مع كل دقة من دقات قلوبهم ينتظرون الموت، رغم أنهم جميعًا لا يزالون فى مقتبل العمر.. وجميعهم يعيشون حياة أشبه بحياة الشموع، تظل تحترق لحظة بعد أخرى، حتى تفنى عن آخرها.. هذا هو حال مرضى ضمور العضلات فى مصر، الذين تتراوح أعدادهم بين 1700 مريض.. حياتهم مزيج من الأمل والألم، ومع أن سنوات عمرهم معدودة وليس هناك مفر من الموت فى أى لحظة، قرروا أن يحققوا أحلامهم وينجحوا فى مسيرتهم العلمية ويضربوا مثالاً فى قوة التحمل والعزيمة والقدرة على التغلب على المصاعب والآلام. فحسب ما قاله وزير الصحة السابق أحمد عمادالدين، لا يوجد أمل فى علاج هؤلاء المرضى نظرًا لأن تكلفة العلاج مرتفعة للغاية، ما يعيق الدولة عن الانفاق على علاج هذه الحالات، حيث يصل علاج الفرد الواحد إلى 45 مليون جنيه، ويحتاج حقنًا للمرضى بحوالى 750 ألف يورو أى 25 مليون جنيه لكى يستمر على قيد الحياة. يقدر ثمن حقنة مريض ضمور العضلات بحوالى نصف ميزانية العلاج على نفقة الدولة لجموع الشعب بأكمله (حسب تصريحات وزير الصحة السابق)، مما جعلت الاصابة بهذا المرض كارثية، فلا يوجد مستشفى متخصص لاستقبالهم أو التعامل معهم، وهناك نقص فى الأدوية المخصصة لعلاجهم فى الصيدليات والمستشفيات، فضلاً عن عدم رعاية مركزة مخصصة لاستقبال هذه الحالات. ورغم ارتفاع الأصوات المنادية بالاهتمام وتوفير العناية اللازمة لمرضى ضمور العضلات إلا أن العديد من الأطباء أكدوا أنه لا أمل من الشفاء لعدم وجود علاج يقضى على هذا المرض، مما جعل العديد من الأهالى بجانب تحملهم حسرة مرض ابنائهم، يتكبدون مبالغ باهظة لزيادة سنوات بقاء أطفالهم على قيد الحياة، بينما الأسر الفقيرة ودعت أطفالها فى صمت وقهر فور معرفتهم بالمرض. «الشاذلى».. 14 سنة من الألم تنتهى بالموت لا شىء يضاهى سعادة الأب بمشاهدته طفله يكبر يوماً تلو الآخر أمام عينه، ولكن قد تتحول هذه الفرحة الى كابوس وحزن دائم لا ينقطع أبداً خاصة إذ فارق الحياة بعد سنوات طويلة من الألم والمعاناة. كانت وفاة أبوالحس الشاذلى، وعمره لا يتجاوز «14» عاماً بمثابة لطمة كبرى لاسرته . يقول والد «أبوالحسن»: «بعد ولادته ب4 أشهر تقريباً، بدأ قفصه الصدرى يبرز للخارج فذهبنا به لطبيب الأطفال بمستشفى سفاجا المركزى، وبعد الكشف عليه، اخبرنى الطبيب بأنها أعراض مرض الانيميا وأوصى باعطائه مقويات الكاليسوم لمدة شهرين، ولكن بعد انقضاء مدة العلاج لم يتحسن الطفل، فقررنا متابعة طبيب آخر والذى انفعل علينا لاننا تركنا الطفل يصل الى هذه المرحلة وأخبرنا أن الطبيب السابق تشخيصه خطأ. وأضاف:« الطبيب قال لنا إن مرض الطفل يدخل ضمن (منظومة ماركيوس) أي أن صدره يشبه صدر الحمامة، وطلب منا أن نذهب به إلى مستشفى ابو الريش للاطفال، وبدأنا فيه متابعة العلاج لأكثر من عامين، حيث كنا نتردد عليه كل 6 أشهر. وتابع :« ابني ذهب للمدرسة كأى طفل بعد أن أتم عامه السادس، لكن نموه الضعيف وطوله غير المناسب لعمره، جعلنا نخشي أن يوثر ذلك عليه على المدي البعيد، فقمنا بإجراء