ألقى أسامة هيكل، وزير الإعلام الأسبق ورئيس لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، كلمة فى الندوة التثقيفية عن الوعى فى المجتمع، قال هيكل: سيدى الرئيس تحدثت سيادتكم كثيراً عن قضية الوعى فى المجتمع المصرى وهو الفكر الذى أتفق مع سيادتكم فيه تمام الاتفاق ولا أعتقد أن واعياً مخلصاً يختلف مع هذا الاتفاق، الوعى الحقيقى يكون إدراكاً سليماً للأشياء واتصال دائم بالمتغيرات من حولنا، أما الوعى الزائف يعبر عن أفكار هدامة لا تتفق مع قيم وأخلاق مجتمعنا ولا يهمنا هنا غياب الوعى عن جهل أو خيانة فلست رقيباً على النوايا ولكن النتيجة تكون فى النهاية واحدة ودائماً ما تكون خصماً للأمن القومى للدولة ولدينا عوامل كثيرة تؤثر فى حالة الوعى العامة بالمجتمع ترتبط ببعضها البعض أولها الانفجار السكانى الكبير الذى يهدد موارد الدولة واقتصادها وهو نتيجة لانخفاض مستوى الدعم ومن ناحية أخرى يزيد من حجم المشكلة وهى دائرة مغلقة لا بد من كسرها. والثانى اتساع الفوارق الثقافية بين فئات المجتمع وهو أثر مرتبط بالنمو السكانى وثالثها تفاوت فى ثوابت والقيم فى المجتمع الواحد على عكس ما كنا قبل ثلاثة عقود أو أكثر مشكلات التعليم التى نعرفها جميعا وتراكمت لمدة ثلاثة عقود والتعليم هو الركيزة الأساسية للبلد، وانطلاقاً من هذه العوامل نحدد مؤسسات بناء المجتمع والوعى كما يلى المؤسسات التعليمية بشقيها الجامعى وقبل الجامعى على مستوى التعليم قبل الجامعى 53 ألف مدرسة تضم 21 مليون طالب أكثر من مليون مدرس و24 جامعة حكومية و26 جامعة خاصة و203 معاهد حكومية وخاصة تضم اكثر من 3 ملايين طالب يشرف عليهم 120 ألف عضو هيئة تدريس بخلاف جامعة الأزهر والمعاهد الأزهرية بالفعل منظومة ضخمة للغاية ولا يتصور عاقل ان الكل فيها على مستوى الوعى نفسه ولا يهمنى هل تم حفظ المناهج أم لا ولكن التعليم صناعة كبرى إن لم تنتهِ بمواطن قادر على الفرز والتفرقة بين الصواب والخطأ وقادر على اتخاذ القرار السليم ولديه الوعى الكافى فبالتأكيد ستكون لدينا مشكلة فى المسستقبل. إصلاح التعليم عملية شاقة وصعبة ونتائجها لا تظهر الا بعد سنوات طويلة وبدأنا هذا المشوار الطويل بالفعل، وعلينا ان نثابر لان أى عملية اصلاح فى أى مجال يوجد أمامها مقاومة عنيفة بالفعل والمؤسسات الدينية الأزهر والأوقاف والكنيسة أيضاً يقع على عاتقها مسئولية كبيرة، فمن منا لم يرتبط بالمسجد ولا الكنيسة، فإذا تعلمنا صحيح الدين لن تنشأ لدينا مشكلة تطرف على أى حال من الأحوال بل ستزيد قدرتنا على مواجهة هذا التطرف، ثالثاً المؤسسات الشبابية والثقافية وعليها ربط الشباب وخلق الوعى لديهم ضرورة حتمية.. رابعاً الإعلام ولدينا فيه وقفة 20 محطة تليفزيون محلية و76 محطة إذاعة محلية موجهة وغير موجهة و18 قناة مصرية خاصة و48 إصداراً صحفياً حكومة بخلاف الصحف الخاصة ومئات القنوات الأجنبية.. حينما كان الإعلام تقليدياً يعتمد على مرسل ومستقبل فقط داخل حدود الدولة نفسه، كان الأمر سهلاً، ولم يكن هناك اختراق للمجتمع المصرى ولا عاداته ولا تقاليده، ولكن منذ التسعينات أصبح الإعلام غير تقليدى، القنوات الفضائية على مساحة شاسعة من الكرة الأرضية فاختفت الحدود السياسية على المستوى الإعلامى، واختلطت القيم بين الدول والأقاليم ولكن النقلة الكبرى كانت مع التوسع فى استخدام الإنترنت وظهور فرع جديد يطلق عليه الإعلام الإلكترونى سرعة انتشار غير مسبوقة ولتوضيح سرعة الانتشار فإن الاذاعة استغرقت 38 سنة لكى تصل إلى 50 مليون مستمع والتليفزيون استمر 18 سنة ليصل إلى 50 مليون مشاهد، والإنترنت استغرق 4 سنوات فقط ليصل إلى 50 مليون نسمة، وأصبحت وسائل التواصل تستخدم كوسائل إعلام بالمخالفة لكل القواعد المهنية، 4 مليارات مستخدم للإنترنت على مستوى للعالم أكبر من اللى اعتنقوا الأديان السماوية و3 ونصف المليار شاب اقل من 30 سنة مشتركين فى هذه الشبكة، ويستخدم الفيسبوك حوالى 2,2 مليار نسمة كان فى 2009 مليون نسمة فقط، كل هذه الزيادات فى عشر سنوات فقط. لا شك أن كل هذه الوسائل لها مظاهر إيجابية كثيرة ولكنها أيضاً أفرزت سلبيات كثيرة خاصة فى الدول التى ينخفض فيها مستوى الوعى، كل هذه التطورات فى وسائل الإعلام أدت بنا إلى ظواهر خطيرة على المستوى الإعلامى والاجتماعى، وكان لها أثر لا يمكن إنكاره فى تضليل الرأى العام، ولم نتوقف عند هذا الحد خلال سنوات مقبلة سنشهد ما يسمى بالتليفزيون التفاعلى الذى بدأ استخدامه فى العالم منذ سنوات ويوشك استخدامه فى مصر وهو مزج بين مواصفات الكمبيوتر والتليفزيون ولن يكون هناك وقتها تزامن بين موعد البث ووقت المشاهدة، ولا ندرك ما هو الذى سيترتب على استخدام هذا الجيل الجديد من الإعلام لست هنا فى مجال عرض المشكلة فقط، ولكن للتأكيد على أهمية رفع الوعى عند البعض لمن يتركون عقولهم للتأثير على الإعلام الجديد، وهنا الكل مسئول.. الأسرة المدرسة، الجامعة، المجتمع كله، إن الوعى الحقيقى ليس جمادًا يتوقف عند مرحلة زمنية معنية وإنما يتطور بتطور الزمان والوعى سبب إدراكنا بأن الله هو خالق الكون، فالوعى هو الطريق الرئيسى الوحيد للإيمان الصحيح، إيمان بالله بالوطن والهدف وقدسية العمل وأمن المجتمع واستقراره، والإيمان بحق التنوع والاختلاف فى إطار القوانين المنظمة لذلك الوعى هو السلاح الرئيسى لمواجهة التطرف والإرهاب الوعى هو الطريق لحماية الأمن القومى المصرى هو الطريق الرئيسى للانتصار فى كل المعارك التى نواجهها والمشكلات التى تواجهنا والوعى المزيف هو الانحراف عن كل ما سبق.