ذكرت صحيفة جارديان البريطانية، أن اثنا عشر زعيمًا انفصاليا كاتالونيًّا، ظهروا اليوم الثلاثاء، في المحكمة العليا في مدريد، لمحاكمتهم على أدوارهم المزعومة في أزمة الاستقلال الإقليمية التي زجت أسبانيا إلى أسوأ اضطرابات سياسية منذ أربعة عقود. وأضافت الصحيفة أن تلك المحاكمة أطلق عليها "أهم محاكمة منذ عودة إسبانيا إلى الديمقراطية" عقب وفاة فرانكو القائد العسكري الذى تولى رئاسة إسبانيا سابقًا، وستحقق الإجراءات في الأجزاء التي لعبها كبار السياسيين وقادة المجتمع المدني في الفترة التي تسبق استفتاء الاستقلال في أكتوبر 2017 وما تلاه من إعلان الاستقلال من جانب واحد. كما أوضحت الصحيفة أنهم تسعة المتهمين، ومن بينهم نائب الرئيس الكاتالوني السابق أوريول جونكويراس والمتحدثة السابقة للبرلمان الكاتالوني كارم فوركاديل، واثنين من الناشطين القياديين المؤثرين هما جوردي كويكسارت وجوردي سانشيز الذي يقضي عقوبة بالسجن تصل إلى 25 سنة، وتشمل التهم الأخرى الفتنة وسوء استخدام الأموال العامة. ومن المتوقع أن تستمر المحاكمة التي بدأت بعد الساعة العاشرة من صباح اليوم الثلاثاء وتبث على شاشات التلفزيون ثلاثة أشهر، سوف يحاكم المتهمين من قبل سبعة قضاة المحكمة العليا. وستركز القضية مرة أخرى الاهتمام الدولي على التوترات المستمرة بين حكومة مدريد وحكومة كاتالونيا الإقليمية المؤيدة للاستقلال. كما ستتركز الإجراءات على قرار الحكومة الكاتالونية آنذاك بإجراء الاستفتاء، على الرغم من التحذيرات المتكررة بأنها ستنتهك الدستور الذي يؤكد "وحدة الأمة الإسبانية التي لا تنفصم". أوضحت الصحيفة أن الرئيس الكاتالوني كويم تورا وصل إلى المحكمة بوسط مدريد قبيل الساعة 9:15 صباحًا، وكان وجود الشرطة المكثف للغاية متزامنًا مع بدء إجراءات المحاكمة. وقال المحامي جونرياس أندرو فان دين ايند للمحكمة "لا قانون دولي أو قانون بالاتحاد الأوروبي يمنع انفصال كيان إقليمي، وتقرير المصير مرادف للسلام وليس الحرب". و أضاف فان دن إيندي الذي يمثل أيضًا وزير الخارجية الكاتالوني السابق راؤول روميفا، إن حق موكليه في حرية التعبير قد انتهك، وأن الساحة السياسية هي مساحة حرة، وتمتد حرية التعبير حتى إلى تلك الأفكار التي تثير الصدمة والإهانة." يذكر أنه على الرغم من أن الأحزاب الكاتالونية المؤيدة للاستقلال لم تنجح أبدًا في الفوز بنسبة 50٪ من الأصوات في البرلمان الإقليمي، وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي تشير باستمرار إلى أن كتالونيا منقسم بالتساوي حول مسألة الاستقلال، إلا أن حكومة الرئيس الكاتالوني السابق كارليس بويجديمون اختارت أن تضغط قدمًا في التصويت. وقد تمكنت الأحزاب المؤيدة للاستقلال من الحصول على قانون يمهد الطريق للاستفتاء الذي تم تمريره في البرلمان الإقليمي في أوائل سبتمبر 2017، على الرغم من الاعتراضات الغاضبة من نواب المعارضة الذين اشتكوا من أن الإجراءات المعتادة قد تم تجاهلها. وبعد ثلاثة أسابيع، في 1 أكتوبر الماضى عقدت الحكومة الكاتالونية الاستفتاء الذي واجه العنف من ضباط الشرطة الإسبانية الذين اقتحموا مراكز الاقتراع، وأطلقوا الرصاص المطاطي أثناء محاولتهم وقف التصويت. ووفقًا للحكومة الكاتالونية شارك في الاستفتاء حوالي 2.3 مليون من الناخبين المسجلين في كتالونيا البالغ عددهم 5.3 مليون، وحصل حوالي 90٪ من المشاركين على استقلالهم. في 27 أكتوبر وبعد وقت قصير من تصويت أعضاء البرلمان، فازت الحكومة الإسبانية لرئيس الوزراء آنذاك ماريانو راخوي بدعم من مجلس الشيوخ لإقالة بويغديمونت وحكومته والسيطرة المباشرة على كاتالونيا.