أشعة رنين على قدميه، وتبين وجود مشكلة عند منطقة الركبة تعيقه عن الحركة، لذلك نصحنا الأطباء بمعالجته بمستشفى أسيوط الجامعى نظراً لعدم استطاعتنا المالية الوفاء بكافة متطلباته العلاجية في القاهرة، فكان الحل العودة إلي أسيوط مرة أخرى للعلاج. وأشار إلي أنه تم إجراء عملية استعدال الركبتين لتخفيف التقوس، بدأ يمشى مع انحناء خفيف فى الظهر مع بروز الصدر ، ولكن لم يزدد طوله كباقى اقرانه من الأطفال، وجميع الأطباء المتابعين لحالته اجمعوا على ان انحناء الظهر وبروز الصدر لايشكل عائقا له مستقبلا وانه يمكنه الزواج وممارسة حياته العادية. وأكد الأب أنه عانى كثيراً من أجل سعادة ابنه وتخفيف معاناته، فبعد رفض قبوله بالمدرسة في المرحلة الاعدادية نظراً لعدم قدرته مسك القلم، اضطر لالحاقه بامتحانات الدمج، فكان بذلك اول طالب بالمدينة وبالمرحلة يدخل هذه الامتحانات، لدرجة انه كان هناك اقتراح بتخصيص فصل له ، ولكن فضلنا أن يجلس وسط زملائه خاصةً أنه كان محبا ومحبوبا للناس وله أصدقاء كثيرون من مختلف الأعمار. وأشار إلي أنه رغم المعاناة والألم، كان ابنه متفوقاً ونجح في الشهادة الإعدادية بتفوق وحصل على المركز الأول للطلبة من ذوى الاحتياجات الخاصة وتم تكريمه واهدوه كرسيا متحركا كهربائيا ليكمل عليه رحلة تعليمه. ولفت إلي أنه تم ترشيحه للحصول على منحة لاستكمال تعليمه في المرحلة الثانوية بالقاهرة، ولكنه رفض نظراً لبعد المدرسة عن منطقتنا السكانية والتكلفة المرتفعة للمواصلات والتنقل، فضلاً عن أنه بحاجة إلي الرعاية والاهتمام به لذلك لابد أن يكون بجانب اسرته للعناية به. واستكمل حديثه :« حدث خلاف بيني وبين وكيل الوزارة لرفضه قبول ابني بالثانوي التجاري، ولكن ازددت اصرارا أن يلتحق بها، وبالفعل نجح في الاختبار المخصص للقبول واستطاع النجاح في التعامل مع الكمبيوتر، وتم قبوله للالتحاق بالمدرسة. ويضيف: رغم سعادتي بهذا النجاح الدراسي والطموح الذي لا حدود له بالتفوق، كان ألمي الأكبر عجزي عن تحقيق حلمه أن يمشي كغيره من الأطفال، خاصةً أني ذهبت للعديد من المستشفيات والعيادات الطبيبة وانفقت كل ما معي من أموال لتتحسن حالته ولكن دون فايدة. ويقول الأب: «عانيت كثيراً في القاهرة وذهبت لأكثر من طبيب لمعالحة ابني، بعد أن تدهورت حالته وبعد عذاب استمر لأكثر من شهر تم حجزه في مستشفي قصر العيني، وبقسم المخ والاعصاب لاجراء عملية جراجية له، وبعد مرور أكثر من 17 يوماً لم يأت الاستشاري المنوط به اجراء العملية الجراحية، إلي أن أحدثنا مشكلة في المستشفي وهددنا بتقديم شكوي لوزارة الصحة، ما جعلهم في النهاية ينصعون لطلباتنا ويقومون باجراها». واختتم حديثه، قائلاً:« للاسف الاطباء لم يتعاملوا بشكل جيد مع الحالة ولم يوفروا لها العناية اللازمة، حيث أصروا بعد اجراء العملية الجراحية أن ينام المريض على ظهره رغم أن لديه مشكله في صدره والرئة ما يصعب من تنفسه بشكل طبيعي، ومع أننا حذرناهم من هذا الوضع لكنهم ادعوا معرفة طبيعة عملهم، ما عجل من