رأت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أن الرئيس المصري الجديد الدكتور "محمد مرسي" قد مر برحلة شاقة حتى الوصول إلى كرسي الرئاسة، مشيرة إلى أن "مرسي" الذي كان ناشطاً عنيداً ضد نظام "مبارك"، والذي قضى سنوات من عمره في غيابات السجون، وخاض الانتخابات تحت شعار "الإسلام هو الحل"، صار اعتباراً من اليوم رئيس مصر الجديد، متوقعة أن تجد إسرائيل قيادة مصرية مختلفة في حال التصعيد مع حماس. وأشارت الصحيفة إلى أن "مرسي" وعد في الماضي بأنه سيحترم الاتفاقات الدولية، إلا أنها توقعت أن يطالب الرئيس المنتخب بإدخال بعض التعديلات على اتفاقية السلام مع إسرائيل. وأضافت الصحيفة أنه من الصعب القول بأن مواطني مصر اختاروا "مرسي" بسبب شخصيته المتسمة بالحضور الطاغي أو لأنه يستحق المنصب لانتمائه لجماعة الإخوان المسلمين التي تعد القوة الأكثر تنظيماً في مصر بعد الثورة، والتي استطاعت حشد الناخبين أفضل من أي حركة أخرى. وأسردت الصحيفة الإسرائيلية السيرة الذاتية للرئيس "محمد مرسي"، مشيرة إلى أنه أدى خدمته العسكرية في عقد السبعينيات كجندي بالجيش المصري في سلاح الحرب الكميائية، وعددت أنشطته ضد نظام "حسني مبارك"، والتي أدت إلى اعتقاله العديد من المرات، فضلاً عن موقفه الحاسم حين أعلن تزوير الانتخابات البرلمانية في عام 2005 وترؤسه للمظاهرات الداعية لاستقلالية القضاء، مؤكدة أن "مرسي" ذاته لم ينجح في انتخابات 2005 بسبب التزوير. وتابعت الصحيفة الإسرائيلية أن "مرسي" تم اعتقاله مرة أخرى في مايو 2006 مع 500 عضو آخر بحركة الإخوان المسلمين، حيث وضع خلف القضبان لمدة سبعة أشهر، وأنه اعتقل مرة أخرى من ميدان التحرير في يوم 28 يناير من العام الماضي. وأردفت الصحيفة أن "مرسي" معارض شرس منذ كونه نائباً بالبرلمان، وأنه قدم العديد من الاستجوابات بمجلس الشعب وحاول كثيراً تحميل الحكومة مسئولية الكوارث والأداء الفاشل في العديد من الموضوعات. ولفتت الصحيفة إلى أن "مرسي" كان عضواً في العديد من المنظمات المصرية المعارضة لدولة إسرائيل، منها "اللجنة المصرية لمعارضة المشروع الصهيوني"، إلا أن الدكتور مرسي – بحسب الصحيفة - بدا منذ بداية الحملة الانتخابية حذراً ويبتعد عن إطلاق تصريحات متطرفة ضد إسرائيل، وأنه منذ طرحه كمرشح للرئاسة أعلن أكثر من مرة أن مصر تحت قيادته ستحترم الاتفاقات الدولية بما فيها اتفاقية السلام مع إسرائيل. وتشككت الصحيفة الإسرائيلية في نوايا الرئيس الجديد، مؤكدة أنه رغم حذر "مرسي" فيما يتعلق بإسرائيل، إلا أنه لا شك أن الحديث لا يدور عن أحد أحباء صهيون، مشيراً إلى أن "مرسي" أعرب عن فرحته الشديدة بالصفر الذي حصل عليه في تصويت المصريين بإسرائيل. ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن البروفسور الإسرائيلي "يورام ميتال"، المتخصص في شئون مصر بجامعة بن جوريون، قوله إن "مرسي" سيحاول قيادة مسيرتين كبيرتين، أولهما هي حشد المزيد من المؤيدين من غير الإسلاميين، والثانية هي منع المجلس العسكري من تقييد صلاحياته. وأضاف "ميتال" أن "مرسي هو رجل محافظ للغاية، وهكذا تراه أيضاً حركة الإخوان المسلمين التي ينضوي تحت لوائها أيضاً المحافظين والإصلاحيين"، مشيراً إلى أن "مرسي" سيكون محافظاً فيما يتعلق بالموضوعات الاجتماعية والثقافية والدينية لأنه يريد أن يرى مجتمعاً دينياً ومحافظاً بمصر، أما في الموضوعات السياسية والحزبية والاتصالات مع المخابرات والجيش سيكون "مرسي" براجماتياً ومستعداً للحوار مع الجميع. وأضاف "ميتال" أن "مرسي" كان بمكتب إرشاد الإخوان المسلمين، وكان أيضاً المسئول عن الاتصالات مع الأجهزة الأمنية التي اعتقلت الكثير من أتباع الحركة، مشيراً إلى أن "مرسي" يعرف الولاياتالمتحدة جيداً بحكم دراسته وعمله فيها. وزعم "ميتال" أن "مرسي" فيما يتعلق بإسرائيل سيواجه أزمة شديدة، مرجعاً السبب في ذلك إلى التوتر الشديد بين البرنامج الأيديولوجي والبلاغي المعادي للإخوان المسلمين ضد إسرائيل وبين الحاجة لأن يكون براجماتياً بعد صعوده إلى سدة الحكم، مشيراً إلى أن شخص مثل "مرسي" يتسم بالبراجماتية يمكنه المناورة. ويرجح "ميتال" بأن "مرسي" سيطالب على الأقل بإعادة مناقشة بعض الأجزاء في اتفاقية السلام مع إسرائيل، وعلى رأسها مسألة نزع سيناء من السلاح، مشيراً إلى أن "مرسي" عندما كان نائباً بالبرلمان كان نشطاً فيما يتعلق بالشأن الفلسطيني، وبالتالي من المنطقي الافتراض بأنه سيطالب باتخاذ خطوات حقيقية تجاه قطاع عزة وفتح معبر رفح . وأضاف "ميتال" أن السؤال الأهم هو كيف سيتصرف "مرسي" في حال التصعيد بين إسرائيل وحماس المنبثقة عن الإخوان المسلمين في مصر؟ متوقعاً أن إسرائيل في هذا المقام ستجد قيادة مصرية مختلفة.