داخلية غزة: إسرائيل تسعى لنشر الفوضى وزعزعة الاستقرار الداخلي    الكرملين: يجب تذكير الولايات المتحدة بأنها الدولة الوحيدة التي استخدمت السلاح النووي    مصرع أب وإصابة نجله في تصادم سيارة ربع نقل مع دراجة نارية بالفيوم    انطلاق مهرجان ليالي مراسي 1 يوليو.. بهاء سلطان ورامي صبري في الافتتاح ونانسي وحكيم بالختام    إسرائيل اليوم: نتنياهو اتفق مع ترامب على إنهاء الحرب في غزة خلال أسبوعين    الحرس الثوري الإيراني: أمريكا تدخلت في الحرب لإنقاذ الجنود الإسرائيلي «المساكين»    رئيس المصري يضع خارطة الطريق للنهوض والارتقاء المستقبلي    مشاهدة مباراة مصر والبرتغال بث مباشر في كأس العالم للشباب لكرة اليد    «شيمي» يبحث تعزيز العلاقات الاقتصادية مع وزير الاستثمار المغربي (تفاصيل)    أسلاك الكهرباء تتسبب بإشعال النيران في سيارة تحمل كتان بالغربية    إزالة حالتي تعدٍ لمزارع سمكية شمال سهل الحسينية على مساحة 42 فدانا جنوب بورسعيد    محمد رمضان يحيي حفلا بالساحل الشمالي يوليو المقبل    «التأمين الشامل» تستعرض تجربة مصر في تحقيق الاستدامة المالية ضمن «صحة أفريقيا 2025»    وزير الخارجية ونظيره البولندي يعربان عن تطلعهما لترفيع مستوى العلاقات بين البلدين    فيفبرو يطالب فيفا بإعادة النظر فى مواعيد مباريات كأس العالم الأندية    بعد 16 عامًا من الانتظار..توجيهات عاجلة من محافظ الأقصر بتسليم مشروع الإسكان الاجتماعي بالطود    محافظ الجيزة: مشروعات حيوية لرفع كفاءة البنية التحتية وتحسين جودة الخدمات    رونالدو عن تجديد عقده مع النصر: نبدأ فصلا جديدا    انطلاق اختبارات المقاولون العرب الخارجية من نجريج مسقط رأس محمد صلاح    اعتماد الحدود الإدارية النهائية للمنيا مع المحافظات المجاورة    10 فئات محرومة من إجازة رأس السنة الهجرية (تعرف عليها)    الباركود كشفها.. التحقيق مع طالبة ثانوية عامة بالأقصر بعد تسريبها امتحان الفيزياء    ارتفاع شديد في درجات الحرارة.. طقس المنيا ومحافظات شمال الصعيد غدًا الجمعة 27 يونيو    ب4 ملايين جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية ل«مافيا تجارة الدولار» خلال 24 ساعة    رئيس جامعة حلوان يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بحلول العام الهجري الجديد    «الأعلى للثقافة» يوصي بإنشاء «مجلس قومي للوعي بالقانون»    ب «حلق» ونظارة شمسية.. عمرو دياب يثير الجدل ببوستر «ابتدينا» ولوك جريء    «الحظ يحالفك».. توقعات برج القوس في الأسبوع الأخير من يونيو 2025    «الأعلى للآثار»: تنظيم معرض «مصر القديمة تكشف عن نفسها» بالصين نوفمبر المقبل    تسليم 16 عقد عمل لذوي الهمم بالقاهرة    خلال مؤتمر «صحة أفريقيا».. إطلاق أول تطبيق ذكي إقليميًا ودوليًا لتحديد أولويات التجهيزات الطبية بالمستشفيات    فحص 829 مترددا خلال قافلة طبية مجانية بقرية التحرير في المنيا    السبت المقبل .. المنيا تحتفل باليوم العالمي للتبرع بالدم 2025    شاهد.. أرتفاع إيرادات فيلم "ريستارت" أمس    الخارجية الفلسطينية: عجز المجتمع الدولي عن وقف "حرب الإبادة" في قطاع غزة غير مبرر    ميرتس: الاتحاد الأوروبي يواجه أسابيع وأشهر حاسمة مع اقتراب الموعد النهائي لفرض الرسوم الجمركية    أمانة العمال المركزية ب"مستقبل وطن" تختتم البرنامج التدريبي الأول حول "إدارة الحملات الانتخابية"    محافظ الجيزة يتفقد مستشفى الحوامدية للوقوف على جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين    أفضل وصفات العصائر الطبيعية المنعشة لفصل الصيف    نساء الهجرة.. بطولات في الظل دعمت مشروعًا غيّر وجه التاريخ    ألونسو ردًا على لابورتا: نشعر في ريال مدريد بالحرية    محافظ أسوان يشهد الاحتفال بالعام الهجري الجديد بمسجد النصر    وزير الري يتابع إجراءات رقمنة أعمال قطاع المياه الجوفية وتسهيل إجراءات إصدار التراخيص    جهات التحقيق تأمر بتفريغ الكاميرات فى اتهام مها الصغير أحمد السقا بالتعدى عليها    وفاة والدة الدكتور محمد القرش المتحدث الرسمي لوزارة الزراعة وتشييع الجنازة في كفر الشيخ    أندية البرازيل مفاجأة مونديال 2025    عصمت يبحث إنشاء مصنع لبطاريات تخزين الطاقة والأنظمة الكهربائية في مصر    انتصار السيسي تهنئ المصريين والأمة الإسلامية بمناسبة رأس السنة الهجرية    تهنئة السنة الهجرية 1447.. أجمل العبارات للأهل والأصدقاء والزملاء (ارسلها الآن)    زيادة جديدة فى المعاشات بنسبة 15% بدءًا من يوليو 2025.. الفئات المستفيدة    جهات التحقيق تستعلم عن الحالة الصحية لعامل وزوجة عمه فى بولاق    بعد رحيله عن الزمالك.. حمزة المثلوثي يحسم وجهته المقبلة    بنتايج خارج القائمة الأولى للزمالك بسبب العقود الجديدة    نور عمرو دياب لوالدها بعد جدل العرض الخاص ل"فى عز الضهر": بحبك    إخلاء محيط لجان الثانوية العامة بالطالبية من أولياء الأمور قبل بدء امتحاني الفيزياء والتاريخ    هل الزواج العرفي حلال.. أمين الفتوى يوضح    بمناسبة العام الهجري الجديد.. دروس وعبر من الهجرة النبوية    دار الإفتاء تعلن اليوم الخميس هو أول أيام شهر المحرّم وبداية العام الهجري الجديد 1447    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عماد أبو غازى وزير الثقافة الأسبق يتحدث ل «الوفد»:
فرض الثقافة الواحدة ينتهى بثورة.. ويصنع الفرعون
نشر في الوفد يوم 22 - 06 - 2012

عمل مع فاروق حسنى 11 عاماً، وعندما أصبح وزيراً بعد ثورة (25 يناير) لم يتردد لحظة فى تقديم استقالته من منصبه احتجاجاً على نزول قوات الأمن إلى ميدان التحرير لقمع المتظاهرين يوم 19 نوفمبر 2011.
وبتلك الروح الثورية كان عماد أبو غازى وزير الثقافة الأسبق صريحاً فى حواره ل «الوفد» عندما اعترف بأنه اضطر إلى إبطال صوته فى انتخابات الرئاسة اعتراضاً على الواقع وتعبيراً عن عدم رضاه لما أفرزته الجولة الأولى.
ومع أن «أبو غازى» وصف برلمان الثورة ب «الكارثى» إلا أنه يعتبر حل البرلمان ومنح الضبطية القضائية للشرطة العسكرية انقلاباً على الشرعية والديمقراطية وإرادة الشعب.
