عمال مصر يحلمون بقانون يكفل حقوقهم ويحميهم من الفصل التعسفى .. وبرلمانيون: قانون العمل الجديد سيحقق كل أحلام العمال يستقبل عمال مصر عيدهم هذا العام بشغف، انتظاراً لموافقة مجلس النواب النهائية على قانون العمل الجديد، الذى يهم أكثر من 25 مليون عامل من حجم العمالة المصرية، ويضمن لهم العديد من المزايا والحقوق ويحافظ على توازن العلاقة بينهم وبين أصحاب الأعمال، فضلاً عن تلافى عيوب قانون العمل الحالى رقم 12 لعام 2003 والذى يتضمن ثغرات وعقبات أمام الكثير من العمال. إنهاء عصر استمارة 6 وإنشاء المحاكم العمالية ومراعاة التأمينات الاجتماعية والتدريب الإلزامى، تعد أبرز مميزات القانون الجديد، وخاصة مسألة التوقيع على استمارة 6 التى كان يستغلها أصحاب الأعمال فى الفصل التعسفى للعمال وتصفيتهم، حيث كان بعض أصحاب العمل يشترطون لتعيين عمال جدد أن يوقعوا عقد التعيين، وفى نفس الوقت يوقعون على استمارة 6، ويستطيع صاحب العمل طرده فى أى وقت من وظيفته، ما أدى إلى ارتباك كبير فى سوق العمل المصرى خلال السنوات السابقة وتخوفات متعددة لدى قطاع كبير من الشباب للانضمام للقطاع الخاص. وبجانب ذلك فالقانون يرسى مبدأ ربط الأجر بالإنتاج لطمأنة المستثمر الوطنى والأجنبى، ويعالج بطء إجراءات التقاضى، ويقلل أمد النزاع بين طرفى علاقة العمل وتأثيرها السلبى على العملية الإنتاجية، حيث نص على إنشاء المحاكم العمالية المتخصصة. وطبقاً لتقرير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، فإن تقدير حجم قوة العمل بنهاية 2018 بلغ 28.027 مليون فرد، منهم 22.686 مليون ذكور، و5.341 مليون إناث، فيما بلغت قوة العمل فى الحضر 11.385 مليون فرد مقابل 16.642 مليون فرد بالريف. وعلى مستوى المتعطلين، أوضحت النتائج أن عددهم بلغ 2.491 مليون متعطل (1.445 ذكور، 1.046 إناث) بنسبة 8.9% من إجمالى قوة العمل. وحول سبب تأخر موافقة مجلس النواب النهائية على قانون العمل الجديد حتى الآن رغم موافقة لجنة القوى العاملة عليه منذ أكثر من 4 أشهر، وأشار برلمانيون إلى أن ازدحام أجندة الجلسات العامة بالمجلس وأهمية القانون الجديد وكثرة مواده وتشابكاته، هى الأسباب الرئيسية لتأخر الموافقة عليه، ولكنهم أكدوا فى الوقت نفسه أنه لن تنتهى مدة المجلس الحالى إلا وستتم الموافقة على قانون العمل. من جانبه، قال محمد سعفان، وزير القوى العاملة، إن القانون الجديد يتضمن عدة مزايا، منها أن فصل العامل لن يتم إلا من خلال المحكمة العمالية نتيجة تحويل أوراقه إليها بعد ارتكاب أى مخالفة من مخالفات الفصل المنصوص عليها فى القانون. وحول مادة إنهاء التعاقد بين العامل وصاحب العمل، أوضح وزير القوى العاملة، أنه ناقش أصحاب الأعمال فى هذه المادة وأكدوا أن العامل الذى سيؤدى عمله بكفاءة لا يمكن الاستغناء عنه، بل سيتمسكون به ويحصل على مزايا أكبر، وفى نفس الوقت، العامل أصبح من حقه التقدم باستقالته فى أى وقت طالما أنه يرى مصلحته فى مكان آخر، ولذلك رأى أصحاب الأعمال أنه طالما أن العامل من حقه ترك العمل فى أى لحظة وقد تكون حرجة، فإنه يحق لهم فصله وإنهاء خدمته فى حالة إخلاله بواجباته وأعماله المكلف بها وفى هذه الحالة يحصل على كل مستحقاته المالية. وبخصوص تنظيم حق الإضراب، أشار «سعفان» إلى أن الدولة حافظت على حق المجتمع فى حالة إضراب العمال، لأننا لا نحافظ على مصلحة فئة قليلة على حساب فئات كبيرة من المجتمع، مدللاً على ذلك بعدم وجوب إضراب عمال المخابز، الذين لا غنى عنهم فى المجتمع وفى حالة إضرابهم سيلحقون الأذى والضرر بفئات كثيرة. ويسمح القانون بالإضراب السلمى عن العمل للعمال للمطالبة بما يرونه محققاً لمصالحهم المهنية وضرورة إخطار كل من صاحب العمل والجهة الإدارية المختصة قبل التاريخ المحدد