لم يثبت قدميه أو حتى إحديهما في منصبه، لم يمض أيام قليلة على قسمه يمين الولاء للجمهورية الثانية والذي يؤكد من خلاله رمزيا الحفاظ على سلامة أراضي الوطن والشعب، لم يتركوا له فرصة حتى لالتقاط أنفاسه بعد المارثون الطويل الذي خاضه طوال الفترة الماضية والصراع في معترك الرئاسة خلال المرحلتين الأولى والإعادة. وأخذوا في التقليل من شأنه والتطاول عليه بشكل فج مدعومين من جهاز إعلامي لا يمت للإعلام بصلة، وكذلك من حفنة طفيليات يطلق عليهم للأسف «سياسيون» أو صفوة المجتمع، فبعد فشلهم الذريع في التسويق لمرشحهم الذي على شاكلتهم أخذوا في محاولة تشويه رئيس الدولة قبل أن يتوج «رسميا» بلقب الرئاسة وبث سمومهم من خلال عدد من قنوات الفتنة التي يطلق عليها «إعلامية» لحشد الرأي العام ضد الرئيس. أزمة رئيس مصر محمد مرسي ليست فقط في الانهيار الاقتصادي، أو في تحقيق العدالة الاجتماعية، أو العشرات من الملفات المتخمة بفساد ثلاثة عقود، وتحمل «عفونة» نظام سقط رأسه فقط ولا زال جسده يصارع الموت، وكان يريد العودة للحياة من خلال رأس آخر مدعوم بأذناب الفتنة والفساد والإفساد في المجتمع، بل إن أزمته في المحرضين على الفتنة من بعض النخب والصفوة والمحسوبين على الإعلام وهم كلهم بعيدون كل البعد عن رسالة الإعلام، وأخلاق النخب، وسمو الصفوة. والسؤال: ماذا يفعل الرئيس؟ وماذا يقصد هؤلاء من إهانة رأس الدولة بإطلاق الأكاذيب و»تسخين» الرأي العام من خلال افتراءات ومغالطات وكلام في ظاهرة حق لكن يحمل في باطنه الباطل؟ هل لدفع الرئاسة لاتخاذ إجراءات قانونية ضدهم فيأخذون في الصراخ والعويل بأن الرئيس خالف وعوده التي ساقها في برنامجه الانتخابي عن الحرية والديمقراطية، أو شغل الرئيس عن الملفات التي وعد بتحقيقها في بداية رئاسته وتصويره للرأي العام في صورة «قليل الحيلة»؟ ربما يكون هذا أحد أهدافهم، وربما أيضا تم دفعهم بفلول النظام الذين يشعرون أن الجولة الأولى فقط انتهت، ولكن المعركة لم تنته، حيث لا يزال النظام القديم موجودا ومتوغلا في داخل جميع المؤسسات بما فيها بعض المؤسسات السيادية؟ والدليل على ذلك المليارات التي تم صرفها في جولتي الانتخابات الرئاسية ومعظمها من أموال الشعب التي تم نهبها من عدد من رجال الأعمال الموجود بعضهم خلف الأسوار، بخلاف آخرين لا يزالون طلقاء وهاربين سواء داخل مصر أو خارجها، أم التوجهات الإسلامية للرئيس الذي كان رئيسا لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين هي السبب في ذلك؟ حيث إن تشويه الجماعة كان ولا يزال مستمرا، والارتباط الروحي بين الرئيس وبينها والذي لا يستطيع أحد إنكاره يشعل الحقد والغل في نفوس الكثيرين خاصة مع الذين ارتبطت مصالحهم بالفساد. السيناريوهات كثيرة ومتعددة وقد يخطئ أحدها أو يصيب ولكن الشيء المؤكد والواضح للعيان هو الحملة الشرسة التي يتعرض لها رئيس الدولة قبل توليه منصبه رسميا، وهي حملة ستؤثر بلا شك على بدايات الرئيس المنتخب من الشعب المصري الذي راهن عليه ليحقق طموحاته وأولها الثأر من قتلة شهداء الثورة، وتحقيق مبدأ سيادة القانون والحرية والعدالة التي خرج الرئيس من الحزب الذي يحمل اسمها، وهي كلها مبادئ تعبر عن الخير والمساواة التي لا يريدها البعض خاصة الذين لا يجيدون سوى حمل الطبول والمباخر، ولا يستطيعون الحياة بدون نفاق. ورغم كل الصعاب التي تواجه انطلاق الرئيس في مهمته البالغة الصعوبة والتي تحتاج إلى نخب حقيقية من التكنوقراط، وإعلاميين يدركون قدسية رسالتهم، وتفضيل صالح الوطن على المصلحة الشخصية أو الحزبية الضيقة، وصفوة تسمو برسالتها الوطنية، إلا أن الشعب الذي قام بالثورة هو الذي سيمثل الحماية الحقيقية للرئيس، وعليه أن يدرك أنهم ملاذه في مواجهة من يسعون لتشويهه وتأليب الرأي العام عليه ومحاولة عرقلة برامجه، وأن التقرب من هذا الشعب هو الوسيلة لفضح أكاذيبهم، وتقويض مخططاتهم الشيطانية، فالشعب هو صانع الثورة، وهو من جاء بالرئيس، وهو القادر أيضا على حمايته، بل والنيل من أعداء الوطن! نقلا عن صحيفة العرب القطرية