أجل الطفل المسكين وتوفي أواخر عام 2016، ليحرم بذلك من حلمه بأن يتم شفاؤه. «الحبشي» يحلم بمستشفى على غرار «سرطان الأطفال» أسامة حجاج على حسن الحبشى 32 سنة، حالة أخرى من حالات مرض ضمور العضلات ولد طفلا عاديا مثل الملايين من أمثاله ولكن عندما وصل الى التاسعة من عمره وجد نفسه عاجزا عن السير الا على أطراف أصابع قدميه. ويقول «الحبشي»: ولدت فى منطقة حوش عيسى محافظة البحيرة وحاصل على ليسانس آداب جامعة الإسكندرية فرع دمنهور، وعانيت لفترة طويلة لعدم معرفتى نوع المرض الذى أعانى منه خاصةً أن الاطباء كانوا يشخصون المرض بشكل خاطئ. لم يعرف «الحبشي» حقيقة مرضه إلا بعد اجراء تحليل يُعرف ب cpk، لافتاً إلى أن الطبيب اخبره بعد معرفته بنوع المرض بعدم وجود علاج له وأن أيامه معدودة فى الحياة، وظلت حالته تسوء يوماً بعد يوم ما جعله يستخدم الكرسى المتحرك ليستطيع مزاولة حياته. ويضيف: معرفتى بأن نهاية حياتى قريبة لم تعقني عن إكمال تعليمي رغم معاناتي فى التنقل من مكان لآخر، كما لم تمنعنى معاملة بعض السائقين السيئة من استكمال مسيرتي، حتى حصلت على ليسانس آداب عام 2006، وبعد ألم طويل ومعاناة فى البحث عن وظيفة تم تعيني فى ديوان محافظة البحيرة. ولفت إلى ان اولاده مصابون بنفس المرض الذى يحمله، ولا يستطيع الانفاق على علاجهم نظراً لارتفاع أسعار الأدوية، مشيراً إلى أنه يتنمى أن يتم شفاه خاصةً أن حالته تدهورت للغاية وأصبح لايستطيع التحكم فى يديه أو قدمه، فضلاً عن عدم استطاعته التقلب فى الفراش. لم تكن حالة «الحبشي» وحدها التى تنغص حياة اسرته وتعكر صفو أيامها، فشقيقه الأصغر «أحمد» مصاب ايضاً بالمرض، ويمر بنفس المعاناة التى يعيشها شقيقه الأكبر يومياً، فلا يستطيع المشى إلا على أطراف أصابعه والكرسى المتحرك وسيلته للتنقل من مكان لآخر. وتابع « أهلى عانوا كثيراً فى التعامل معى ومع أخي، وتحملوا الكثير من الألم من اجل علاجنا، ولم يساعدنا أو يخفف معاناتنا أحد. وأشار إلى أنه ظن انه الوحيد الذى يحمل هذا المرض، لكنه فور تدشينه صفحة على الفيس بوك باسمه وجد أعدادا كبيرة من المرضى وتفاعل معهم، فضلاً أنه قام بتأسيس حملة على الفيس لتسليط الضوء على هذا المرض الذى يتزايد اعداد المصابين به يوماً تلو الآخر، كما طالب بحقوق مرضى الضمور فى الرعاية الصحية التى كفلها الدستور. وأكد أن مرض ضمور العضلات سرطان مميت ينتقى ضحاياه، ثم ينقض عليهم ينهش جسدهم بالتدريج حتى يتحولوا إلى كتلة لحم بشرى عاجزة عن تحريك حتى أصابع اليد، مشيراً إلى وجود أنواع عديدة من المرض قد يصل عددها إلى ثلاثين نوعاً جميعها تتنافس على الفتك بمن يقع تحت رحمتها. ولفت إلى أن الأطباء اخبروه بأن زواج الأقارب من أهم اسباب هذا الداء فضلاً عن عدم وجود علاج له إلى الآن، مشيراً إلى أن هذا المرض لعنة أصابت أسراً بكاملها، فهو كخلايا السرطان لا ترحم صغيراً ولا كبيراً ولا تكتفى بضحية واحدة، بل تتلذذ بالتهام المزيد بلا رحمة. وتابع:«حملة مرضى ضمور العضلات التى قمنا