ولأنه عاش الثورة بكل معطياتها ورصد كل ما نصب للثوار من أفخاخ يرى أن الثوار أخطأوا بالبقاء فى الميدان والانشغال بالفيس بوك والظهور فى الفضائيات ولم يؤسسوا لهم حزبًا ثورياً، وسقطوا فى مصيدة الائتلافات والتحالفات، ولأنه مؤمن بأن الثقافة الأحادية تصنع الفرعون وتهدم مؤسسات الدولة، يتبنى أبو غازى ثقافة التعدد والتنوع واللامركزية، ولكنه عانى فى سبيل تحقيق ذلك كثيراً من التفتت صنعه جهاز بيروقراطى عقيم حال دون تحقيق ما أطلق عليه «مفرطة الثقافة والإدارة».. وإلى حديث الوزير الذى يؤكد بحكم ثقافته وخبرته أن جماعات الإسلام السياسى تهدد حرية العامة بما تحمله من عنف، مشدداً فى الوقت نفسه على أن نظرية تقديس الحاكم انتهت إلى الأبد من قاموس المصريين.
قلت سابقاً: «إن أغلب ثورات المصريين لم تكتمل ومخطوفة» فهل ثورة 25 يناير اختطف أيضاً أم مازال هناك أمل؟
- أنا دائما متفائل ولا يتسرب اليأس إلى نفسى واللحظة الراهنة وما بها من أحداث تشعر الجميع بأن الثورة سرقت أو اختطفت خاصة عندما ينحصر التنافس بين النظام القديم، الحزب الوطنى والإخوان المسلمين، فالصورة قاتمة، وهناك كثيرون غيرى حذروا من اختطاف الثورة، ومنهم الكاتب حلمى النمنم الذى كتب مقالا تحدث فيه عن ثورات مصرية مشابهة منها: الثورة العرابية التى سرقت بسبب أخطاء الثوار، فالثورة حركة فى مواجهة خصم ولو أخطأت سأعطى له الفرصة للقيام بثورة مضادة، وتاريخ الثورات فى العالم كله يشير إلى أن الثورات لا تسير فى اتجاه واحد بل تكون دائماً فى حالة صعود وهبوط وتتعرض لانتصار وانكسار، ولكن علينا أن ندرك أن هناك أشياءً كثيرة تغيرت فى مصر منها حاجز الخوف الذى انكسر ولا يمكن إصلاحه ولا حتى بمنح العسكر الضبطية القضائية، فالناس لم تعد تخشى الموت، والشعب لن يتراجع للوراء، وقد انتهت إلى الأبد نظرية تقديس الحاكم ولا يمكن لأى حاكم أن يفعل ما كان يفعله عبدالناصر أو السادات أو مبارك، فالمرحلة الماضية شهدت تراجعا ملحوظا فى شعبية الإسلام السياسى واكتشف الناس زيف كلامهم وبالتالى اختلفت التوجهات، كما أن المرشحين اللذين دخلا الإعادة لم يحصلا على 50% من أصوات الناخبين فى مصر وهى رسالة مقاطعة وجهها الشعب ومع أننى لا أؤيد فكرة المقاطعة إلا أننى نزلت فى جولة الإعادة وأبطلت صوتى لأن الإبطال رسالة ولأن ضميرى لم يطاوعنى أن أعطى هذا ولا ذاك وعدم ثقتى فيما يحدث دفعنى إلى الذهاب وعدم ترك بطاقة الانتخاب بيضاء حتى لا يستغل صوتى.