للإضراب بعشرة أيام على الأقل بكتاب مسجل وموصى عليه بعلم الوصول، بينما حظر الإضراب أو الدعوة إليه أو إعلانه بالمنشآت الاستراتيجية أو الحيوية، التى يترتب على توقف العمل فيها الإخلال بالأمن القومى أو بالخدمات الأساسية التى تقدم للمواطنين. وأكد وزير القوى العاملة أن القانون الجديد لا تشوبه عدم الدستورية، وتم عرضه على مجلس الدولة وأقر كافة المواد الخاصة به. الموافقة على قانون العمل قبل انتهاء مدة البرلمان الحالى قال محمد وهب الله، الأمين العام لاتحاد عمال مصر، وعضو لجنة القوى العاملة بالبرلمان: إن سبب تأخر موافقة مجلس النواب على قانون العمل الجديد هو ازدحام مشروعات القوانين فى جدول أعمال الجلسات العامة للمجلس، مشيراً إلى أن المجلس الحالى يعد من أكبر المجالس التى أقرت قوانين فى تاريخ مصر. وأضاف «وهب الله» أن قانون العمل يعد من القوانين الصعبة التى تحتاج مجهودا كبيرا من النواب حتى يتم الانتهاء من مناقشة مواده كلها، لأنه يهم قطاعا كبيرا جداً من الشعب المصرى وعددهم أكثر من 25 مليون عامل فى القطاع الخاص، أى 75% من حجم القوى العاملة فى مصر، كما أنه يتعلق بالاستثمار والاقتصاد القومى، وقليلا ما نرى قانونا يشمل هذه العناصر، فهو قانون سياسى اجتماعى اقتصادى. وأوضح الأمين العام لاتحاد عمال مصر، أن القانون الجديد يحتوى على مميزات وحقوق عديدة للعامل وصاحب العمل، فهو يحفظ العلاقة بين العامل ورب العمل على حد سواء، مشيرا إلى أنه أنهى عصر استمارة 6 التى تؤرق الشباب، وتجعلهم يعزفون عن العمل فى القطاع الخاص. ولفت «وهب الله» إلى أن القانون راعى قانون التأمينات الاجتماعية، وأقر بإنشاء المحاكم العمالية لسرعة إنجاز الخلافات بين العامل وصاحب العمل، بدلاً من التوجه إلى المحاكم، كما أنه راعى حقوق المرأة والطفل وكافة الزوايا الاقتصادية والاجتماعية. «القانون أيضا جاذب للاستثمار، كما أن أى بلد به قانون استثمار جيد، وقانون عمل جيد يضع نفسه على طريق النهضة الاقتصادية.. المستثمر الأجنبى أو العربى عندما يجد ذلك فإنه يضخ أمواله وهو مطمئن، لأن القانون يحفظ حقه وحق العامل».. بحسب تصريحات الأمين العام لاتحاد عمال مصر. وفيما يتعلق بتدريب العمال، أشار وهب الله إلى أنه من مصلحة صاحب العمل رفع كفاءة العامل من خلال تدريبه جيداً، لأن كل دول العالم تهتم بالتدريب والتكنولوجيا الحديثة باعتبارها أساس العمل، ولذلك فرضنا فى القانون باباً خاصاً بالتدريب وألزمنا كل الجهات وأصحاب الأعمال بتنفيذه. ولفت إلى أن كل مؤسسة أو مصنع يدرب عماله على حدة، وفى حالة احتياجهم إلى تدريب أعلى فسيكون من خلال المراكز المتخصصة، لأن التدريب العملى داخل كل مؤسسة هو الأهم للعامل. وكيل لجنة القوى العاملة: مراكز متخصصة لتدريب .. وحقوق العمال مضمونة بشكل كامل قالت النائبة سولاف درويش، وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب: إن قانون العمل الجديد تمت الموافقة عليه من جانب اللجنة بشكل كامل، ومن المنتظر إدراجه فى جدول الأعمال بأحد الجلسات العامة المقبلة للموافقة عليه نهائيا من البرلمان. وأضافت درويش أن اللجنة انتهت من القانون منذ أكثر من أربعة أشهر، مشيرة إلى أن أول جلسة عامة ستكون يوم 12 مايو ولذلك من الصعب الموافقة عليه قبل هذا الموعد. وأوضحت وكيل لجنة القوى العاملة، أنه لا يجوز تعديل القانون بعد الموافقة عليه من جانب اللجنة، إلا إذا تقدم أحد النواب باقتراحات فى الجلسة العامة، ولذلك فكل مواد القانون ستظل كما هى ومزايا وحقوق العمال مضمونة بشكل كامل وفقا للقانون الجديد. وحول تدريب العمال لرفع كفاءتهم، أشارت درويش إلى أن التدريب التحويلى من خلال المراكز المتخصصة هو أفضل أنواع التدريب، لأنه لو مهنة غير مطلوبة فى الوقت الحالى أو