بتأسيسها لجذب انتباه المسئولين لمطالب المرضى، لم تحقق نتيجة على أرض الواقع، وخاطبنا وزارة الصحة ومجلس الوزراء ولكن لم يحقق أية فائدة، مشيراً إلى أنهم اجتمعوا مع مستشار وزير الصحة الدكتور محمد فتح الله لم يستجب لمطلب واحد من مطالبنا. واستكمل حديثه قائلاً: بعد ضغوط اجتمعنا مع وزير الصحة السابق الدكتور احمد عماد الدين، وتناقشنا معه بخصوص قضية مرضى ضمور العضلات وخلال الاجتماع تم توجيه سؤال لوزير الصحة ما هو عدد مرضى ضمور العضلات فى مصر ؟ فكان رده صادما، حيث أشار إلى أن المسجل فى وزارة الصحة هو 1700 مريض تم صدور قرارات علاج على نفقة الدولة لهم، ولا تعلم الوزارة العدد الحقيقى لمرضى ضمور العضلات. واختتم حديته بقوله: قدمنا مذكرة تفصيلية للوزير، ووضحنا فيها حجم الكارثة ، كما طالبنا بإقامة مستشفى لضمور العضلات على غرار مستشفى سرطان الأطفال 57357، ولكن كان رد الوزير وقتها على مطالبنا بأن ميزانية الوزارة لا تسمح بإقامة مستشفي، فاقتراحنا عليه تحويل معهد شلل الاطفال الى معهد قومى لضمور العضلات، لافتاً إلى أن الوزير وقتها قرر تخصيص دور كامل مجهز من معهد الجهاز العصبى والحركى (معهد شلل الأطفال سابقا) لمرضى الضمور مع استخدام إمكانيات المعهد فى جميع التخصصات وعمل حصر الأعداد عن طريق المعهد. رئيس جمعية ضمور العضلات: زواج الأقارب سبب الكارثة أكدت شريفة مطاوع رئيس الجمعية المصرية لمرضى ضمور العضلات ل«الوفد» وجود حوالى مليون مصاب بمرض ضمور العضلات فى مصر، وأن هذا العدد قابل للزيادة بشكل سنوى نتيج العادات والتقاليد المصرية بشأن تزاويج الأقارب، ما يصعب الحد من انتشار المرض فى المستقبل. وحول طبيعة عمل الجمعية وهدفها قالت «مطاوع» إنه تم تأسيسها فى مايو 2016، وسعت منذ تدشينها إلى تقديم المساعدات الطبية والمادية والاجتماعية للمرضى وتوفير العلاج، كما أنشأت دار رعاية مراكز طبية للمرضى. وأضافت: «طبقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن الإصابة بمرض يبلغ شخصاً لكل «3300» شخص بمرض الدوشين فى مصر وهذا النوع لا يصيب الإناث. وأشارت إلى أن الجمعية حققت بعض الإنجازات، أهمها صدور قرار باعتبار مرضى الضمور ضمن فئة الإعاقة وحصولهم على بعض حقوق ذوى الإعاقة من معاش وتوظيف بنسبة ال5%. ولفتت إلى أن الجمعية تشارك فى شهر ديسمبر من كل عام فى اليوم العالمى للتوعية بضمور العضلات للتوعية بخطورة هذا المرض وضرورة التعامل السريع معه وتوفير كافة احتياجات المرضي. وأوضحت أن الجمعية تمنح المرضى كراسى متحركة بالكهرباء لكى يستطيعوا التنقل بسهولة، كما تعطى إعانات ونصائح وتوجيها لهم ولذويهم حتى لا يكونوا عرضة للتجارب الطبية. وطالبت «مطاوع» بضرورة توجيه العناية والاهتمام بهذا المرض وتوفير الرعاية اللازمة للمرضى، خاصة أن الضمور واحد من الأمراض الصعبة وتحدث نتيجة خلل جينى ما يتسبب فى تكسر العضلات وانشطارها ويضعف عضلات الهيكل العظمى، فضلاً عن إصابته الجهاز التنفسى والقلب. وأشارت إلى أن هذا المرض لا يظهر