تقول إن الثورات تخطف عندما يخطئ الثوار، فهل أخطأ ثوار 25 يناير؟
- لا يمكن أن ننكر أن ما فعله هذا الجيل من الشباب لأنهم فعلوا ما لم يفعله جيلى وجيل آبائى وأجدادى، ونجحوا فى تحقيق حلم 3 أجيال، وأن كنا نحن من حرثنا الأرض لهم وأرى أن الثورة كانت ناقصة من البداية ووقعت فى أخطاء مثل أى ثورة والبعض يعتقد أن الثوار أخطأوا عندما تركوا الميدان ولكنى أرى أنه كان يجب ألا يكتفى الثوار بالجلوس فى الميدان أو التواصل على الفيس بوك أو الظهور فى الفضائيات بل كان عليهم النزول للانتشار فى القرى والمدن وأماكن عملهم وخلق تيار وحركة جديدة، كذلك الثورة لم تؤسس حزبها على خلاف النخب السياسية القديمة التى أنشأت أحزابا كالديمقراطى الاجتماعى والمصريين الأحرار والتحالف الاشتراكى الشعبى ولكن أحزاب الثورة قليلة وضعيفة كما أن هناك فخاً تم نصبه للشباب وهو التقسيم فلدينا عشرات الائتلافات والتحالفات دون برامج واضحة، ومرحلة ما بعد الثورة شهدت العديد من الفوضى خاصة فى عهد حكومة عصام شرف كالمظاهرات الفئوية التى كان بعضها حقيقيا ولكن أغلبها كان مفتعلا ويدفع دفعا من عناصر موالية للنظام السابق كالنقابات العمالية التى تتبع اتحاد عمال الحزب الوطنى؛ لإعاقة عمل الحكومة، وكان يجب الضغط فى اتجاه تغيير البنية التشريعية إلى بنية تحترم الحريات وحقوق الإنسان، ولا ننكر خروج قانون الأحزاب وقانون مباشرة الحقوق السياسية، ولكن كان لابد من الضغط فى اتجاه قانون جمعيات أهلية ومؤسسات خاصة، فنحن نواجه كارثة وهو قانون حرية تداول المعلومات وكان لابد من الضغط على المجلس العسكرى والحكومة لاصداره وكذلك قانون حرية العمل النقابى الذى اعدته حكومة عصام شرف ولم يصدر الى الآن ويبدو أنه لن يصدر الا بحركة عمالية قوية تتبناه وكان لابد من الضغط لإنهاء المحاكمات العسكرية، وهناك العديد من الفخاخ نصبت للثوار مثل: حادث البالون كنت وزيراً وقتها ولأن المكان يتبع وزارة الثقافة رأيت كيف سارت الأمور فيه وكيف كان فخا لدفع الناس لمهاجمة وزارة الداخلية من أجل شيطنة الثورة وتشويهها، وكذلك أحداث السفارة الاسرائيلية، وكان يعتقد من يخطط لذلك أنها ستؤتى نتائج سريعة ولكن لم يحدث.
هل ما فعله المجلس العسكرى يعتبر انقلاباً عسكرياً ناعماً؟
- أنا ارى ان المخاطر الحقيقية فى فى الفترة الراهنة تكمن فى البرلمان المنتخب وقرار وزير العدل بمنح الضبطية القضائية للشرطة العسكرية والمخابرات الحربية، فهو انقلاب على الشرعية والديمقراطية وإرادة الشعب رغم ان لدى مليون تحفظ على مجلس الشعب الكارثى ولكنه أتى بإرادة الناس، والمشكلة الأخطر التى أدت الى هذه النتائج هو المسار المقلوب الذى بدأنا به من البداية أقصد اللجنة التى وضعت كل هذه التعديلات المشوهة والتى قادتنا إلى أن نبدأ بانتخابات أولا ثم دستور وكان المنطقى إعداد مشروع دستور جديد ثم تأتى الانتخابات حسب شكل النظام الموجود فى الدستور.
