وسط هذه الأحزان بقرار ترامب بضم الجولان للصهاينة، ماذا لو عبرت حنجرة حليم التى تمر ذكرى رحيله ال42 اليوم، عن أحزان وطننا المترامى الأطراف، الآن بكل ما يحوى صوته الشجى من أكسير أنشودة الحياة لنعيش مع نبضات صوته الحب الخالد لوطننا، بشماله وجنوبه، شرقًا وغربًا كأنه هوية الانتماء والوفاء والتضحية والفداء. فصوت حليم ليس به ادعاء، بل يملك صدقاً لا يحتاج لمساومة ولا يحتاج لمزايدة ولا يحتاج لمجادلة ولا يحتاج لشعارات رنانة؛ يصدح ويغنى لأجل تراب وطننا لأجل سمائه وبحره وكل نسمة هواء فيها. ولمَ لا، وحليم عندما غنى «عدى النهار» بعد نكسة سنة 1967، وهى واحدة من أبرز أغانى عبدالحليم من كلمات عبدالرحمن الأبنودى وألحان بليغ حمدى؛ لم يكن يعلم أنها ستشارك الوطن أحزانه والأزمات التى تمر به فى انتظار الفرج، وهذا تأكيد على أن حليم دائماً الغائب الحاضر، ولو قدر لحليم التواجد فى هذه الأيام لكان مرابطاً فى الاستوديو كأحد جنودنا على الحدود، مدافعاً عن مصر بصوته ضد الإرهاب، ولخرجت نغماته سهاماً مصوبة إلى نحور كل من أراد بأرض الكنانة سوءاً... وإذا كان العندليب قد شدا بأنشودة «العهد الجديد» سنة 1952، وهو أول نشيد وطنى غناه عبدالحليم حافظ فى حياته، من كلمات محمود عبدالحى، وألحان عبدالحميد توفيق زكى، وقد غناها حليم بعد قيام ثورة 23 يوليو؛ فإننا سمعناها مع قيام ثورة 30 يونيو التى تخلصنا منها من غبن وظلم الجماعة الإرهابية للوطن... وإذا كان حليم قد تغنى «إحنا الشعب» كأول أغنية يغنيها عبدالحليم للرئيس جمال عبدالناصر بعد اختياره شعبيًا لأن يكون رئيسًا للجمهورية سنة 1956 وهى أول لقاء فنى بين الثلاثى عبدالحليم والمحلن كمال الطويل والشاعر صلاح جاهين. فإننا غنيناها مع كل اختيار اختاره الشعب؛ وكأنها باعث على روح التحدى المصرى للتغلب على كل الصعاب التى أمامنا بإذن الله ولو كان محمد عبدالوهاب موجوداً إبان محاربتنا للإرهاب الإخوان الخسيس الذى دفع فيه أولادنا من الجيش والشرطة أرواحهم لتخليصنا منه؛ لرشح لنا أول تعاون له مع عبدالحليم فى مجال الأغانى الوطنية سنة 1956، وذلك مع أغنية «الله يا بلدنا» والتى تغنّى بها عبدالحليم بعد العدوان الثلاثى. فصوت حليم يصدح الآن مردداً: الله يا بلادنا الله على جيشك والشعب معاه فى جهادك قوة وسلامك غنوة يا بلادنا الحلوة نفسى أديكى المجد علاه......... الله يا بلادنا بسلاحنا وعزيمتنا الحامية ماقدرش الغاصب يغلبنا ده كفاحنا لمبادئ سامية........... حالفين نحميها بقلوبنا وعلمنا الغالى............ فى مكانة العالى لو قال يا رجالى هنقدم أرواحنا فداة........... الله يا بلادنا أساطيل وجيوش الأشرار حاربتنا بغدر ووحشية هزمتها أيادى الأحرار بسلاح الثورة الشعبية و الحق تملّى هو اللى يعلى.. هو اللى يخليى هو باللى رماة........ الله يا بلادنا ح نعيش من أول وجديد والنصر ينور أعيادنا ونحيى روح كل شهيد بترفرف على أرض بلادنا وإيدينا قوية تحمى الحرية فى بلاد عربية.... وتصون السلم وترعاه..... الله يا بلادنا دايمًا حنبص لقدامنا والماضى مش راح ننساه الماضى كتب مستقبلنا بالدم............ وأدينا بنقراه راح نبنى بلادنا ونربى ولادنا على درس جهادنا ونعيش وياهم فى حماه الله يا بلادنا وبعد كل لحظة غدر عشناها ودم شهيد سال على أرض مصر ومع كل يتيم فقد أبيه البطل رددنا «ابنك يقولك يا بطل» من كلمات عبدالرحمن الأبنودى، وألحان كمال الطويل.. وكلنا سمعنا «البندقية اتكلمت» التى غناها سنة 1968، من كلمات عبدالرحمن الأبنودى وألحان بليغ حمدى؛ مع كل طلقة رصاص من جندى مصرى مرابط على الحدود، وأثناء مداهمة أوكار الإرهاب فى سيناء.. ولأن حليم كان من أوائل الناس الذين يعلمون قيمة الفن فى توصيل كلمتنا وقضيتنا للعالم الغربى، لذلك قدم أغنية المسيح فى قاعة ألبرت هول فى مدينة لندن أمام أكثر من 8 آلاف متفرج بعد حرب 1967 وتبرع بأجره لصالح المجهود الحربى كتب كلماتها الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودى ولحنها بليغ حمدى ووزع موسيقاها على إسماعيل؛ وإذا كان بيننا إبان حادثة «شارلى أبدو» والتى استغلتها الصهيونية شر استغلال لذهب إلى باريس وأعاد الكرة من جديد.... وفى أى مؤتمر ومنتدى عالمى مصرى كان سيغنى «حليم «نشيد الوطن الأكبر» الذى شارك فيها كوكبة من نجوم العالم العربى سنة 1960 من كلمات أحمد شفيق كامل وألحان محمد عبدالوهاب. وبالطبع كان سيأخذ صورة سيلفى مع الرئيس مردداً «صورة» التى غناها فى عيد الثورة فى 23 يوليو 1966، من كلمات صلاح جاهين وألحان كمال الطويل؛ فكلنا عايزين صورة للشعب الفرحان تحت الراية المنصورة... وبالطبع كان سيسبق هذا مشاركته مصر فى حفل حفر قناة السويس الجديدة بأغنية «حكاية شعب» التى غناها سنة 1960 من كلمات أحمد شفيق كامل وألحان كمال الطويل، وذلك فى حفل أضواء المدينة الذى أقيم بمدينة أسوان للاحتفال بوضع حجر الأساس ببناء السد العالى.... أما إذا التقى الرئيس فكان سيقدم «مطالب شعب» التى غناها بمناسبة العيد العاشر للثورة 23 يوليو 1962، من كلمات أحمد شفيق كامل وألحان كمال الطويل وتوزيع على إسماعيل. ومع ما يحدث الآن من وعد ترامب بضم الجولان إلى إسرائيل لكان سيشدو حليم أحلف بسماها وبترابها أحلف بدروبها وأبوابها أحلف بالقمح وبالمصنع أحلف بالمدنى والمدفع بأولادى بأيامى الجاية ما تغيب الشمس العربية طول ما أنا عايش فوق الدنيا وسيعقبها بلحنه الخالد لكمال الطويل وكلمات الأبنودى: اضرب اضرب اضرب لاجل الصغار لاجل الكبار لاجل النهار لاجل البلاد لاجل العباد لاجل الولاد لاجل البنات والأمهات لاجل النبات لاجل الربيع لاجل الجميع لاجل الورود بدر الوجود لاجل السلام والابتسام اضرب كمان واسرق أمل لاجل الحياة ولاجل عشاق الحياة ولاجل صناع الحياة وفى كل مرة أستمع إلى تأثير الفن كقوة نعمة أتذكر الأوبريت الغنائى الذى كتبه حسين السيد ولحنه عبدالوهاب وغنى فيه حليم مع كوكبة من الفنانين وكان المقطع الذى غناه فى أعياد ثورة 23 يوليو سنة 1961 فى حضور الرئيس جمال عبدالناصر عاش الفن حضارة لأمة يبنيها الفنان يروى حياتها بغنوة بكلمة بصورة بروح وإيمان وسمعناه بيقولها قوية مجد بلادى عهد عليا قلبى وروحى ملك لفنى والاتنين لبلادى هدية حيوا معايا قولو معايا عاش الفن رسالة عاش ورغم أن الوحدة مع سوريا راح عهدها بكل ما فيه، إلا أن المصريين يحلمون بعودة سوريا من جديد بعد التخلص من الإرهاب لنسمع حليم يشدو غنى يا قلبى، كلمات أحمد شفيق كامل لحن محمد عبدالوهاب إنتاج 1958 بمناسبة الوحدة بين مصر وسوريا وتأسيس الجمهورية العربية المتحدة.. ومع كل عقبة نعديها مع قيادتنا يغنى حليم «عاش اللى قال» أول أغنية غناها عبدالحليم بعد نصر أكتوبر 1973 من كلمات محمد حمزة وألحان بليغ حمدى، وكانت أول أغنية أشاد فيها بدور الرئيس محمد أنور السادات فى انتصار مصر العظيم. وهى تعبير صادق لخطواتنا الان.. وقريباً سنسمع حليم يصبح على سيناء بعد القضاء على آخر بؤرة إرهابية، كما كان الموعد مع آخر عمل بين عبدالحليم وكمال الطويل مع أغنية «صباح الخير يا سينا» سنة 1974.. وسيظل يغنى حليم لقناة السويس الجديدة «النجمة مالت على القمر» كما غناها فى 1975، من كلمات محسن الخياط وألحان محمد الموجى، ولن ينسى أيضًا غناء «المركبة عدت» من كلمات مصطفى الضمرانى، وألحان محمد عبدالوهاب، لتحيا مصر وتعيش يا صوت حليم. العندليب فى أرقام 1929 مولد عبدالحليم بقرية الحلوات بمحافظة الشرقية. 1955 أول ظهور لعبدالحليم على شاشة السينما بفيلم «لحن الوفاء». 1956 إصابة عبدالحليم بأول أزمة صحية. 1969 آخر أفلام عبدالحليم «أبى فوق الشجرة». 1971 نجاح أسطورى لأغنية «موعود». 1973 عودة الوفاق بين حليم والموجى بقصيدتى «رسالة من تحت الماء»، و«يا مالكاً قلبى». 1970 آخر أغنية وطنية لعبدالحليم فى حفل زفاف جيهان ابنة الرئيس السادات. 30 مارس 1977 وفاة عبدالحليم بمستشفى كينجر كولدج بلندن.