مصنع أغلق أو تحول إلى إنتاج منتجات أخرى، يتم تحويل عماله إلى مراكز متخصصة فى المنتجات الجديدة حتى يواكب العامل هذا التغير. وأكدت وكيل لجنة القوى العاملة، أن هذا القانون يصب فى مصلحة العامل المصرى، ويضم مجموعة استحقاقات وقواعد جديدة بجانب ضمانات وتحفظات لعلاقات العمل، على رأسها منع توقيع العامل على استمارة 6 قبل العمل، بجانب منع أزمة الاستقالة المسببة. «القانون الجديد عالج أيضاً أزمة تباطؤ إجراءات التقاضى، ونص على حصول المرأة الحامل على إجازة وضع لمدة 3 شهور، ولها 3 مرات إجازات وضع، بالإضافة إلى احتفاظ رئيس العمل بملف العامل لمدة 5 سنوات بدلاً من عام واحد»، بحسب النائبة سولاف درويش. وأوضحت أن القانون الجديد نص على أن يكون هناك 3 نسخ لعقد العمل، واحدة تكون مع العامل، وأخرى مع صاحب الشركة، وثالثة لدى وزارة القوى العاملة، مشيرة إلى أن هذا القانون يتضمن مواد عديدة تحفظ حقوق العاملين، وتم التغاضى عن المواد التى كانت تتواجد فى قانون العمل القديم. رئيس نقابة عمال القطاع الخاص: إيجابيات القانون الجديد تصل ل70%.. ولدينا بعض التخوفات قال شعبان خليفة، رئيس النقابة العامة للعاملين بالقطاع الخاص: إن قانون العمل الجديد يتضمن العديد من المميزات والحقوق الخاصة بالعمال، وتتراوح المواد الإيجابية به ما بين 65 و70%، ولا يمكن لأحد إنكار ذلك، خاصة إلغاء استمارة 6 وتقديم الاستقالة فى مكتب العمل. وأضاف خليفة أنه رغم إيجابيات القانون الجديد، فإن هناك بعض المواد التى يجب مراجعتها وصياغتها بشكل أدق، ومنها المواد 41 و42 و129 و82 و69، فضلاً عن وجود بعض التخوفات من جانب العمال. وأوضح أن التخوفات تشمل اقتصار ذكر العمالة غير المنتظمة فى مادتين فقط هما 31 و32، بإنشاء صندوق للعمالة دون معرفة العائد من خلالها، رغم اهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسى بهذه الفئة كثيراً، ومناداته بضرورة التأمين عليهم اجتماعياً وصحياً. وأشار رئيس النقابة العامة للعاملين بالقطاع الخاص، إلى أن القانون الجديد يشهد استمرار وكالات التشغيل بشكلها السيئ، حيث سمح لها بإمكانية الحصول على خط إنتاج، وهو ما يعنى ضياع حقوق العمال، لأن هذه الوكالات تعمل على تشغيل العمال من الباطن فى شركات أخرى غير المتفق عليها وبالتالى تهدر حقوق العمال. ولفت خليفة إلى أن المادتين 41 و42 قد يشوبهما عدم الدستورية، ففى المادة 41 يسمح القانون لشركات التشغيل بالعمل والتوظيف بشروط من الوزير المختص، وفى المادة 42 يحظر عليها الحصول على أموال مقابل التوظيف وفى نفس الوقت يسمح لبعض منها الحصول على أموال فى بعض الحالات. وأوضح رئيس النقابة العامة للعاملين بالقطاع الخاص، أن عقد العمل لابد أن يكون دائماً وبدون مدة محددة، وهذا بالفعل موجود فى القانون بالمادة 69، ولكن الحكومة أضافت إليها: ويجوز أن يكون لمدة محددة لا تقل عن عام فى حالة موافقة العامل وصاحب العمل، ما يعنى أننا فتحنا الباب لاستغلال أصحاب الأعمال لهذه المادة وتعيين العمال بعقود مؤقتة دائما وعدم الالتزام بالجزء الأول من المادة وهو ما يجب أن يلتزموا به فى الأساس. ولفت إلى أن القانون وضع بعض الشروط المطاطة لفصل العامل، منها الإضرار بكرامة العمل، ولم يتم توضيح معنى ومفهوم هذه الكرامة، فهى كلمة مطاطة وتفتح الباب للفصل التعسفى، فضلاً عن استمرار حق صاحب العمل فى فصل العامل وإنذاره قبلها بشهرين، أو دفع أجر شهرين، فى المادة 129 وهى مادة غير دستورية. وطالب رئيس النقابة العامة للعاملين بالقطاع الخاص، وزير القوى العاملة بإعادة الحوار المجتمعى حول القانون ومراجعة هذه المواد قبل الموافقة عليه بشكل نهائى من مجلس النواب، لأنه فى حالة رفض ذلك، سنقوم بالطعن على القانون أمام المحكمة الدستورية العليا.