فى سن معينة، فأحياناً يصيب الإنسان فى سن مبكرة، بينما لا يظهر عند بعض الأشخاص إلا بعد مرحلة البلوغ أو فى سن متأخرة. وأكدت أن العديد من المرضى يعانون بسبب عدم معرفة الأطباء شيئا عن ضمور العضلات، فضلاً عن نقص خبرتهم فى التعامل مع الحالات فى المستشفيات والمراكز الطبية، وعدم وجود عناية مركزة متخصصة فى المستشفيات لاستقبال مرضى الضمور. والدة أحد المرضي: قدرتى المالية أنقذت ابنى من الموت استقبل مع اصدقائه خبر تخرجه بابتسامة تعلو وجهه ونشوة تغمر صدره لاستكمال مسيرته التعليمية وحصوله على درجة الليسانس من كلية الآداب متوجها بالشكر لوالدته التى طالما دعمته ووقفت بجانبه فى أصعب الظروف علاوة على فضلها فيما وصل اليه من تفوق. لكن كان القدر له رأى آخر، حيث اسدل الستار سريعاً على هذا المشهد المبهج، وانقلبت فرحة التخرج إلى مأتم وعزاء غطى كافة أنحاء منزل عبدالله أحمد عبدالله حيث أبى «ضمور العضلات» أن يتركه يستمتع بحياته بعد انتهاء دراسته، وأسرع فى نقله الى دار الآخرة بعد أن تمكن منه المرض وانتشر بسائر جسده. حكاية «عبد الله» نقطة فى بحر من قصص مؤلمة فى الواقع لم يتطرق اليها كثيرون.. وفاء جمعة والدة «عبدالله»، تحملت وصبرت على ألم ومعاناة طفلها ولم تتوان عن مساعدته وتوفير ما يلزمه من علاج أو متطلبات اخرى احتاجها فى حياته.. تقول «وفاء»: بدأت تظهر أعراض المرض على طفلى عندما كان فى رابعة ابتدائي، حيث أظهر تحليل cbk أنه يحمل المرض، وبدأت بعدها اتابع مع الطبيب المختص والذى وضع جسده فى جبيرة ثم اخضعه بعد ذلك للعلاج الطبيعي. وأضافت:« كنت اشجع ابنى بصفة مستمرة، وأقول له: إنه افضل من كثيرين يسيرون على اقدامهم، وأن الانسان بالعقل وليس بالجسد، لذلك عليه أن يطور عقله ويستكمل مسيرته التعليمية، مشيراً إلى أنها ساعدته فى تعليمه حيث اشترت له كرسيا متحركا، وكانت تنقله كل يوم للمدرسة. وأشارت إلى أنها عانت كثيراً بسبب عدم تأهيل المدارس للتعامل مع مرضى الضمور، فضلاً عن أن الفصول والمبانى ليس بها أماكن مخصصة تساعد فى سهولة تحرك المرضى على الكرسي، لذلك فضلت نقل ابنى من مدرسة حكومية إلى مدرسة لذوى الاحتياجات الخاصة وهناك وجدت معاملة طبية، فضلاً عن تأهيلها لاستقبال الأطفال. ولفتت إلى أنه لولا قدرتها المالية على علاج طفلها «كان مات من زمن»، خاصةً أن العلاج يتطلب اموالاً كثيرة لا تستطيع الاسر الفقيرة توفيرها، خاصةً أنه لايوجد لمرضى الضمور حق فى العلاج على نفقة الدولة نظراً لأن هذا المرض ليس من ذات الأولوية للوزارة طبقًا للقرار الوزارى 290 لعام 2010. وأكدت أن تكلفة العلاج باهظة للغاية، فالكورتيزون المستورد اللازم للمريض يصل إلى 38 يورو أى من 700 إلى 800 جنيه مصري، فضلاً عن عدم وجود غرف عناية مركزة موهلة لاستقبال المرضى فى حال تعرضهم لأى أزمة صحية، مشيراً إلى أنها كانت تعانى من أجل البحث عن مستشفى يعالج طفلها حين تدهورت حالته الصحية، ولم يوافق أى مسشتفى أو مركز طبى باستقباله إلا حين دفعت 5000 جنيه