لاقت الإشاعات رواجًا شديدًا بالمجتمع المصري على مدار ال10 سنوات الماضية، وتعد مواقع التواصل الاجتماعي أكبر مصدر لانتشارها، ولم تحظى على ثقة المواطنين فحسب، بل أيضًا تقوم بعض المواقع الصحفية والقنوات الفضائية بالنقل عنها وهو الأمر الذي يدل على انهيار المهنية والمصداقية والتحري على المعلومات. وقام شخص مقيم بالكويت يدعى "خالد عنخ أمون" وهو أسم حسابه عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، بنشر تغريدة بتعيين الدكتور المهندس محمد وجيه عبد العزيز وزيرا للنقل والمواصلات، وذلك بهدف تسليط الضوء على استغلال الجماعات الإرهابية لتلك المنصات الالكترونية لترويج الشائعات، وكانت الكارثة هي نقل عدد من الصحف والمواقع الإخبارية وأيضًا بعض القنوات الفضائية، بنشر الخبر على أوسع نطاق دون التأكد من صحة المعلومة. ومن جانبه، علق الدكتور محمود علم الدين، عضو الهيئة الوطنية للصحافة، على الواقعة، بأنها لقنت الصحفيين والإعلاميين درسًا قاسيًا. وأضاف علم الدين في تصريحه ل"بوابة الوفد"، أن تداول ذلك الخبر الكاذب يؤكد أن السوشيال ميديا تمثل خطرًا كبيرًا ولها تأثير شديد الفاعلية، لأنها وصلت لمرحلة من التصديق ليس لدى المواطن البسيط فحسب بل أيضًا لوسائل الإعلام. وتابع: أن وسائل الإعلام أصبحت تنقل الأخبار عن مواقع التواصل الاجتماعي دون فحص وتدقيق، مما يهدد مستقبل الصحافة والإعلام بمصر، مؤكدًا أن تلك الواقعة أكدت أن هناك نوعًا من الكسل والاستسهال يعكس درجة كبيرة من التراجع المهني وعد الاحترافية، وذلك لأن خبر مثل تعيين وزيرًا ما، لا يأخذ من تغريدة عبر تويتر، وإنما يجب الرجوع فيه لمجلس الوزراء. وشدد عضو الهيئة الوطنية للصحافة، بأنه لابد من التحقق والتأكد من صحة الخبر قبل نشره، مضيفًا أن الأجيال الصاعدة من الصحفيين لم يتعلموا القواعد السليمة للمهنة على، قائلًا: زمان كان الصحفيين يتعلمون على أيدي أسطوات، وأنا لو رئيس تحرير كنت رفدت من نشر هذا الخبر. وقال الدكتور حسن عماد مكاوي، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، إن من حق أي شخص أن يكتب ما يريد على حسابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي لأنها ليس عليه أية رقابة، ولكن المشكلة هي سقوط الإعلام في فخ الاستعانة ب"السوشيال ميديا" كمصدر للمعلومة. وأضاف مكاوي، أن واقعة تداول الخبر الكاذب، تدل على مدى التردي الذي وصل إليه الإعلام، فمن المفترض أن تكون القنوات والصحف هي مصدر معلومات مواقع التواصل الاجتماعي وليس العكس. وتابع: أن نشر ذلك الخبر الكاذب يدل على مدى استهانة بعض وسائل الإعلام والقنوات الفضائية بالمعلومة، مما يدعو إلى الحاجة الشديدة لتدريب وتأهيل الصحفيين والإعلاميين والتأكد من صحة المصادر. ولفت أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، إلى ضرورة توجيه اللوم للصحفي أو الإعلامي الذي نشر الخبر الكاذب على نطاق واسع، وأن تقوم تلك المؤسسات بالتحقيق معهم ومحاسبتهم، لأن ذلك تقصير شديد يعبر عن انعدام المهنية في الأداء. فيما قالت الدكتورة ليلى عبد المجيد عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة الأسبق، إن ذلك الموقف ضد المهنية وقواعدها، مضيفة أنهم كثيرًا ما نادوا ونبهوا أن مواقع التواصل الاجتماعي ليست مصدر للمعلومات ولا يصح إطلاقًا أخذ أخبار عنها، وهذا يدل على حالة من الاستسهال الذي تعاني منه المهنة. وتابعت: أنه يحتم على كل صحفي التأكد من الخبر قبل نشره، والتأخير أفضل كثيرًا من السبق ونشر معلومات خاطئة ثم يتم تكذيبها، ويجب التوقف عن الممارسات غير المهنية لانها تفقد ثقة القراء والجمهور في إعلامه. وشددت عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة الأسبق، على ضرورة الرجوع لأصول المهنة لأن ما يحدث شيء غير مقبول، مؤكدة أن أكبر عقاب هو استياء الجمهور وهذه مسألة خطيرة.