حبو «حليم» يعلمون أن للشجن أصوله وقواعده؛ فهو دائماً أبداً مثمر ونبيل؛ يخطو بك عبر المستحيل مخترقاً حواجز الزمان مستدعياً من تحب لتعيش معه اللحظة التى يريد أن يشاركك إياها.. وأنا أمارس هذا الشجن النبيل واستدعى دائماً صوت «حليم» لأكتب على حنجرته كما هو المعتاد ذكرياتى.. ولكن الأجمل كتابة تاريخ مصر كما اعتدنا دائماً منذ ثورة يوليو 52 على حنجرته.. والحمد لله زالت الغُمة وتم إنقاذ «حليم» من السكتة الصوتية التى أصيب بها إبان الغزو الإخوانى لمصر، فقد كنت أسمعه منتحباً مع تولى المعزول يغنى «عدى النهار» وكأنه يرى أننا نعيش نكسة سنة 1967 وهى واحدة من أبرز أغانى عبدالحليم من كلمات عبدالرحمن الأبنودى وألحان بليغ حمدى، بل وها هو يعود من جديد ليشدو معنا أمجادنا إن شاء الله التى نكتبها الآن؛ لذلك لم أصب بدهشة من الصورة السيلفى التى تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعى لحليم مع فنانى الزمن الجميل، فهذا تأكيد أن حليم دائماً الغائب الحاضر، ولو قدر لحليم التواجد فى هذه الأيام لكان مرابطاً فى الاستوديو كأحد جنودنا على الحدود مدافعاً عن مصر بصوته ضد الإرهاب، ولخرجت نغماته سهاماً مصوبة إلى نحور كل من أراد بأرض الكنانة سوءاً.. وإذا كان العندليب قد شدا بأنشودة «العهد الجديد» سنة 1952 وهو أول نشيد وطنى غناه عبدالحليم حافظ فى حياته، من كلمات محمود عبدالحى وألحان عبدالحميد توفيق زكى، وقد غناها حليم بعد قيام ثورة 23 يوليو، فإننا نسمعها مع قيام ثورة 30 يونية التى تخلصنا منها من غبن وظلم الجماعة الإرهابية للوطن.. وإذا كان حليم قد تغنى «إحنا الشعب» كأول أغنية يغنيها عبدالحليم للرئيس جمال عبدالناصر بعد اختياره شعبياً، لأن يكون رئيساً للجمهورية سنة 1956 وهى أول لقاء فنى بين الثلاثى عبدالحليم والملحن كمال الطويل والشاعر صلاح جاهين، فالآن نحن نغنيها للرئيس السيسى الذى كان اختياره اختياراً شعبياً وترشحه بناء على تلبية لإرادة جموع الشعب التى رأت فيه المخلص والقادر على بعث روح التحدى المصرى للتغلب على كل الصعاب التى أمامنا بإذن الله، ولو كان محمد عبدالوهاب موجوداً إبان محاربتنا الإرهاب الإخوانى الخسيس الذى دفع فيه أولادنا من الجيش والشرطة أرواحهم لتخلصينا منه، لرشح لنا أول تعاون له مع عبدالحليم فى مجال الأغانى الوطنية سنة 1956، وذلك مع أغنية «الله يا بلدنا» والتى تغنى بها عبدالحليم بعد العدوان الثلاثى، فصوت حليم يصدح الآن مردداً: الله يا بلادنا الله على جيشك والشعب معاه فى جهادك قوة وسلامك غنوة يا بلادنا الحلوة نفسى اديكى المجد علاه........ الله يا بلادنا بسلاحنا وعزيمتنا الحامية ماقدرش الغاصب يغلبنا ده كفاحنا لمبادئ سامية........ حالفين نحميها بقلوبنا وعلمنا الغالى........ فى مكانه العالي لو قال يا رجالى هنقدم أرواحنا فداه........ الله يا بلادنا أساطيل وجيوش الأشرار حاربتنا بغدر ووحشية هزمتها أيادى الأحرار بسلاح الثورة الشعبية والحق تملى هو اللى يعلى.. هو اللى يخليى هو باللى رماه........ الله يا بلادنا ح نعيش من أول وجديد والنصر ينور أعيادنا ونحيى روح كل شهيد بترفرف على أرض بلادنا وأيدينا قوية تحمى الحرية فى بلاد عربية........ وتصون السلم وترعاه........ الله يا بلادنا دايماً حنبص قدامنا والماضى مش راح ننساه الماضى كتب مستقبلنا بالدم........ وادينا بنقراه راح نبنى بلادنا ونربى ولادنا على درس جهادنا ونعيش وياهم فى حماة الله يا بلادنا وبعد كل لحظة غدر عشناها ودم شهيد سال على أرض مصر ومع كل يتيم فقد أباه البطل رددنا «ابنك يقولك يا بطل» من كلمات عبدالرحمن الأبنودى، وألحان كمال الطويل... وكلنا سمعنا «البندقية اتكلمت» التى غناها سنة 1968، من كلمات عبدالرحمن الأبنودى وألحان بليغ حمدى، مع كل طلقة رصاص من جندى مصرى مرابط على الحدود وأثناء مداهمة أوكار الإرهاب فى سيناء.. ولأن حليم كان من أوائل الناس الذين يعلمون قيمة الفن فى توصيل كلمتنا وقضيتنا للعالم الغربى لذلك قدم أغنية المسيح فى قاعة ألبرت هول فى مدينة لندن أمام أكثر من 8 آلاف متفرج بعد حرب 1967 وتبرع بأجره لصالح المجهود الحربى كتب كلماتها الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودى ولحنها بليغ حمدى ووزع موسيقاها على إسماعيل، وإذا كان بيننا إبان حادثة «شارلى إبدو» والتى استغلتها الصهيونية شر استغلال لذهب إلى باريس وأعاد الكرة من جديد.. وفى مؤتمر مصر الاقتصادى وهذا الدعم العربى المبهر كان سيغنى حليم «نشيد الوطن الأكبر» الذى شارك فيها كوكبة من نجوم العالم العربى سنة 1960 من كلمات أحمد شفيق كامل وألحان محمد عبدالوهاب، وبالطبع كان سيأخذ صورة سيلفى مع الرئيس مردداً «صورة» التى غناها فى عيد الثورة فى 23 يوليو 1963، من كلمات صلاح جاهين وألحان كمال الطويل، فكلنا عايزين صورة للشعب الفرحان تحت الراية المنصورة.. وبالطبع كان سيسبق هذا مشاركته مصر فى حفل بدء حفر قناة السويس الجديدة بأغنية «حكاية شعب»التى غناها سنة 1960 من كلمات أحمد شفيق كامل وألحان كمال الطويل، وذلك فيحفل أضواء المدينة الذى أقيم بمدينة أسوان للاحتفال بوضع حجر الأساس ببناء السد العالى.. أما إذا التقى الرئيس «السيسى» فى لقاءاته مع الفنانين فكان سيقدم «مطالب شعب» التى غناها بمناسبة العيد العاشر للثورة 23 يوليو 1962، من كلمات أحمد شفيق كامل وألحان كمال الطويل وتوزيع على إسماعيل. ومع بدء عمليات «عاصفة الحزم».. تلك الضربة الاستباقية العظيمة لوقف المؤامرة الأمريكية الإيرانية الصهيونية ضد الأمة العربية، وتكوين قوة الدفاع العربى المشترك وانعقاد مؤتمر القمة العربية فى شرم الشيخ الذى نأمل أن يكون منبراً لوحدة الصف العربى أسمع حليم بكل حماس مردداً «احلف بسماها» التى غناها سنة 1967 والتى وعد عبدالحليم أن يغنيها فى كل حفلاته إلى أن تتحرر أرض مصر فى سيناء، من كلمات عبدالرحمن الأبنودى وألحان كمال الطويل، ونحن نغنيها معه الآن: أحلف بسماها وبترابها أحلف بدروبها وأبوابها أحلف بالقمح وبالمصنع أحلف بالمدنية وبالمدفع بأولادى بأيامى الجاية ما تغيب الشمس العربية طول ما أنا عايش فوق الدنيا . ومع كل عقبة نعديها مع قيادتنا يغنى حليم «عاش اللى قال» أول أغنية غناها عبدالحليم بعد نصر أكتوبر 1973 من كلمات محمد حمزة وألحان بليغ حمدى، وكانت أول أغنية أشاد فيها بدور الرئيس محمد أنور السادات فى انتصار مصرالعظيم، وهى تعبير صادق لخطواتنا الآن.. وقريباً سنسمع حليم يصبح على سيناء بعد القضاء على آخر بؤرة إرهابية؛ كما كان الموعد مع آخر عمل بين عبدالحليم وكمال الطويل مع أغنية «صباح الخير يا سينا» سنة 1974.. وبمشيئة الله فى أغسطس المقبل ستتزين مصر وقناة السويس وسيغنى حليم للقناة الجديدة «النجمة مالت على القمر» كما غناها فى 1975، من كلمات محسن الخياط وألحان محمد الموجى، ولن ينسى أيضاً غناء «المركبة عدت» من كلمات مصطفى الضمرانى وألحان محمد عبدالوهاب فنحن أيضاً سنفتتح قناة السويس الجديدة للملاحة العالمية.. وتحيا مصر وتعيش يا صوت حليم.