هل حققت التصور الذى كان فى ذهنك عندما توليت الوزارة؟
- نجحت فى تحقيق بعض هذا التصور، فالفكرة المحورية فى تصورى كانت فكرة ديمقراطية الثقافة أو مقرطة الثقافة وهو ما حاولت تحقيقه طوال شهور منصبى فى الوزارة، ومفهوم ديمقراطية الثقافة فى تصور يقوم على مجموعة عناصر أولها التوزيع العادل للخدمة الثقافية على مستوى المجتمع ونحن فى مصر لدينا مشكلة كبرى هى المركزية المفرطة وهى تأتى لصالح العاصمة هذا الرأس المتضخم وعلى حساب الأطراف المنتجة والفاعلة فى المجتمع كالريف وقد حاولت تفكيك هذه المركزية ولكن الوقت لم يسعفنى لأن الأمر يتطلب وقتا كى نواجه أكثر من 200 سنة مركزية، هذه المركزية موجودة فى كل القطاعات وليس فى الثقافة فقط، أما العنصر الثانى فهو الاعتراف بالتنوع الثقافى داخل المجتمع، والحضارة المصرية قامت منذ آلاف السنين على فكرة قبول التنوع والتعددية وليس نمطاً واحداً، وعندما حاول إخناتون فرض ثقافة واحدة انتهى الأمر بثورة أطاحت به وبعاصمته وأزالته وتحول إلى فرعون مارق وحدث انهيار فى مؤسسات الدولة أعقبه انقلاب عسكرى قام به حور محب أدى إلى قتل روح الحضارة المصرية بقيام التحالف الشرير بين الكاهن والقائد والبيروقراطى أو الموظف وهو ما أهدر الطبيعة المدنية للحضارة المصرية، وخلال السنوات الماضية حدثت عملية تهميش للثقافات الفرعية فى المجتمع كالثقافة النوبية والسيناوية وثقافة الواحات وسيوة والصعيد وبحرى وكان لابد من مساحة للتعبير لكل الأطياف الثقافية فى المجتمع، أما الركن الثالث فى ديمقراطية العمل الثقافى فهو حرية التعبير والإبداع، وهذا التصور كنت أتبناه منذ أن كنت أمينا عاما للمجلس الأعلى للثقافة ومن سوء الحظ أن الرقابة على المصنفات الفنية تابعة للمجلس الأعلى للثقافة، وأنا كان لدى تصور أن يقوم الجهاز الرقابى بوظيفتين حماية حقوق الملكية الفكرية والتحديث العمرى والمجالى لعمليات العروض السينمائية والمسرحية بمعنى تحديد الفئة العمرية التى تشاهد هذا العمل وليس مجرد حذف مشاهد وهذا تصور لا أستطيع فرضه على المجتمع وطرحته للنقاش، وظهر مؤيدون ومعارضون، أما الركن الأخير فهو ديمقراطية الإدارة بمعنى ألا تدير مؤسسات العمل الثقافى إدارة فردية، وكانت وزارة الثقافة تتميز بميزة عن غيرها فى عهد فاروق حسنى حيث فوض رؤساء الهيئات والمجالس بسلطات الوزير كل فى مجاله وبالتالى لم يكن هناك مركزية ودائما كان يقول عندى 16 وزيراً فى الوزارة، وعندما توليت الوزارة قررت تشكيل مجالس إدارة من غير العاملين بالهيئات والمؤسسات بل من المثقفين والمبدعين والكتاب وبالفعل تم عمل مجالس إدارة لكافة الهيئات والقطاعات والمتاحف وهذه المجالس كانت تضع خطة العمل بمعنى إدارة جماعية للعمل الثقافى وفى الوقت نفسه الانفتاح على منظمات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية وفتح كافة المواقع الثقافية التابعة للوزارة أمام أى نشاط أهلى أو مجموعات هواه أو حتى نشاط حزبى وقد استضافت قصور الثقافة لنشاط مسرحى قدمه حزب الحرية والعدالة أو شباب الإخوان أو شباب من الأحزاب اليسارية باعتبار أن هذه الأماكن ليست حكرا على فرق وزارة الثقافة وإنما تديرها الوزارة لصالح المجتمع بكل فئاته وطوائفه، أما التصور الثانى فكان الخروج بالفن والإبداع إلى الشارع، ووزارة الثقافة قامت بذلك من خلال تجربة قوافل الثورة الثقافية، ومن خلال تجربة المسرح فى الشارع، وحاولت تقديم أعمال فنية وأنشطة فى الحدائق والأماكن المفتوحة ومراكز الشباب ليصل الفن والابداع للجميع، وللحق هناك سبق لابد أن يسجل لائتلاف الثقافة المستقلة الذى بدأ تجربة مهمة بعيدا عن وزارة الثقافة وهى تجربة «الفن ميدان» التى بدأت بعد الثورة واستمرت حتى الآن وتكون يوم السبت الأول من كل شهر فى عدد من الميادين بمدن مختلفة وأنا أعتبرها أهم الظواهر الثقافية المرتبطة بالثورة.