مقدماً للحجز. وأضافت: للاسف الشديد المجتمع لايتعامل بشكل آدمى مع المرضي، وبعض الناس تعمدت جرح مشاعرهم ووصفهم بالمعاقين، مشيراً إلى أنها تصدت لأى فرد جرح ابنها ولم تعرضه لأى اهانات أو سخرية، وكانت تحرص على أن يطلق عليه الناس ذوى الاحتياجات الخاصة بدلاً من معاقين أو مرضي. وأشارت إلى أنها لم تعرف حقيقة مرض ابنها إلا فى سن متأخرة، وكان أول طفل لها يصاب بهذا المرض، ذلك بعد معرفتها بمرضه سارعت باجراء تحليل لطفلى الثالث وعمره 22 اسبوعا فى بطني، وتبين أنه سليم وبصحة جيدة، وأكد لى الطبيب أنه لا مشكلة من استكمال الحمل. ونصحت أى أم فور علمها بوجود طفل لها يحمل هذا المرض، بإجراء ما يسمى بالتحليل الوراثى للتأكد من صحة طفلها القادم، مشيرة إلى أنه يأخذ السائل الموجود حول الجنين ويتم تحليله، ويظهر به إذا كان الطفل حاملا للمرض أم سليما. واستكملت حديثها قائلة إنه رغم صدور قرار يوم 20 اغسطس 2017 بانشاء 7 مراكز على مستوى الجمهورية، لكن إلى الان لم يتم انشاء اى منها، مشيراً إلى أنها تعاونت مع بعض المرضى وقدموا شكاوى لوزارة الصحة ولكن لم يستجب أحد لأغاثة ابنائهم. أستاذ مناعة: لا يوجد علاج فى مصر يوضح الدكتور وائل أبوالخير أستاذ المناعة والحساسية والتحاليل الطبية، أن مرض ضمور العضلات عبارة عن اضمحلال، أو ضعف فى عضلات الجسم، كعضلة الذراع، والساق، ويلاحظ على المصابين بضمور العضلات وجود عدم تماثل بين العضلات، مثل: عضلات الذراع، إذ تكون إحدى العضلتين أصغر من الأخرى، وأضاف أن السبب الرئيسى لضمور العضلات، هو قلة النشاط البدنى الذى قد يحدث بسبب الأمراض، أو الإصابات، التى تحد من حركة عضلات الجسم، كالذراع، والقدم. وأضاف: «هناك أعراض تظهر المريض توكد أصابته بهذا المرض منها ضعف الأطراف، وأن تكون إحدى الأذراع أو القدم أصغر من الأخرى، والخمول الدايم للشخص، فضلاً عن عدم قدرته على الحركة». ويرى أن أخطر نوع من هذا المرض يسمى ب«ضمور العضلات دوشين»، والذى يُعد أخطر الأمراض العضلية على الإنسان، فهو قد يؤدى إلى الوفاة المبكرة، علاوة على المضاعفات الخطيرة التى يتسبب بها. ولفت إلى أن مرض ضمور العضلات «دوشين»، والمُعروف طبيًا ب«الحثل العضلى الدوشيني»، عبارة عن مرض وراثى يصيب جميع عضلات الجسم، ويُسبب ضعفاً بها، ويبدأ ذلك الضعف بعضلات الحوض، ثم يتطور بسرعة ليصيب جميع عضلات الجسم، مما يصيب الإنسان بإعاقة حركية مبكرة، ويؤدى إلى الوفاة المبكرة مع تزايد الأعراض، وهذا المرض يُعد من الأمراض التى تصيب الذكور بنسبة أكبر من الإناث، حيث يبلغ معدل الإصابة بتلك المرض إلى ما يقرب من واحد من 3500 ولادة من الذكور، فى حين يُصيب الإناث بصفة شبه نادرة، وعلى الرغم من أن الفتيات يمكن أن يكن ناقلات للمرض لكنهن يتأثرن بشكل طفيف، ويُعتبر مرض ضمور العضلات «دوشين»، الأكثر شيوعًا من بين أنواع الضمور العضلى الكثيرة والمتنوعة. وأكد الدكتور «أبوالخير» أن السبب الحقيقى وراء الإصابة بمرض ضمور العضلات «دوشين» مجهول، وذلك لأن حوالى