدامهم، وفازوا بالنصر الدائم القادم مع المستقبل. وقبل أن تغير جماعة الإخوان هوية مصر، وقبل أن تهدم أركان هذا الوطن، وقبل أن تمسح بأستيكة تاريخه وملامحه التى توارثناها أجيالاً بعد أجيال، أطالب القوى السياسية، وعلى رأسها حزب الوفد، بأن تنسحب من اللجنة التأسيسية، وأحمل قيادات الأحزاب السياسية المدنية مسئولية هذا العبث، وأؤكد لهم أن التاريخ سيسجل لهم بالاسم ما اقترفوه في حق هذا الوطن، وسوف يرى أحفادهم الصورة المشوهة التى سيرسمها لهم التاريخ، وأطالبهم بأن يرفضوا وبشكل قاطع جميع الإضافات التي أدخلتها جماعة الإخوان على مواد الدستور، خاصة فقرة الأزهر، وكذلك كلمة «شورية» التى خصصت وقيدت بها جماعة الإخوان كلمة ديمقراطية، مصر ستظل دولة مدنية ديمقراطية، ولن تكون أبدا شورية أو إخوانية أو سلفية، أو ما اصطلحوا عليه: «ديمقراطية شورية».