أشعر فى كلامك برضا عن فترة فاروق حسنى.. وقد قيل إنك ذراعه اليمنى.. فكيف ترى تلك الفترة؟
- أى مسئول لا يمكن أن ينال رضا كل الناس، ولو كان لدى اعتراضات جوهرية على فاروق حسنى لما عملت معه 11 سنة، وأنا لم أكن موظفا فى وزارة الثقافة بل كنت مدرسا فى الجامعة، والزمن كفيل بكشف الحقائق وسيعلن سلبيات فاروق حسنى وإيجابياته وأنا أرى انه قدم الكثير للثقافة المصرية، وربما فى حالة الغضب الذى أعقب الثورة وجهت له انتقادات كثيرة ولكن سأذكر مشروعاً واحداً قدمه وهو إنقاذ شارع المعز من الدمار، وهو شارع يحوى مجموعة من أهم آثار مصر الإسلامية، وفى رأيى لا يقل أهمية عن إنقاذ آثار النوبة، وتحول الشارع إلى متحف مفتوح، ولا ننسى المشروع القومى للترجمة وهناك مشاريع أخرى مهمة حدثت فى عهد فاروق حسنى الذى كان وزيرا فى عهد نظام مبارك الذى تميز بحجم فساد غير مسبوق فى التاريخ المصرى. وأنا لم أكن الذراع اليمنى للفنان فاروق حسنى لكنى كنت أحد العاملين فى الوزارة وأعتز بهذه الفترة من حياتى وأرى أن وزارة الثقافة كان بها تعدد وتنوع لم يكن موجودا فى أى وزارة اخرى، كما أننى أرى أن المثقف لا يجب أن يكون فى حالة عداء دائم مع السلطة، إذا كان عندى مشروع أسعى لأنفذه، ولكن لو شعرت للحظة أن هناك ما يقيد حريتى فى المنصب الذى أتولاه فسأتركه فورا بلا تردد، وأتذكر فى فترة عملى بوزارة الثقافة كان يحدث تدخل فى أنشطتنا حيث كنا نقيم مؤتمرات وندوات وندعو شخصيات سياسية مصرية وعربية معارضة للنظام من الإخوان أو اليساريين وأحيانا كان الأمن يرسل إلينا ملاحظات وتوجيهات وكنا لا نلقى لها بالا ولا يتم الضغط علينا من القيادة وأشهد أن فاروق حسنى لم يطالبنا يوما بالاستجابة لتوجيهات الأمن، وأقول إن الأمن ما كان ليفرض رأيه فى كافة المؤسسات إلا بخضوع المسئولين.
