رغم حكم المحكمة الدستورية بوقف قرار الرئيس الدكتور محمد مرسي بعودة مجلس الشعب للانعقاد وتأكيد الرئيس علي احترامه لموقف المحكمة، إلا أن الامر في الشارع يبدو مختلفاً حيث مازال المواطنون يعيشون حالة من الاستقطاب ما بين مؤيد ومعارض لقرار مرسي. وبعيداً عن طبيعة الجدل بشأن قرار الرئيس، فإن السؤال الذي يشغل بال كثيرين هو حول من اشار علي الرئيس بالإقدام علي هذه الخطوة التي ثبت خطؤها. ومن التساؤلات التي يطرحها البعض.. هل يمكن اعتبار هؤلاء المستشارين.. مستشاري سوء بالفعل عندما قدموا رؤيتهم تلك وهم يعلمون انها ستكون محل صدام كان سيقع حتما بين الرئيس والقوي السياسية. ام ان من طرح هذا الموقف امام الرئيس أقدم علي فعلته عن قراءة قانونية واعية؟ خبراء القانون والسياسة والفكر أكدوا ان مستشاري الرئيس اخطأوا في موقفهم في مقابلة صواب موقف المحكمة الدستورية والقوي السياسية. فمن المعروف أن أي رئيس ينجح أو يفشل في اداء مسئوليته السياسية والدستورية حسب نوعية الحاشية التي تلتصق به وعلي رأسهم المستشارون القانونيون وغيرهم؟ والمفروض ان يدقق الحاكم في اختيار هؤلاء بأن يكونوا ذوي كفاءة مهنية وقانونية وسياسية عالية وأن يكونوا غير منحازين إلي توجه سياسي معين او إلي جماعة سياسية محددة لان ذلك سوف يدفعهم إلي الانحياز في ابداء رأيهم والبعد عن صحيح الدستور والقانون لاستغلال علاقتهم بالرئيس لصالح الحزب أو الجماعة التي ينتمون أو يتعاطفون معهم سياسياً، وهناك اجهزة في الدولة تتمتع بالحياد والنزاهة والكفاءة لاداء الرأي القانوني والدستوري في المسائل الدستورية والتشريعية المختلفة ومن أبرزها الجمعية العمومية لقسم الفتوي والتشريع لمجلس الدولة والمُشكلة من حوالي 30 مستشارا تبلغ اقل مدة خدمة بعضهم 25 عاماً كاملة وكان من الممكن في الازمة الاخيرة قبل صدور القرار الباطل للرئيس بشأن تنفيذ حكم الدستورية ببطلان مجلس الشعب ان يستشير هذا الجهاز في مدي الالتزام الدستوري والقانوني، هذا ما اكده المستشار محمد حامد الجمل الرئيس الأسبق لمجلس الدولة. واشار الجمل إلي أنه لو كان الرئيس قد استشار مجلس الدولة او مستشارين ذوي كفاءة عالية وغير منحازين لفصيل معين كان يمكنه تفادي حدوث الازمة السياسية الخاصة بحكم «الدستورية». الدكتورة فوزية عبد الستار أستاذ القانون بجامعة القاهرة ورئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب سابقاً أكدت ان من اهم الامور التي تساعد رئيس الجمهورية في أي دولة في العالم علي اداء مهمته أن يكون حوله مجموعة من المستشارين المتخصصين في جميع المجالات علي أعلي مستوي من العلم والحيادية والموضوعية حتي يمكن ان يستعين بأرائهم وهو مطمئن إلي صحة هذه الآراء لأن الواقع المرير الذي مرت به مصر خلال الايام الماضية يؤكد خطأ من اشار علي الرئيس بإصدار قرار عودة البرلمان لانه لم يكن قراراً صائباً اطلاقاً ويتعارض مع ابسط مبادئ القانون وهو احترام احكام المحكمة بصفة عامة وحكم «الدستورية العليا» بصفة خاصة لان اي قرار لرئيس الجمهورية يكون له تبعاته الكثيرة علي الاوضاع القائمة في مصر أولاً وعلي جمهور المواطنين ثانياً، لان عدم احترام حكم القضاء اذا صدر من أعلي رأس في الدولة سيؤثر بلا شك علي جميع المواطنين بحيث يتصور هؤلاء أن من حق أي شخص الا ينفذ أحكام القضاء وهذه مسألة خطيرة تهدد الحقوق والحريات العامة للمواطنين. د. كريمة الحفناوي العضو البارز في حركة كفاية والأمين العام للحزب الاشتراكي المصري تقول: لو صدق الرئيس في وعوده التي قطعها علي نفسه بتشكيل مجلس رئاسي لكان قد وجد جميع المصريين والقوي السياسية معه من اجل الوطن ومن اجل مصر، واضافت: ولكنه احاط نفسه بمجموعة من مستشارين اختارهم علي اساس الفكر الديني ونجد يومياً في الجرائد كلاما علي لسان المرشد العام والاخوان واعضاء من الحرية والعدالة يتحدثون عن القانون واللجنة التأسيسية وتشكيل الحكومة والرئاسة، وهؤلاء يعطون صورة اننا نحكم من خلالهم وهذا ما جعل هناك خللا يقلل من شأن الرئيس! واضافت الحفناوي انني اوجه نداء عبر جريدة الوفد إلي تيارات الاسلام السياسي بأن يرفعوا ايديهم عن الدكتور محمد مرسي لانهم سيتسببون في انقضاض القوي السياسية من حوله لاننا لن نقبل أن نستبدل استبداد مبارك والحزب الوطني باستبداد حزب اسلامي. ومن جانبه يري فاروق العشري امين التثقيف بالحزب الناصري وعضو المكتب السياسي أن الرئيس تسرع في اصدار قرار عودة البرلمان ولم يتأن ويدرس كافة الظروف والاحتمالات والوضع الراهن الذي مازال غير واضح وخاصة ان حول الرئيس جماعة الاخوان وعلي وجه التحديد جماعة الارشاد من قضاة ومستشارين يعتبرون علي قدر كبير من الوعي القانوني والدستوري ولكن كيف فات عليهم أن مثل هذا القرار خطير في ظل حكم «الدستورية العليا» كيف لم يدركوا انهم سيدخلون في صراع بين السلطات ومع القضاء في آن واحد؟ هل كان مستشاروه مستشاري ظلال أم كانوا يحركون الفتنة عن وعي ويدركون انها نائمة «ولعن الله من أيقظها»، هذه الفتنة كادت ان تدمر البلاد وتشعل الفتنة بين طوائف الشعب. واضاف ان الشعب الان في حيرة ومن الممكن ان تشتعل حرب اهلية بين الشعب نفسه والانقسام السياسي والحزبي بين القوي السياسية ازداد حدة بدلاً من لم الشمل الوطني وادارة حوار وطني فعال كما كان متوقعاً عند البعض ان الرئيس مرسي سوف يجعل من مؤسسة الرئاسة تضم جميع الاحزاب والقوي السياسية وليس الاخوان فقط، كما انه ابقي علي عضويته في الحرية والعدالة فهل كان الحزب والجماعة مستشاري الرئيس في هذه القضية وهل كانوا في غفلة أم انهم يدركون ويقصدون أن يخوضوا هذه المواجهة.