ثلث الأولاد تقريبًا الذين يعانون منه ليس لديهم تاريخ عائلى للمرض، ويحتمل أن يكون ذلك بسبب الجين الذى قد يكون عرضة إلى تغير غير طبيعى مفاجئ فيما يُعرف علميًا «الطفرة التلقائية»، فى حين أن بعض التقارير الطبية تشير إلى إحتمالية الإصابة بذلك المرض تتركز فى وجود موروث غير طبيعى لمادة تسمى «ديستروفينو» وهى عبارة عن مادة بروتينية توجد بالعضلات، وينتقل هذا الموروث عن طريق الكروموسوم الجنسى الذكري. وعن أعراض مرض الدوشين، لفت «أبوالخير» إلى أن هناك عدة علامات للمرض تظهر بسن مبكرة أى تقريباً من عمر 3 سنوات، وتتمثل فى الضعف، ويحدث على مراحل تبدأ من ضعف العضلات الطرفية القريبة مثل: الكتف، ثم تُصاب العضلات الطرفية البعيدة عن الجسم مثل: السيقان، بحيث تُصاب العضلات السفلية قبل العلوية. وأضاف أن المرض يسبب خللا فى عضلة القلب الأولى فيما يُعرف ب«اعتلال عضلة القلب»، بالإضافة إلى مشكلات كهربائية القلب، وتحدث تلك المضاعفات للمريض الذى وصل عمره إلى ما بين 14 ل18 سنة على أن تزيد نسبة الإصابة بشكل كبير بعد سن ال18، كما يتسبب فى السقوط المتكرر، وصعوبة النهوض من وضعية الاستلقاء أو الجلوس، ومشكلة فى الركض والقفز، وتضخم فى عضلات الربلة (عضلات الناحية الخلفية للساق)، فضلاً عن الإعاقات المتعلقة بالتعلم. وأكد «أبوالخير» أنه لا يوجد حتى الآن علاج يمنع حدوث المرض أو يزيله، ولكن يتم العلاج لتقليل تأثيراته على المصاب، ومن تلك العلاجات: العلاج الطبيعى، والألعاب الرياضية، بالإضافة إلى المعالجة الجراحية، علاوة على استخدام لبعض الأدوية لعلاج الشد العضلى والعلاجات النفسية، مشيراً إلى أن نسبة الإصابة بأمراض ضمور العضلات بمختلف أنواعها تصل إلى مليون مصاب. وحول أسباب هذا المرض، قال الدكتور وائل أبوالخير: «هناك نوعان من الضمور الأول يسمى بضمور عدم الاستعمال حيث يعانى منه الأشخاص الذين يعملون بوظائف مكتبية، أو من يعانون من مشكلات صحية تحدّ من الحركة، أو من يلازمون الفراش، كما أن عدم القدرة على تحريك الأطراف، سواء بسبب سكتة دماغية، أم بسبب أمراض فى الدماغ، يسبّب ضمور العضلات». أما النوع الآخر يسمى ضمور عصبى المنشأ، وهذا النوع شديد الخطورة على عكس نوع الضمور الأول، فيميل هذا النوع أن يحدث بشكل مفاجئ، ويصيب الأعصاب، ويؤثّر عليها، بالإضافة إلى إصابة الحبل الشوكى، مشيراً إلى أن سوء التغذية أحد الأسباب التى تؤدى إلى الإصابة بضمور العضلات. وعن علاج هذا النوع من الضمور العصبى عادةً يكون بالتمارين الرياضية: مثل التمارين المائية التى تكون الحركة فيها أسهل. العلاج الفيزيائي: هو العلاج الذى يساعد المريض على التحرّك بشكل سليم وصحيح، أو العلاج بالموجات فوق الصوتية: وهو إجراء غير منتشر، يستخدم الموجات الصوتية التى تساهم فى عملية الشفاء، وأخيراً التدخل الجراحى، حيث تكون الجراحة ضرورية جداً فى حالات مرضية عديدة، كالتقفع، وهى حالة مرضية تكون فيها الأوتار، أو الأربطة، أو الجلد، أو العضلات مشدودة جداً، فتمنع الحركة.