والدك بدر الدين أبوغازى كان وزيرا للثقافة فى عهد السادات وأقيل بعد 6 شهور وأنت كنت وزيرا للثقافة بعد ثورة 25 يناير وقدمت استقالتك بعد 8 شهور.. فهل هناك تشابه بين الحقبتين؟ وما أسباب استقالتك؟
- والدى أقيل لأنه طُلب منه تسليم منزل محمد محمود خليل إلى رئاسة الجمهورية أثناء حكم الرئيس الراحل أنور السادات وكانت وصية صاحب المنزل وزوجته تحويله إلى متحف للشعب ورأى والدى أنه لا يجوز أن يُضم لمنزل الرئيس السادات ولابد من تنفيذ الوصية فتمت إقالته فى أول تعديل وزارى بعدها بأسابيع، أما أنا فقدمت استقالتى احتجاجا على العنف ضد المتظاهرين فى التحرير يومى 19 و20 نوفمبر 2011 وقد كان اتجاه الحكومة بالكامل هو تقديم استقالتها للمجلس العسكرى وإذا رفضت كان هناك مجموعة من المطالب أولها تشكيل لجنة تحقيق وتعلن نتائجها للناس وليس كما حدث مع لجنة تقصى حقائق ماسبيرو التى لم تعلن نتائجها، وأثناء اجتماعنا لبحث الموقف وتحديد المطالب جاءتنى رسائل على المحمول بأن قوات الشرطة والجيش اقتحمت الميدان وضربت المتظاهرين فقررت تقديم استقالتى منفرداً، وأصررت عليها ولم أحضر اجتماع الحكومة مع المجلس العسكرى وأسرعت إلى ميدان التحرير للتأكد مما يحدث وقدمت استقالتى فى اليوم التالى وشكرت الدكتور عصام شرف وجمعت متعلقاتى من مكتبى وعدت لمنزلى.
قلت إن جماعات الإسلام السياسى تهدد حرية العامة ولديهم تاريخ من العنف لم يعتذروا عنه.. فهل تعتقد أنهم يعترفون بخطئهم حتى يعتذروا؟ وهل تقبل المصالحة؟
- هم لم يعترفوا ولكنهم أعلنوا وقف العنف فى السنوات الأخيرة، ولكن هناك جرائم ينطبق عليها مفهوم الجريمة الجنائية ارتكبت ولابد من الاعتذار عنها هذا هو مفهوم التقبل والمصالحة عندى، وكذلك هذه الجرائم ترتب عليها خروج جماعات أخرى من عباءة الإخوان أكثر عنفا، ويمكن تقبل اعتذار أى شخص، ولدينا تجارب فى جنوب أفريقيا وتجارب فى أمريكا اللاتينية وكلها تجارب هامة فى فكرة المصالحة والعدالة الانتقالية هذه التجارب لابد أن ندرسها ونفهمها ولست أنا من حقى أقبل أو لا أقبل هناك أهالى الشهداء وهناك مصابون هم أصحاب الحق الأول فى قبول أو رفض المصالحة وأرى أن أول شروط المصالحة هى اعتراف المجرم بجريمته حتى ولو كانت غير محددة المعالم فى القانون مثل إفساد الحياة السياسية والمجتمع وبعد الاعتذار عليهم اعتزال الحياة السياسية تماما أى عليهم أن يعترفوا ويعتذروا ويعتزلوا.
هل تأثر أستاذ الجامعة أبو غازى بعد الخروج من الوزارة؟
- أنا لم أغير شيئاً فى حياتى العادية عندما كنت وزيرا ربما زادت مشاغلى وسفرياتى داخل مصر، وكنت أركب المترو وسيارتى ولا أبالغ إذا قلت إننى ركبت المترو فى مهمة رسمية حيث كنت فى طريقى لاحتفال فى الأوبرا وتكدست السيارات فى الشوارع فغادرت سيارة الوزير وأسرعت إلى محطة المترو وأسرع خلفى الحرس وركبنا المترو ووصلت فى الميعاد المحدد. ولكننى استفدت من المنصب معرفة ناس كثيرة فى مختلف المحافظات ما كنت لأعرفهم لولا هذا المنصب وما زلت على اتصال بهم حتى الآن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.